أعاد إلغاء انعقاد أول مجلس وزراء الذي كان من المقرر أن يترأسه بوتفليقة، أمس، بعد غياب دام 5 أشهر، الحديث عن الوضع الصحي لرئيس الجمهورية إلى الواجهة من جديد. يعتقد عبد العالي رزاقي أن تأجيل تاريخ انعقاد مجلس الوزراء، كان مناورة من طرف الرئيس بوتفليقة، الذي أراد من عملية الإعلان عن انعقاده ومن ثمة الإعلان مرة أخرى عن تأجيله إلى تاريخ لاحق، بهدف جس نبض الرأي العام ورد فعل من طرف خصومه في الشارع ولدى الطبقة السياسية وربما داخل الحكومة ودهاليز السلطة. واستبعد رزاقي في تصريح ل"الشروق" أن يكون الوضع الصحي للرئيس وراء تأجيل مجلس الوزراء، معتبرا في الوقت ذاته أي حديث عن تفعيل المادة 88 من الدستور لم يعد له أي معنى، مادام لم تفعل هذه المادة خلال الفترة التي كان فيها الرئيس بوتفليقة غائبا عن أرض الوطن . من جهته، انتقد القيادي في حركة النهضة محمد حديبي، الطريقة التي تسير بها الدولة، وقال "أن ثقافة تسيير الدولة غائبة في الجمهورية الجزائرية بعد 50 سنة من الاستقلال"، وأبرز "أن تعامل السلطة مع مجلس الوزراء أعاد البلاد إلى نقطة الصفر، وعلينا كما قال البحث عن آلية ليس لحل مشاكل الشعب والأمة، ولكن لمعرفة كيف نعقد اجتماعا من الناحية الشكلية فقط". ويرى الناطق باسم حركة النهضة أن الجزائر قد دخلت بصفة رسمية وفعلية في مرحلة خطيرة في تسيير مؤسساتها والاستهتار بالقيم والأعراف، بعد أن تم تعطيل البرلمان الذي يعتبر السلطة التشريعية والرقابية للدولة، وبعد تعطيل السلطة القضائية، وحان الوقت الآن دور تعطيل السلطة التنفيذية، من خلال تعطيل مجلس الوزراء والذي يعتبر الآلية السياسية رقم واحد في تسيير شؤون البلاد، لتكتمل بذلك يضيف المتحدث ملامح صورة تعطيل العمل بالدستور، ما يحول تسيير الدولة إلى علامة استفهام كبيرة ومجهولة ولا جهة سياسية تتحمل مسؤوليتها؟ وجدد حديبي مطالبة حركته بالشفافية في تسيير أمور البلاد، خاصة ملف صحة الرئيس. أما رئيس حزب "جيل جديد"، جيلالي سفيان، فيرى أن إلغاء اجتماع مجلس الوزراء، بعد أن تقرر انعقاده أمس، دليل واضح على أن الجزائر دخلت في مرحلة تفكيك المؤسسات، وفقدان هيبة الدولة، وأضاف أن هذا ما كان له أن يكون لولا "تاغنانت" كبار المسؤولين في جهاز الدولة، وإصرارهم على بقاء بوتفليقة رئيسا بأي ثمن. وتابع المتحدث في تصريحات ل"الشروق" أن البلاد اليوم أمام واقع لا ينكره أحد، مفاده أن جميع مؤسسات الدولة الجزائرية أصيبت بالشلل والجمود، بسبب شلل الرئيس بوتفليقة، الذي يعتبر حسبه المسؤول الأول عن عدم انعقاد مجلس الوزراء منذ أكثر من ثمانية أشهر كاملة، رغم وجود ترسانة من مشاريع القوانين تنتظر المصادقة عليها. وتأسف جيلالي سفيان عن "ربط مصداقية الدولة برجل مريض، ما جعل البلاد معرضة حسبه لأكثر من خطر"، معربا في نفس الوقت عن أمله في أن يعلن الرئيس بوتفليقة استقالته من الحكم الذي قضى فيه أكثر من 14 سنة، ويستدعي انتخابات رئاسية مسبقة، حفاظا على الدولة، عوض أن يحمل نفسه ما لا طاقة لها به.