تجمع أغلبية النساء العاملات على أنهن يعانين في البحث عن مربيات قادرات على تأمين الرعاية لأبنائهن، وسط ارتفاع الأتعاب الشهرية التي قفزت هذا الموسم إلى مستوى مليون سنتيم للطفل الواحد بالعاصمة. "أكاد أقتسم مع المربية مرتبي الشهري، وأصدقكم القول أنه لولا حاجتي إلى المرتب لاستقلت وربّيت أبنائي بنفسي"، "أدفع 6000 دينار وأزوّدها يوميا بأكل الصغير، لكنني مجبرة فلا بديل لي عن المربية التي أتعامل معها برفق شديد حتى لا ترفض رعاية صغيري"، هما شهادتان من بين كثير رصدناها ونحن نستطلع آراء عدد من الأمهات الشابات حول مشكل الرعاية النهارية لأبنائهن وشبح "لانوريس" الذي بات يؤرق حياتهن بداية كل دخول اجتماعي. فرض خروج الجزائرية إلى العمل مسألة إيجاد بديل عنها لأبنائها الصغار، والممثل في شخص يرعاهم خلال فترة تواجدها بمقر عملها. وفي ظل تغيّر الظروف الاجتماعية واستقلال الأزواج بسكنات خاصة بهم، خلافا لما كان سائدا من قبل واقتسام البيت العائلي الكبير، بات لزاما على الأمهات حديثات العهد بالولادة إيجاد بديل عن الجدّة التي كانت تتولى رعاية أحفادها في غياب أمهم، وتمثل ذلك البديل في نساء غريبات عن الأسرة، اتفق على تسميتهن "لانوريس"، أكدت لنا بعض النسوة أنهن بتن يشكلن عنصرا مهما لدى العائلة "كيف لا وقد أوليت لهن رعاية فلذات أكبادنا"، تقول "حياة"، مديرة موارد بشرية بإحدى الشركات الخاصة، والتي شهدت أنها عانت الأمرّين وهي تجدد كل سنة البحث عن مربية تليق بصغيريها "معاذ" و"إيناس" 3 و4 سنوات. مليون سنتيم والنتيجة تسمم غذائي عن مغامراتها مع المربيات منذ بلوغ ابنها 6 أشهر، تقول "حياة" إنها عانت الأمرّين "ما عنديش الزهر مع المربيات"، فمن التي تترك الصغار لابنتها التي لا تتجاوز ال16 سنة وتخرج لقضاء حاجياتها يوما كاملا، إلى التي تتركهم بالحفاظة طيلة النهار، ما يتسبب لهم في طفح جلدي مزمن. ورغم أن كليهما كانتا تتقاضيان مبلغ 6000 دينار عن الصغير، قررت مضاعفة السعر لمن تعتني بصغيري خاصة أني وضعت ابنتي بالروضة". وتضيف قائلة إنه حينما سمعت بالمربية "فلانة" التي توفر للصغار مختلف وسائل الراحة ببيتها الواسع، لم تتردد في دفع 10 آلاف دينار شهريا، خاصة أنها كانت تزود الآباء بداية كل أسبوع بقائمة الوجبات الرائعة، لكنها كانت تتفاجأ بعدم تطابق ما يتناوله ابنها مع المذكور بالقائمة.. "وبعد ثلاثة أشهر من الرعاية أصيب صغيري بتسمم غذائي نتيجة تناوله بيضا مسلوقا فاسدا.. وهو ما أكده لي الطبيب، لأقرر سحبه من مربيته وأبدأ من جديد رحلة بحث أخرى". مساعدة أم بزنسة؟ علمنا لدى استفسارنا عن الأسعار المفروضة من قبل المربيات، أنها لا تقل عن 6000 دينار مقابل الاحتفاظ بالصغار الذين تقل أعمارهم عن ال6 سنوات داخل مساحة لا تتعدى الأربعة أمتار على ثلاثة، في حين لا تقل أسعار رعاية المتمدرسين الذين يقصدون بيت المربية ما بين منتصف النهار والثانية زوالا للغداء عن 3000 دج، وعن ذلك أكدت لنا السيدة صفية أم لثلاثة أطفال، اثنان منهم متمدرسان، أنها أودعتهم لدى مربية تأخذ عن المتمدرسين 3500 دج، في حين تأخذ عن ذي الثلاث سنوات 6 آلاف دج، لكن مقابل ذلك لا يتجاوز الصغار حدود المطبخ الذي يتناولون به غداءهم ويلعبون وينامون كذلك به "حتى تبقى غرف البيت نظيفة"، تقول محدثتنا.