في سابقة هي الأولى من نوعها، بدأ برلمان ليبيا مناقشة الاستعانة بقوات حفظ سلام أجنبية، في وقت شددت فيه الحكومة على التعاون مع مصر في مسألة تأمين الحدود بين البلدين. وتشهد ليبيا اضطرابات مستمرة منذ الإطاحة بالنظام السابق. وانتشرت قوات أمنية في بنغازي أمس بعد تعرض سيارة ضابط للتفجير، بينما نفت الحكومة إطلاق نار على مقرها في طرابلس الغرب. وناقش المؤتمر الوطني العام (البرلمان) في ليبيا إمكانية الاستعانة بقوات أجنبية لمساعدة السلطات المحلية على فرض الاستقرار والأمن بعد أكثر من عامين على الإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي. وكان «المؤتمر» الذي اجتمع بمقره الرئيس في طرابلس أمس يناقش الأوضاع الأمنية التي تمر بها البلاد، حيث استعرض فقرات من تقرير المخابرات الليبية حول الوضع الأمني بالجنوب، قبل أن يقترح أحد الأعضاء بشكل مفاجئ فكرة جلب قوات أجنبية للمساهمة في فرض السيطرة الأمنية للدولة الليبية على المناطق كافة. وقال مكتب إعلام المؤتمر في صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» إن محمد التومي، عضو المؤتمر طالب بدعوة قوات من دول صديقة إسلامية للمساعدة على بسط الأمن، ومنع عرقلة الطريق أمام ثورة 17 فبراير( شباط) 2011، مشيرا إلى أن التومي تقدم أيضا بمذكرة طالب فيها بالاجتماع العاجل مع الحكومة التي يترأسها الدكتور علي زيدان ومطالبتها بوضع جدول زمني لحل القضايا الأمنية كافة وتفعيل دور الجيش والشرطة. وقال أعضاء في المؤتمر، ممن حضروا جلسة أمس، في اتصال مع «الشرق الأوسط» إن هذه الفكرة يصعب القبول بها في الوقت الراهن بسبب حساسية الشارع الليبي تجاه الاستعانة بخدمات الأجانب في عملية حفظ الأمن. وعلى الصعيد الأمني، نفى مكتب زيدان ما بثته إحدى القنوات الفضائية العربية أمس عن تعرض مقر رئاسة الوزراء في طرابلس لإطلاق نار. وقال في بيان إنه «ينفي جملة وتفصيلا ما تناقلته بعض وسائل الإعلام في هذا الصدد»، لافتا إلى أن كل ما حصل هو تبادل لإطلاق النار ليلة أول من أمس إثر مشاجرة في أحد الشوارع الذي يبعد نحو كيلومتر عن مبنى الحكومة. وبموازاة ذلك، أعلنت مديرية الأمن الوطني في مدينة بنغازي بشرق البلاد عن خطه لنشر 1435 شرطيا سيجري توزيعهم لحفظ الأمن في المدينة. ونقلت وكالة الأنباء المحلية عن العقيد عبد الله الزائدي، الناطق باسم الغرفة الأمنية المشتركة، قوله إن المديرية باشرت نشر نحو 150 شرطيا بمنفذ مطار بنينا الدولي لمراقبة عملية دخول وخروج المسافرين. وجاء هذا الإجراء بعدما انفجرت عبوة ناسفة مساء أول من أمس في سيارة ضابط صف بالجيش الليبي برتبة «رئيس عرفاء» تابع لسلاح الصواريخ في بنغازي. من جانبه، أكد محمد عبد العزيز وزير الخارجية والتعاون الدولي الليبي عقب لقائه مع وزير الخارجية المصري نبيل فهمي بالقاهرة أمس، على استمرار التعاون مع مصر في جميع المجالات. وشدد على التعاون في مجالات تأمين الحدود بين وزارتي الدفاع والداخلية وأجهزة المخابرات في البلدين. وقال في تصريحات عقب اللقاء مع نظيره المصري إنه بحث أيضا ملف التعاون القضائي وتسليم أعوان النظام الليبي السابق في مصر واسترداد أموال نظام القذافي في مصر. وشدد الوزير الليبي على أهمية دور العمالة والشركات المصرية في عملية إعادة إعمار ليبيا، مؤكدا على مواقف بلاده الداعمة لمصر في المحافل الإقليمية والدولية في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها وبما يضمن عدم اتخاذ أيه مواقف تتعارض مع إرادة الشعب المصري. وبحث فهمي مع عبد العزيز العلاقات الثنائية بين البلدين وكيفية تعزيزها ودفعها للأمام في كل المجالات «بما يخدم مصالح الشعبيين الشقيقين». وتحدث الوزير الليبي عن تعاون بلاده مع الاتحاد الأوروبي لمراقبة وضبط الحدود. وذكر المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، في بيان صحافي، أن فهمي نقل خلال اللقاء الأولوية البالغة التي توليها مصر لعلاقاتها مع ليبيا والحرص على دفعها للأمام باعتبارها دولة جوار،أآخذا في الاعتبار العلاقات التاريخية وروابط الدم التي تجمع بين شعبي البلدين. وقال المتحدث إن الوزيرين اتفقا خلال اللقاء على المضي قدما في توسيع العلاقات الاقتصادية والتجارية والثقافية والأمنية بين البلدين، بما في ذلك فتح الأسواق الليبية أمام الشركات والسلع المصرية، والاستفادة من الخبرات المصرية في مجالات التدريب وبناء المؤسسات في مختلف القطاعات، والعمل على مزيد من ضبط الحدود بين البلدين. كما جرى الاتفاق على تعميق المشاورات السياسية بين البلدين في المحافل الإقليمية والدولية تجاه القضايا محل الاهتمام المشترك، فضلا عن النظر في إمكانية الدخول في برنامج للتعاون الموجه للقارة الأفريقية.