فتح حسن عبد الرحمان، المتحدث الإعلامي لحركة "إخوان بلا عنف"، المنشقة عن جماعة الإخوان المسلمين، النار على قيادات الجماعة واتهمها بتأجيج الأزمة في مصر، من خلال إعطاء الأوامر لأعضائها بممارسة العنف وإرهاب المواطنين. كما أدان استمرار اعتقال وإلقاء القبض على جميع المنتمين لتنظيم الإخوان، والتي وصفها ب«العشوائية". وقال حسن عبد الرحمان، في حوار ل«الخبر"، إنه لا مجال لعودة الرئيس المعزول محمد مرسي إلى الحكم مرة أخرى. كما أكد رفضه للنظام الحالي الذي يستعد، حسبه، لإحياء العصا الأمنية التي تمثل القمع والاستبداد، وإعادة إنتاج سياسات النظام السابق لاضطهاد الجماعة. *ماهي الدوافع التي جعلتكم توافقون على الحوار والمصالحة الوطنية مع النظام الحالي؟ - لقد وافقنا على المشاركة في الجلوس على طاولة المفاوضات بشرط ألا يكون بشروط مسبقة، وأن يتم طرح جميع البدائل والسبل للخروج من الأزمة الحالية. ولدينا ثلاثة مطالب أساسية وهي: الإفراج عن كافة المعتقلين الذين تم اعتقالهم عشوائيا، وعدم ملاحقة أيا من القيادات التي لم تتورط في إراقة الدماء أو التسبب في أعمال عنف، والسماح لنا بالمشاركة في العمل السياسي. *وماذا عن مصير الرئيس السابق مرسي. لمَ لم تدرجوه ضمن مطالبكم؟ - الدكتور محمد مرسي لن يعود إلى الحكم مرة أخرى، أردنا ذلك أم لم نرد، لكن هناك فرصة لتعود جماعة الإخوان بقوة، وأن ترشح ممثلا عنها في الانتخابات الرئاسية القادمة، وأن يكون شخصا إصلاحيا يعرف كيف تدار الدولة، وكذا الانتخابات البرلمانية حتى نثبت تواجدنا في المجتمع المصري، لكن غياب تلك القيادات عن رؤية المشهد بالكامل سيؤدي إلى تفاقم الأزمة، وانهيار الجماعة ولن يكون لها دور في المرحلة المقبلة. *لكن هناك بعض الأصوات تطالب بمنعكم من التواجد في المشهد السياسي، ويقولون إنكم انتهيتم سياسيا، ما ردّك؟ -جماعة الإخوان المسلمين لم تنته، وهي موجودة في كل مكان وفي كل أسرة في مصر، ومطالبة بعض الأصوات التي تقول إنها نخبة بعزلنا مرفوض جملة وتفصيلا، وهم من كانوا يقولون إنه لا يجوز عزل أعضاء الحزب الوطني جميعا لأنهم لا يشتركون في الفساد، كذلك الوضع لأعضاء الجماعة، ليس كل من ينتمي إليها شارك في العنف أو القتل أو الحرق، ونحن كحركة "إخوان بلا عنف" رفضنا الاشتراك في أي أحداث عنف أو اعتصامات، وأجبرنا الشباب على عدم النزول في المظاهرات المقبلة، ليس لحماية النظام الحالي، ولكن لحماية الجماعة وتاريخها ومستقبلها، لأن إصرار وغباء بعض القيادات على المواجهة أدى إلى انهيارها، ونحن كشباب ننقذ ما يمكن إنقاذه، ولا يجوز لأي قوة سياسية، مهما كانت قوتها على الأرض، أن تستبعد الإخوان، مهما حاولوا تشويه تاريخنا، لأننا من نسيج المجتمع المصري. صحيح أن بعض القيادات أخطأت ونحن من كشف ذلك، وكشفنا عن وجود أسلحة في اعتصام رابعة العدوية، وتقدّمنا ببلاغ للنائب العام ضد بعض القيادات التي تعطي الأوامر لفرقة 95 بالتدخل، لأننا نريد إصلاحا حقيقيا للجماعة من الداخل حتى يعود الفكر الإصلاحي مسيطرا على الجماعة مرة أخرى، والتخلص من بعض القيادات المتشددة المتطرفة التي تأخذ بمبدأ الإمام الشهيد سيد قطب، وقد أخطأوا في فهم منهجه في مفهومه للإسلام والجماعة، ساهمت في ضياع مستقبل أقدم جماعة في الشرق الأوسط والعالم، لذلك نريد تشكيلات جديدة وقيادات إصلاحية تعود بالجماعة إلى ما كانت عليه من ثقة تتمتع بها في الشارع، ولكن القيادات الحالية بمفهومها الجديد، مفهوم وسطي للإسلام والابتعاد عن العنف والتبرؤ من الجماعات التكفيرية والجهادية التي انضمت مؤخرا للقيادات، ولا تعرف مفهوما للإسلام. *ومن تقصد بالقيادات المتطرفة؟ - كل من تورطت أيديهم في الدماء، ومن تم القبض عليهم التابعون لفكر الإمام سيد قطب الذي أخطأوا فهمه، على رأسهم الدكتور محمد بديع والشاطر وحسن البرنس. داخل الجماعة كان هناك تياران يتصارعان: تيار إصلاحي وآخر محافظ. التيار الإصلاحي المتسامح المتمسك بمبادئ حسن البنا، ومفهومه في التعامل مع الآخر من منطلق الحرص على إقامة صلة بين كافة المسلمين، أما المحافظ أخذ ببعض أفكار سيد قطب، بمعنى أن كل من يخالفك الرأي هو كافر وملحد يهدر دمه، ولذلك طوال العشر سنوات الأخيرة حاولت تلك القيادات، ونجحت بالفعل في السيطرة على كافة المناصب الهامة داخل الجماعة، وبالتالي نجحوا في استبعاد أي صوت إصلاحي ينادي بمراجعة حقيقية. كنا في الحكم منذ أشهر معدودة، ونحن اليوم نطارد بالتهديد والتلويح بوضعنا على لائحة المنظمات الإرهابية. في عصر المخلوع كانوا يطلقون علينا الجماعة المحظورة، أما في هذا العصر سيطلقون علينا الجماعة الإرهابية، لذا يجب أن يثور جميع من في الإخوان المسلمين ضد تلك القيادات وأن يحافظوا على تاريخها. لا سمع وطاعة في الدماء وقتل المسلم، والدعوة للعنف وإطلاق النار. تلك القيادات شوّهت بالكامل صورتنا، وناشدناهم بعدم إعطاء أموار بممارسة العنف، لذا نحن نحتاج إلى مراجعة حقيقية للإخوان المسلمين وتعديل في اللائحة، حيث إنه ليس من المعقول أن جميع أعضاء مكتب الإرشاد من كبار السن، وأين المرأة والشباب في ذلك؟ لم يتم تعديل لائحة الإخوان منذ أكثر من أربعين عاما، وبالتالي نريد إخراج الجماعة من حالة الجمود الفكري والانعزال الداخلي إلى حالة الحوار البناء مع كافة أطياف المجتمع، وتغيير الخطاب التحريضي إلى خطاب تسامح، حتى يشعر المواطن بأنه من الممكن أن تؤدي الجماعة دورا تاريخيا واقتصاديا وثقافيا في المرحلة المقبلة، وألا نستعدي جزءا كبيرا من الشعب المصري يرى بأن القوات المسلحة هي الأمينة على البلاد، وجماعة الإخوان ترغب في الهيمنة والسلطة، لذلك نحتاج إلى فترة زمنية حقيقية يتم من خلالها تغيير الخطاب الديني وتصحيح ما تم هدمه بسبب تلك القيادات. *هناك من المتتبعين للمشهد من يقول إن اعتقال القيادات أربك صفوفها، ما صحة ذلك؟ -حتما لا لن يؤثّر على صفوفنا، لأن هذه القيادات فقدت كل الشرعية وهي المسؤولة على كل ما حدث للإخوان من انتكاسة، بتصرفاتهم غير المسؤولة، وطالبوا منا التوجه إلى دار الحرس الجمهوري، وهناك من رفض المشاركة في المسيرات، بسبب إصرارهم على العنف والتصعيد. ونحن الشباب ثرنا على قياداتنا، وهذا لم يحدث منذ ثمانين عاما، حيث إن جميع الأعضاء ملتزمون التزاما بيمين السمع والطاعة العمياء للقيادات، ونحن لم نخرج عن ذلك إلا لإنقاذ الجماعة من تصرفات تلك القيادات التي تناست تعاليم الإمام الشهيد الحسن البنا الذي قاد وأسس الجماعة، وإعطاء غطاء شرعي لأحداث العنف. نحن نعترف بشرعية الدكتور محمد مرسي كرئيس للبلاد، ولسنا مع النظام الحالي.. هذا شيء مؤكد، لكن في الوقت ذاته لا يعني إسقاط مرسي إسقاط جماعة الإخوان كاملة. ومع احترامنا الشديد له إلا أنه فرد من أفراد الجماعة، ولا يجب أن نضحي بتاريخ الإخوان من أجل حماية شخص، لأن استمرار النهج الحالي سيؤدي إلى انهيار النظام بكامله. *أعلنت رفضكم تعيين محمود عزت مرشد عام مؤقت، ما سبب ذلك؟ -الدكتور محمود عزت مسؤول أيضا، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، على أعمال العنف الأخيرة، باعتبار أنه كان نائبا للمرشد العام، وكان قائد الجناح العسكري ويتولى متابعة وتنفيذ العمليات. كما أن التنظيم الدولي لم يستطلع رأينا وفرضه علينا، وعليه نعكف حاليا، نحن شباب الإخوان، على إجراء سلسلة من المشاورات مع سبعة من شيوخ الجماعة لتولي الإدارة لحين يتم إجراء الانتخابات. *وما تعليقك على إخلاء سبيل الرئيس المخلوع حسني مبارك؟ -إخلاء سبيل مبارك دليل قاطع على عودة النظام القديم، وأن القائمين على الأمر لا يريدون إبعاده، وقد بدأت الحكومة المؤقتة في ذلك فعليا، بإعادة وزير النقل في عهد مبارك إلى منصبه، وهو المسؤول الأول عن حادث قطار الصعيد أيام المخلوع. وبالتالي خروج مبارك حاليا ووضعه تحت الإقامة الجبرية مؤشر خطير أن النظام السابق الفاسد سوف يعود من جديد. وفي المقابل، هناك اعتقالات عشوائية لقيادات الجماعة، واقتحام بيوت وقمع وملاحقات أمنية للعديد من الأعضاء لم يتورطوا في العنف مطلقا، ولكن تهمتهم الوحيدة أنهم ينتمون للجماعة، وهذا الأمر يساهم في تفاقم الأزمة، وقد تم القبض على 600 عضو في الجماعة لم يتورط أيا منهم في أعمال عنف. ويبدو أن النظام الحالي يستعد لإحياء العصا الأمنية التي تمثل القمع والاستبداد، وإعادة إنتاج سياسات النظام السابق لاضطهاد الجماعة. نحن شباب الجماعة نقول ونؤكد أن قياداتنا متورطة في التحريض على العنف، ونعترف بذلك، لكن المسؤولية شخصية. وتطبيق العقاب الجماعي على كل من هو في جماعة الإخوان المسلمين، هذا الأمر ليس بثورة مطلقا. هؤلاء تهمتهم الوحيدة في السجون والمعتقلات أنهم ينتمون إلى ما يسمى ب«التنظيم الإرهابي"، ومن ثمة الحكومة الحالية تستعد وتقول بأن جماعة الإخوان تنظيم إرهابي.. هذا ظلم وبهتان، الجماعة ظلت طوال 80 عاما تقدّم خدمات جليلة للمجتمع المصري. *وفي المقابل، تطالب العديد من القوى الثورية بوضع الجماعة في قائمة المنظمات الإرهابية، وتقول إن التنظيم الدولي من يحرّككم، ما ردّك؟ -هذا الأمر لم يحدث في التاريخ، لماذا هذا التمييز العنصري؟ لدرجة أنه كل من يمشي في الشارع هو متهم بأنه إخواني، وكأن كلمة إخواني تستعدي الشارع. لا نعرف أن نسير بمفردنا في الشارع بسبب ما حدث، وهناك كره من قطاع عريض من الشعب ضد الجماعة، نعترف بذلك، ونجح في ذلك النظام الحالي الذي صور بأن جماعة الإخوان جماعة شيطانية. صحيح أننا نتبع التنظيم الدولي، وهذه حقيقة، لكن نتبعه تنظيميا وليس إقليميا. عندما أصدر التنظيم الدولي قرارا بتعيين الدكتور محمود عزت مرشدا عاما مؤقتا رفضنا ذلك، وقلنا إنه يجب على التنظيم ألا يتدخل في شؤون الجماعة في مصر، لأننا نحن من يختار مرشدنا الأعلى ومكتب الإرشاد ومجلس شورى الإرشاد، ولا شأن للتنظيم الدولي في الأمور التنظيمية والقيادية. ولذلك تصدير وتصوير المشهد للمجتمع العربي بأن جميع من في الإخوان هم خونة وعملاء لأمريكا هذا خطأ جسيم، ويؤدي إلى مزيد من إراقة الدماء. وعندما دعانا السيسي للحوار رحبنا، وطالبنا بوقف الملاحقات الأمنية وعدم استخدام العنف.. كيف يطلبون منا الجلوس على مائدة واحدة ويتم اعتقال شبابنا بتلك الصورة التعسفية؟! في الآونة الأخيرة تم قتل 25 جنديا في رفح. نحن نقول إنهم جنود أبرار وندين مقتلهم، لكننا نريد إدانة قتل 36 من شباب الإخوان الذين قُتلوا أثناء ترحيلهم لسجن أبو زعبل. نريد الكشف عن الحقيقة، وأن يتم تغيير الخطاب الإعلامي الموجه للشعب المصري بالنسبة للجماعة.