خلال الأسبوع الماضي، اتفق المشرعون ومحللو السياسة الدولية على تكرار مقارنة الأزمة الحالية في مصر بما وقع في الجزائر. السيناتور ليندساي غراهام قام بربط المقارنة ثلاثة مرات ، يوم الأحد الماضي خلال ظهور تلفيزيوني لمدة سبعة دقائق على برنامج "واجه الأمة" (على قناة سي بي إس). "هذا الانقلاب- وهو في الحقيقة انقلاب- يحظى بدعم شعبي كبير"، يقول السيناتور الجمهوري عن ولاية كارولينا الجنوبية". "لكن يبقى السؤال إلى أين يتجه الوضع؟ إنه يتجه إلى تكرار ما حدث في الجزائر". هذه المقارنات تقود إلى التساؤل: لماذا الجزائر؟ هذا البلد الشمال إفريقي لم يتصدر عناوين الصحف، ولم تكن به أي مظاهرات في العاصمة الجزائر. بالأحرى يبدو بأن الصراعات الحاصلة أو التي تتطور في سورية وتونس أمثلة أفضل للمقارنة. غير أنه لا يوجد في مصر انقسام طائفي مثل سورية. أما تونس فليس بها جيش يتدخل في السياسية. المقارنة بالجزائر تبدو أكثر منطقية رغم أنها تعود إلى الوراء قليلا للنبش في التاريخ. بالعودة بعقارب الساعة إلى الوراء إلى عام 1991، وأول انتخابات جزائرية تصاحبها احتجاجات. آنذاك واجهت جبهة التحرير الوطني، التي سيطرت على البلاد خلال عقود، واجهت تحديا جديا من قبل جبهة الإنقاذ الإسلامية. الإسلاميون الذي كانوا يحظون بدعم شعبي كبير فازوا بأغلبية مهمة من المقاعد خلال الدور الأول من الانتخابات البرلمانية. التخوف من أن يهيمن الإسلاميون على النظام دفع الجيش إلى القيام بانقلاب وإلغاء الدور الثاني من الانتخابات. تم حظر جبهة الإنقاذ الإسلامية واعتقال قياداتها. الحملة التي قادها الجيش أدت إلى نشوب حرب أهلية. خاض الإسلاميون والمتطرفون تمردا مسلحا ضد الحكومة الجزائرية المدعومة من قبل الجيش لمدة عشر سنوات، فترة يشار لها اليوم في بعض الدوائر باسم "العشارية السوداء". الصراع الذي انتهى في سنوات 2000 غير أن بعض المجموعات الراديكالية المعادية للنظام والمتحالفة مع تنظيم القاعدة لا تزال نشطة. في المحصلة خلفت الاضطرابات حوالي 150.000 قتيل. أوجه التشابه مع مصر الحالية هي جد صارخة. فقد أرغمت الاحتجاجات الشعبية الرئيس حسني مبارك الذي عمر طويلا في السلطة على التنحي عام 2011. خلال أول انتخابات تشريعية نزيهة في تاريخ البلاد فاز الإخوان المسلمون بأغلبية المقاعد. أحد قادة الجماعة، محمد مرسي، انتخب في ما بعد رئيس لمصر. سير مرسي مصر لمدة عام واحد لكن تمت إزاحته الشهر الماضي في انقلاب عسكري. منذ ذلك الحين لم يتسامح الجيش مع الاحتجاجات المناوئة له وقتل أكثر من ألف شخص في الحملة التي شنها في فترة ما بعد الانقلاب. "إذا كانت مصر ستتحول إلى الجزائر سوف نشهد قريبا على مزيد من الاعتقالات ومزيد من العنف"، يقول غيلوت أبرامز، أحد كبار الباحثين في شؤون الشرق الأوسط بمجلس العلاقات الخارجية. "فقط أنظر إلى كيف يتعامل الجيش والشرطة مع المحتجين من أنصار مرسي. أنظر كيف يمنعونهم من التنقل حيث يريدون، وكيف يعنفونهم ويضعونهم في السجن". ويخشى أبرام وخبراء آخرون كذلك أن تقود الحملة المستعرة إضافة إلى طول مدة عدم الاستقرار إلى تطرف الإسلاميين وإلى مزيد من عمليات الإرهاب بالمنطقة. "سيعطي ذلك فرصة للقاعدة لتجنيد وتدريب مقاتلين، وإلى اكتساب قدرات عملياتية ستسمح لها بعد ذلك بضرب أهداف بالغرب"، يقول فالي نصر، وهو مستشار سياسي سابق بكتابة الدولة الأمريكية في الخارجية وعمل في إدارة الرئيس باراك أوباما، خلال حوار مع برنامج "وجها لوجه". ما يؤكد هذه المخاوف ،ربما، هو وجود تصاعد في نشاط الجماعات الإسلامية المسلحة في شبه جزيرة سيناء، التي يزداد فيه غياب حضور الأمن، مثل الهجوم الذي طال يوم الاثنين 25 شرطيا، كانوا خارج الخدمة، أو الصاروخ الذي أطلق على بلدة "إيلات" الإسرائيلية. ترجمة سعد الدين لمزوق- (مغاربكم)