فجرت انتكاسة التحول الديمقراطي في مصر، جراء الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس المنتخب، محمد مرسي، جملة من التساؤلات حول تداعيات ذلك على ما يعرف ب "الربيع العربي" وعلى الحركة الإسلامية في الجزائر. وتبرز أهمية مناقشة هذه الإشكالية في كون التجربة الجزائرية تلتقي مع نظيرتها المصرية في الكثير من التقاطعات، سيما في الجانب المتعلق بالأحزاب السياسية المعتمدة ذات الخلفية الإسلامية، والتي تستمد مرجعيتها من أدبيات "الإخوان المسلمين"، التي تعود نشأتها إلى نهاية العشرينات من القرن الماضي. ويرى الباحث في شؤون الحركات الإسلامية وأستاذ علم الاجتماع بجامعة الجزائر، زبير عروس، أن ما يحدث هذه الأيام في مصر "سيكون له تأثير كبير على جميع المكونات الإسلامية في العالم العربي، وخاصة الحالة الجزائرية، لسبب تاريخي بامتياز، لأن كل الأحزاب المعتمدة ذات الخلفية الإسلامية، هي بمرجعية إخوانية"، في إشارة إلى كل من حركة مجتمع السلم، وحركة النهضة وحركة الإصلاح الوطني، وجبهة العدالة والتنمية. وأضاف زبير عروس، في اتصال مع "الشروق" أمس، مبررا وجهة نظره: "عندما يهتز التنظيم الأم، سيكون لذلك من دون شك تأثير على جميع مكوناته الفرعية، حتى وإن أكد بعض قادة الأحزاب ذات المرجعية الإخوانية في الجزائر، أنها مستقلة تماما عن التنظيم الأم وأن قرارها وطني، لأن القضية تتعلق بالوعي العام". ودق الباحث السوسيولوجي ناقوس الخطر من تداعيات انقلاب الثالث من جويلية الجاري، وعدد جملة من السلبيات: "الحالة المصرية تشرعن لظاهرة الانقلابات العسكرية، وتعطي لأصحاب القرار في المؤسسة العسكرية في البلدان العربية، الحجة كي يصبحوا هم الملجأ في حالة تأزم الأوضاع على مستوى كل قطر"، وخاصة في ظل موقف المجتمع الدولي الباهت من الانقلاب العسكري. وقدّر المتحدث بأن الأحداث التي تعيشها مصر هذه الأيام "أصابت، في العمق، الجهد النضالي الذي يسعى إلى إقامة دولة المؤسسات والقانون، القائمة على شرعية الصندوق وديمقراطية الاختيار". وربما كان يشير هنا إلى استعانة بعض النخب العلمانية المعادية للتيار الإسلامي، التي احتمت بالجيش هربا من الصناديق خوفا من "عقاب" الشعب. ويركز الباحث على الدور الخطير الذي يلعبه الإعلام والذي بات خطرا حقيقيا على وحدة المجتمع من خلال "تكريس انشطارية خطيرة بين الفرقاء السياسيين". ومن شأن ذلك، يضيف المتحدث، أن يقلب تقاليد الممارسة السياسية في المجتمعات الديمقراطية، القائمة على الاختيار انطلاقا من المشاريع الاستراتيجية، ليصبح الاختيار على أساس الانتماء "الإسلامي" أو "المدني". ويخلص زبير عروس إلى القول بأن "الأزمة المصرية ستصيب المنطقة العربية بدرجات متفاوتة، بالأداء الذي أصاب تجربة التحول الديمقراطي بهذا البلد". ويتخوف المتتبعون من أن تنتقل تجربة التحوّل الديمقراطي الفاشل في مصر، بسبب تدخل المؤسسة العسكرية عبر تحريك بيادق الدولة العميقة للإطاحة بالشرعية، إلى البلدان التي أفرز ربيعها العربي حكومات إسلامية، كما هو حاصل في كل من تونس والمغرب، وقد بدأت معالم عملية الاستنساخ تتضح ببروز "حركة تمرد" جديدة في هذين البلدين.