لا تزال تفاعلات قضية العميد جلماد تلقي بظلالها في الاوساط الأمنية والقضائية، فجلماد الذي قاد المنطقة الأمنية في الناظور، العميد والذي فكك أخطر شبكة للمخدرات في شمال المغرب، المعروفة ب "شبكة ازعيمي" قبل ان يجد نفسه داخل أسوار سجن "عكاشة" في الدارالبيضاء بدون محاكمة لمدة فاقت 10 أشهر. وتشيرمعطيات جديدة نشرتها جريدة "المساء" الى فرضية "تورط" عمر الخيام، رئيس الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، ومعه رضوان هلال، عميد الشرطة في المكتب الوطني لمكافحة المخدرات، التابع للفرقة نفسها، في "إخفاء" محضر الاستماع الأصلي، الذي أنجز لجلماد، قبل ان يحال على قاضي التحقيق، نور الدين داحين، رئيس الغرفة الثالثة في محكمة الاستئناف في الدارالبيضاء بمحضر آخر، رغم أن جلماد رفض التوقيع عليه. وحسب المعطيات ذاتها، فقد تضمن المحضر الثاني "اعترافات" منسوبة الى جلماد مناقضة لما جاء في المحضر الأصلي، وهي "اعترافات" تتهمه بتلقي "رشوة" من شخص مفترض هو نجيب ازعيمي، بارون المخدرات، استنادا الى مكالمة هاتفية محتملة أجراها معه، فيما حقيقة هذه المكالمة الهاتفية، حسب المصادر نفسها، كانت بهدف نصب كمين لنجيب ازعيمي والإيقاع به، بعد أن تمكنت مصالح الأمن من تحديد هويته. وما يرجح هذه الفرضية ويضع مسؤولي الفرقة الوطنية للشرطة القضائية في قفص الاتهام هو ان جلماد لم يكن لوحده عندما ضرب موعدا لصاحب المكالمة الهاتفية، اي ازعيمي المفترض، في مقهى "فانكوفير" في المدينة، بل اصطحب معه عنصرين من الاستعلامات العامة في انتظار إعطاء أوامر للعميد يوسف غريب، الذي كان في مكان غير بعيد من المقهى على رأس فرقة أمنية تابعة للأمن العمومي بهدف التدخل لإيقاف الشخص المبحوث عنه. وأشارت المصادر، في هذا السياق، الى ان تهمة الرشوة التي يتابع بها جلماد في هذه القضية، لم تستند الى وقائع دقيقة، لأن المعني بالأمر لو كان هدفه من لقاء ازعيمي هو تلقي رشوة منه لما كان في حاجة الى اصطحاب عنصرين أمنيين، غير ان المثير في هذا كله هو ان مسؤولي الفرقة المدنية للشرطة القضائية لم يستمعوا الى العنصرين الامنيين، رغم ان جلماد أشار إليهما أثناء الاستماع اليه. أكثر من هذا، تساءلت المصادر عن السير في عدم اعتقال وسيط في "الرشوة" المفترضة، المسمى "ادريس .ج"، الذي كان اول من عرض على جلماد ان يلتقي بنجيب ازعيمي، ليس بوصفه بارون مخدرات، وإنما بوصفه "تاجر مواش" يتعرض لمضايقات من طرف الشرطة، بل كل ما فعله قاضي التحقيق داحين في هذه القضية هو انه استدعى المعني بالامر، المسمى "ادريس ح". بعد مرور اكثر من خمسة اشهر، ليس كمتهم بالوساطة في "الرشوة" وإنما باعتباره شاهدا. "ثم ما الجدوى في اتهام جلماد بالرشوة بعد تفكيك خلية ازعيمي واعتقال عناصرها وليس قبل حادث التفكيك؟" تتساءل المصادر باستغراب، متسائلة في هذا السياق ايضا: "هل كان مقابل هذه الرشوة المزعومة هو ان يرجع جلماد قرابة 8 اطنان من الحشيش ضبطت في منزل ازعيمي الى صاحبها؟". وفي الوقت الذي تحدثت أنباء عن علاقة "مفترضة" بين جلماد والبرلماني السابق في حزبي "العهد" و"الاصالة والمعاصرة"، سعيد شعو، الموجود خارج ارض الوطن، وان هذا الاخير، اي شعو، "وعد" جلماد بملياري سنتيم، مقابل تسهيل "مأمورية" نجيب ازعيمي في تجارة المخدرات، تساءلت مصادر اخرى عن سبب عدم اصدار مذكرة بحث دولية في حق سعيد شعو، استنادا الى كون القانون يعاقب الراشي والمرتشي في مثل هذه الملفات. لكن يبقى اللافت للانتباه في ملف شبكة ازعيمي هو ان قاضي التحقيق داحين "برأ" واحدا من المتهمين من كل الاتهامات المنسوبة اليه، وهو مخزني تبين، في ما بعد، ان محاميه متزوج بشقيقة زوجة داحين. يذكر جلماد اب لثلاثة اطفال وحاصل الإجازة في القانون وعلى دبلومين للدراسات العليا في العلوم السياسية والعلوم الإدارية وعلى دكتوراه الدولة في القانون العام، كما زاول التدريس في الجامعة. ومر جلماد في مشواره المهني من عدة مدن مغربية منها مكناس، حيث كان وراء تفكيك شبكة "الرباع".