هل سيجبر عامل الإقليم ،بعد الخطاب الملكي ليوم 13-10-2017،على اللجوء للمقاربة التشاركية،بدل المقاربة السلطوية،لتنظيم استغلال الملك العام بالعرائش ؟ كإجراء أولي ،بالنسبة للباعة الجائلين والفراشة،أعتقد أنه من الضروريات التنظيمية،إجراء بحث وإحصاءدقيق،لضبط عددهم ووضعهم الاجتماعي والعائلي والتعليمي،مع تحديد نوعية النشاط التجاري لكل واحد،وذلك بهدف تكوين قاعدة بيانات رسمية،يتم الاعتماد عليها في وضع الخطة التنظيمية والتصور الشامل،لحل هذه المعضلة،في أفق توفير الفضاءات التي طالب بها الملك في خطاب افتتاح دورة أكتوبر2017.هذا بالإضافة إلى أن تعامل السلطات المحلية مع إشكالية استغلال الملك العام خارج القانون،يجب أن يتم من خلال لجنة مختلطة بين السلطات المحلية والمجلس البلدي والإقليمي،وبالضرورة ممثلين عن المعنيين بالأمربعتبارهم مواطنين لهم كامل الحق في الشغل لتحقيق دخل مالي يضمن عيشهم وعيش أسرهم.ولأنهم يمارسون التشغيل الداتي،فالدولة ومن خلال المندوبية السامية للتخطيط،تعتبرهم عند كل إحصاء(ناشطين مشتغلين)،حيث إن بائعة القزبور،وبائع النعناع،وبائع الزريعة،وبائع الحلزون.....كلهم يعتبرون ناشطين مشتغلين،وهدا ما يفرض على السلطات المحلية،ضمان حق هؤلاء في ممارسة نشاطهم،عبر وضع تصور شامل وخطة تنظيمية،من خلال مقاربة تشاركية،لتوفير فضاءات لهم،ليمارسوا نشاطهم في احترام تام لكرامتهم وللقانون. أما الطريقة الحالية التي يتم التعامل بها مع هؤلاء المواطنين،فهي طريقة سلطوية استبدادية وقمعية،حيث بعد السماح لهم بالفوضى المطلقة ،في استغلال الملك العام-أمام مرأى وصمت مشبوه من جميع الجهات المعنية-تنقض عليهم السلطة بشكل مفاجئ، ودون أي إشعار،في الساعات الأولى من الصباح الباكر،لتفرض عليهم منعا مطلقا،علما بأن أغلبهم يكون قد استثمر كل رأسماله في شراء بضاعة،كان ينوي الاتجار بها،ليفاجأ باللجنة السلطوية،تمنعه من البيع،وتصادر سلعته،وهو ما يمكن أن يؤدي إلى رد فعل عنيف من قبل هؤلاءالباعة الدين يجدون أنفسهم،فجأة بدون سلعة وبدون رأسمال وبدون عمل أو دخل،فماّذا تنتظر السلطة من شاب أو رب أسرة،يجد نفسه في مثل هذه الوضعية؟ وقد شهدت العرائش خلال الأسبوع الأول من أكتوبر2017،حملة لتحرير الملك العام من محتليه خارج القانون ،وذلك تحت إشراف لجنة من السلطة المحلية،تحت مسؤولية قائدين وعدد من أفراد القوات المساعدة وعناصر من الشرطة،وأعوان تابعين للبلدية وعدد من المقدمين مع الاستعانة بجرافة وشاحنتين لنقل المحجوزات. وقد شملت العملية مقاهي ساحة التحرير وممر طارق بن زياد،ورحبة الزرع،وجنان الباشا،ووصلت حتى مقهى جوهرة،ويوم الأحد8-10-2017شمل المنع،جميع الفراشة ومحتلي الملك العام على طول شارع جنان الباشا المؤدي لسوق الأحد. وكمتتبع للشأن العام المحلي،أود الإدلاء ببعض الملاحظات والانتقادات والاقتراحات،وذلك كمساهمة في أفق صياغة تصور شامل،وخطة تنظيمية للتعاطي مع هذه المعظلة. وأولى الملاحظات،هي أنه على الجهات المعنية،التمييز في تعاملها مع إشكالية استغلال الملك العام خارج القانون،بين7فئات من مستغلي الملك العام بطريقة غير قانونية،كل فئة تتطلب إجراءات وخطط خاصة من حيث التنظيم والعقوبات الزجرية والجبائية. الفئة الأولى: وتشمل أرباب المقاهي والمطاعم،وخاصة منهم ،من يتعمدون استغلال مساحات زائدة عما هو مرخص لهم . وباعتبارهم فئة منظمة في إطار جمعية قانونية،حيث صرح رئيس الجمعية،أنهم مع القانون،ومع التنظيم،وأن ماقامت به السلطة،تم بطريقة مفاجئة ودون إشراك الجمعية،لكن واقع الحال،يكذب تصريح الرئيس،حيث اتضح للرأي العام المحلي،بعد مرور لجنة المراقبة،أن جميع المقاهي كانت تستغل مساحات من الملك العام خارج القانون،وإلا بم نفسرقيام اللجنة بهدم ماتم بناؤه خارج القانون،بالنسبة لمقهى جوهرة؟وكيف ظهرت فضاءات واسعة وخالية من الكراسي،أمام أغلب المقاهي،مباشرة بعد مرور لجنة تحرير الملك العام؟(مقهى الخزامى،الأندلس،ليكسوس،الكتبية،مقاهي ممر طارق بن زياد....)ممايدل على أنهم لايحترمون القانون،وأن جمعيتهم في أمس الحاجة لوضع برنامج للتأطير والتكوين،حتى يتشبع أعضاؤها،بروح المصلحة العامة،والغيرة على المدينة،لما فيه مصلحتهم ومصلحة السكان الراجلين.وباعتبار جمعية أرباب المقاهي والمطاعم معترف بها قانونيا،فهذا يفرض على السلطات المحلية،التنسيق مع مسؤولي الجمعية،لتشكيل لجنة مشتركة لوضع خطة وتصور تنظيمي مشترك،لتقنين استغلال الملك العام،وبالنسبة للمخالفين للقانون،فلابد من التدرج معهم من التنبيه الشفهي إلى الإنذارالكتابي وصولا إلى حجز التجهيزات،مع منحهم فرصة لاسترجاعها،مقابل أداء غرامة مالية تؤدى مباشرة للجبايات البلدية.ونظرا لما تعرفه مدينة العرائش،من توافد لعدد من أبناء الجالية،وعدد من الزوار الداخليين خلال فترة الصيف،فلابد من منحهم رخص مؤقتة،تجدد سنويا،لاستغلال الملك العام خلال فترة الصيف ،تتضمن بدقة،المساحة المرخص بها،مع تاريخ وساعة البداية،وتاريخ وساعة النهاية،مقابل ضريبة خاصة بفترة الصيف تؤدى مباشرة للجبايات البلدية.كل هذه الإجراءات يجب أن تتم في إطار لجنة مشتركة ،مع التزام الصرامة القانونية،والتدابير الزجرية،ضد كل من تبث تورطه في خرق الاتفاقية.وبالنسبة لما صرح به عضو المعارضة،بأن هناك من يقوم بتسريب خبر خروج اللجنة لبعض المهنيين،فلابد من فتح تحقيق لتحديد ومعاقبة من يقوم بهذه التسريبات المخافة للقانون. الفئة الثانية: وتشمل أصحاب المتاجر(العطارة،تجار الملابس،تجار المواد الغدائية..)وهؤلاء يجب التعامل معهم بنفس الصرامة القانونية،بدءا بالتنبيه تم الإندارتم حجز السلع،مع دفع غرامة مالية لاسترجاعها.كل هذا في طار لجنة مشتركة،مع منح الراغبين منهم ،رخصة مؤقتة،تجدد سنويا، لاستغلال مساحة محددة،شرط ألا تشكل عائقا للسير العام وللراجلين، مقابل رسوم تؤدى مباشرة للبلدية. الفئة الثالثة: وتشمل عددا من الفراشة ،ضمنهم غرباء عن المدينة،بعضهم يتوفرون على إمكانيات مالية مهمة،ويصرون على احتلال الملك العام ضدا على القانون،وضمنهم محتلوا ساحة وشارع لسان الدين بن الخطيب،وشارع الحسن الثاني،وفضاء السوق الصغير،وهؤلاء يجب التعامل معهم بحلول مؤقتة،في انتظار حلول دائمة لممارسة نشاطهم المعيشي،وكحل مؤقت مثلا،اقتراح تخصيص مساحة محددة،تستغل خلال فترة زمنية تحدد بدايتها ونهايتها،مقابل رسوم يومية تؤدى للبلدية.ولابد لضمان نجاح هذه الخطة التنظيمية،من عقد اجتماع معهم ،بحضور ممثلين عن جمعيتهم،لإشراكهم في وضع التصور والخطة التنظيمية،خاصة بعد تطرق الخطاب الملكي ليوم الجمعة13-10-2017،حيث ورد حرفيا في نص الخطاب"وأخص بالذكرهنا،على سبيل المثال،وضعية الشباب الدين يعملون في القطاع غير المهيكل،والتي تقتضي،إيجاد حلول واقعية،قد لاتتطلب وسائل مادية كبيرة،ولكنها ستوفر لهم وسائل وفضاءات للعمل في إطار القانون،بما يعود بالنفع عليهم وعلى المجتمع". الفئة الرابعة:وتشمل محتلي ساحة وشارع رحبة الزرع،فهؤلاء يجب فتح نقاش معهم،لإقناعهم بضرورة وإلزامية الدخول للسوق،وإعطائهم مهلة معقولة لتنظيم أنفسهم داخل سوق رحبة الزرع،مقابل رسوم سنوية قابلة للتجديد،بالنسبة للدكاكين،ومحلات بيع السمك،ورسوم يومية بالنسبة لأصحاب العربات والفراشة،تؤدى للبلدية،بعدها يتم التعامل مع أي مخالفة،بصرامة قانونية،عبر التدرج من التنبيه إلى الإنذار الكتابي وصولا إلى حجز السلعة،ولاتسترجع إلا بعد أداء غرامة للجبايات البلدية. الفئة الخامسة:وتشمل عددا من أصحاب العربات والدراجات الثلاثية العجلات،والدين لم تستوعبهم الفضاءات السابقة. فهؤلاء يجب إشراكهم في وضع الخطة التنظيمية المؤقتة،في انتظار بدائل وفضاءات رسمية ودائمة،وإقناعهم بضرورة توزيعهم حسب الأحياء،لضمان حقهم في مصدر عيش من جهة،وتقريبهم من المتسوقين في هذه الأحياء من جهة ثانية،مع ضرورة تحديد المكان والمساحة المستغلة والمدة الزمنية اليومية،وهدا مقابل رسوم يومية تؤدى للجبايات البلدية.ونفس الإجراءات الردعية بالنسبة للمخالفين للقانون. الفئة السادسة:وتشمل أصحاب العربات والفراشة،المتواجدين بمحيط سوق الأحد(الكدية)،فهؤلاء يجب إشراكهم عبر ممثلين عن جمعيتهم،لتشكيل لجنة،تعمل أولاعلى تحديد الإصلاحات الضرورية الواجب إنجازها داخل السوق،(مثلا إصلاح الجناح الخاص ببيع السمك،عبر تجهيزه بالماءوقنوات تصريف المياه،للحفاظ على نظافة المرفق.....).مع إقناعهم بضرورة وإلزامية الدخول للسوق،بعدها التدرج مع المخالفين وبصرامة قانونية،بدءا من التنبيه الشفهي تم الإندار الكتابي تم حجز السلعة،ولاتسترع إلا بدفع غرامة للبلدية،مع أداء رسوم يومية بالنسبة للفراشة. الفئة السابعة:وتشمل عددا من البدويات اللواتي ينتقلن يوميا من القرى والمداشر القريبة من المدينة،لترويج بعض المنتوجات الفلاحية البسيطة،لضمان دخل لتلبية حاجياتهن المعيشية،ويتواجدن على الخصوص،بمحيط السوق المكزي وشارع جنان الباشا ومحيط سوق الأحد،وهؤلاء لابد من تحديد فضاءات خاصة بهن،لعرض منتوجاتهن،مع تحديد المساحة وضبط المدة الزمنية كبداية ونهاية،مقابل رسوم يومية تؤدى للجبايات البلدية. إن مسؤولية إيجاد الحلول لمعضلة الباعة الجائلين والفراشة،تقتضي من السيد عامل الإقلبيم ،باعتباره المسؤول الأول،إجراء دراسة تقييمية لما سمي بالأسواق النموذجية،لتحديد نجاعتها أو فشلها في تحقيق الأهداف المتوخاة منها،كما يقتضي مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة،فتح تحقيق نزيه بخصوص سوق الأحد بالكدية،لترتيب الجزاءات الإدارية والقانونية،في حق كل من تبثت مسؤوليته في فشل المشروع،بدءا من المهندس تم المقاول تم الجهة التي تسلمت البناية وتكلفت بتوزيع الدكاكين التي مازال أغلبها فارغا.ونفس التحقيق يجب أن يشمل سوق الكرنة،الدي لم يحقق الهدف منه. كما أن المجلس البلدي –باعتباره ممثلا للسكان-عليه أن ينتج تصورا وبرنامجا خاصا بحل معضلة استغلال الملك العام خارج القانون،لأن المفروض نظريا،أن المجلس البلدي،هو الجهاز الأقرب لهموم الساكنة،وهو الجدر بمناقشة وحل المشكل.والسؤال المطروح هو:لماذا لايعمل رئيس المجلس على تفعيل دور الشرطة الإدارية؟كما طالب بذلك أحد أعضاء المجلس. إن المجلس البلدي –باعتبارأعضائه يتوفرون على إمكانيات أوسع للمناقشة الحرة وإبداء الرأي-بخلاف المنفدين من السلطة ،الممنوعين من مناقشة أوامر رؤسائهم ومنهم العامل،يعتبر هو المؤهل لإنتاج الخطة التنظيمية والتصور الشامل .لأن الواقع أثبت فشل القرارات السلطوية التي تفرض من الأعلى،دون أية استشارة أو مناقشة من قبل المعنيين بالأمر،والدليل هو استمرار فوضى استغلال الملك العام خارج القانون منذ سنوات،رغم كل الحملات السلطوية الموسمية ورغم كل مشاريع الأسواق الفاشلة. إن معضلة استغلال الملك العام خارج القانون،ومعضلة الباعة الجائلين والفراشة بالخصوص ،هي قضية اجتماعية واقتصادية ذات خلفية أمنية بالنسبة للفراشة وأصحاب العربات.وهذا ما يفرض التعامل معها عبر مقاربة تشاركية بين السلطة المحلية والمجالس المنتخبة وممثلين عن المعنيين بالأمر،مع فتح المجال للأفكار والإقتراحات البناءة،الصالحة لحل هذه الإشكالية،مع أخد المدة الزمنية الكافية للنجاح في هذه المهمة المعقدة والمتشابكة.لأن حلها سيضع حدا لكل الممارسات المشينة لمجموعة من الفاسدين والمرتشين،من الإدارة والسلطة،الدين يستغلون الفوضى وغياب التنظيم في القطاع غير المهيكل،للحصول على أتاوات مالية وعينية لصالحهم.أما الاستمرار في هذه الوضعية،والعجز عن إيجاد حلول لها ،فهو دليل فشل لجميع الجهات المعنية بتدبير الشأن العام المحلي،وهذا بالضبط ما انتقده الخطاب الملكي ليوم 13-10-2017.فهل سيكون هذا الخطاب حافزا لدفع الجهات المعنية بالشأن المحلي ،لمراجعة أسلوبهم وطريقة تعاملهم مع مشاكل ساكنة العرائش؟ ولتفادي تكرار ما عرفته الحملات السلطوية السابقة من فشل دريع،لابد من التعامل مع كل فئة من الفئات المستغلة للملك العام ،بطريقة خاصة مع أخد الوقت الكافي للتفكير في الحلول الصالحة والقابلة للتنفيذ،عبر البدء من الفئة الأسهل (أصحاب المقاهي والمطاعم مثلا)وتجنب الطريقة السلطوية الحالية،المتمثلة في تكليف لجنة بأوامر من الأعلى،تتكلف بتحرير الملك العام دفعة واحدة دون مراعاة لأية خصوصية لمختلف الفئات. وباعتبار المطلوب هو تنظيم استغلال الملك العام طبقا للقانون،فلابد بالإضافة لكل ما سبق ،من تشكيل لجان للتتبع واليقضة،للسهر على تنفيذ الخطة التنظيمية المصادق عليها،من مهامها، التأكد من التزام الجميع باحترام البنود والتعهدات(التوفر على الرخصة الدائمة والمؤقتة،التقيد بالمساحة والمكان،تأدية الرسوم اليومية....)وهذا من شأنه طمأنة هذه الفئة عبر ضمان حقها في الإشتغال،واسترجاع الثقة المفقودة،في الجهات المعنية ،ومن اللجان المقترحة: 1-لجنة التتبع واليقظة تابعة للمجلس البلدي تحت مسؤولية الرئيس. 2-لجنة التتبع واليقظة تابعة للمجلس الإقليمي تحت مسؤولية الرئيس. 3-لجنة التتبع واليقظة تابعة للعمالة تحت مسؤولية العامل. تجتمع حسب جدولة زمنية مضبوطة،وتعد تقاريرها حول الوضعية،تعرض للمناقشة والإغناء والمصادقة في اجتماعات دورية مشتركة بين اللجان الثلاثة،وترفع تقريرها لعامل الإقليم باعتباره المسؤول الأول والمنسق بين الجهات المتدخلة. إنها محاولة متواضعة في التعاطي مع معضلة استغلال الملك العام خارج القانون،قدمت فيها ملاحظات وانتقادات،لكن الأهم هو ما قدمناه من اقتراحات عملية قابلة للتنفيد ،حتى لانوصف بأننا من هواة الأنتقاد دون تقديم البديل. العرائش في :20-10-2017