بقلم المؤرخ عبد الحميد بريري العرائش مشتقة من العريش أو الاعراش مشتقة من العرش ، كلاهما اسمان عرفت المدينة بهما ، يوحيان بوجود الماء والخضرة بكثرة النبات والطبيعة الخلابة . الشئ الذي يضفي على المكان جمالية ورونقا لا تمله العين . ولا زالت غابة العرائش شاهدة على ما نقول الغنية بالنباتات كالمصطكي المعروف بنصاعة الإخضرار وغيرها من النباتات الغابوية الأخرى . كما أن شجرة "الكليمنتين" التي قيل عنها أن اول ماوجدت ، وجدت في العرائش ، وهي شجرة التفاح الذهبي التي تحكي عنها الأسطورة حسب التفسير الواقعي لها ، قام المعمر الإسباني تأثيت حدائق المدينة بشجرة الآرنج ، للرمز إلى ذلك، فلا تحس بوجودها إلا حين فصل الربيع وهي تعطر الجو برائحة أزهار البرتقال . وبذكر حدائق العرائش وكيف زينها غارسوها بأنواع الورود الحمراء والأزهار والنباتات ، يجسد بحق اسم العرائش ، وكذا تلك السقائف الموجودة بالشرفة الأطلسية التي كانت تحمل دوالي العنب الفاكهة التي رسمت على إحدى مسكوكات ليكسوس القديمة . إنهم بحق كانوا يحبون العرائش فجسدوا رموزها التاريخية ،بعدما استوعبوها ، في تهييئ عمرانها. فلا تخلو بعض المراجع التاريخية من ذكر حقول العرائش وجنانها كمرمول كربخال في القرن 16 وغيره ومن قبل هذا كله ، اسطور ة الهسبريدس التي تحكي عن الحدائق والحسناوات . ولا يزال اسم الجنانات يحمله اسم غالبية أحياء المدينة . وسفينة العرائش التي كانت مضرب الأمثال عند المغاربة في العهد المريني في حملها أهون الأشياء الفحم كان شراعها من قطن ، ذلك المنتوج الناصع البياض وصنعهم به شراع سفنهم رغم درن المنتوج وسواده الذي تحمله سفنهم يعبر عن الفن والجمال والإتقان . كما كانت تعرف العرائش لدى الأروبيين بمدينة المباني الجميلة . عرائش ذاك الزمان استهوت قلوب البشر والكائنات الأخرى ونسج حولها الأساطير إلى أن قال عن ليكسوس وشهرتها ودلالات أساطيرها الكاتب الشهير بلين الأكبر الذي عاش في القرن الأول الميلادي : " ... فإن هذه المدينة كانت قوية جدا وكانت أكبر من قرطاج الكبرى ... " بعد أن تحدث عن " ... الغاب الشهيرالذي ينبت فيه التفاح الذهبي ... " . كما يصف الحسن الوزان طبيعتها بقوله : " وفي ضواحي العرائش غيضات ومروج عديدة ، يصطاد فيها كثير من سمك الإنقليس (النون)والطيور المائية ..." هذه الطيور منها لا زالت تنفرد العرائش ومنطقتها باحتضانها والعيش فيه دون غيرها من مناطق المغرب الجميل كالطائر المسمى درسة القصب reed bunting وطيور مهددة بالانقراض تنطلق من منطقتها (العرائش) الى جهات مختلفة كالخطاف الاسمر الصدر ، والحبارى الكبيرة المهددة بالانقراض كذلك، طيور تضفي على المكان جمالية وتوقع على أنه ذا شأن وتؤكد شهادة ليون الافريقي الذي زار المدينة والمنطقة بداية القرن السادس عشر . سألت موظفين قدامى ينتمون إلى مختلف أنحاء الوطن العزيز عن سبب اختيار العرائش مقر عملهم ، قالوا لجماليتها ولمدنيتها . وكان والدي يروي عن جدي رحمة الله عليهما انبهاره بجمالية المدينة في أربعينيات القرن الماضي والصور الفوتوغرافية لهذه السنون تشهد على ذلك . توجد المدينة على تل يعلو عن سطح البحر بخمسين مترا ، يتخذ شكل شبه جزيرة ، يحيط بها النهر من الشمال والشرق ، ومن الغرب المحيط الأطلسي ،وفي الجنوب تمتد غابة تعرف بغابة العرائش على آلاف الهكتارات يغلب عليها شجر البلوط الفليني . تساهم كل هذه العوامل في ترطيب الجو حتى يسجل المرطاب أعلى درجاته فيها . هذه الرطوبة تلعب دورا مهما في تلطيف شمس اللوكوس الحارقة وصيفه الشديد الحر وتجعل من العرائش منتجعا يلجأ إلبه كل من أراد الإستجمام والراحة . شكل لها النهر والبحر خصوصية ارتبط مصيرها وتاريخها بهما حتى وصفت الأسطورة النهر بالتنين الذي يحرس التفاح الذهبي . وبالفعل كان النهر بفعل موج المحيط والمد والجزر يشكل حاجزا عصيا بصعب على كل دخيل اختراقه ، يرعبه ويعجزه ،ويغرقه في بعض الأحايين . وتحس بعظمة هذا النهر وأسطوريته عندما كان المنطلق والمهرب المفضل للمجاهدين البحريين والقراصنة من جنسيات مختلفة وهو يلتوي في السهل بين هضبتي المدينتين (العرائش وليكسوس) حتى يصب في المحيط . هذا الارتفاع عن سطح البحر أعطى للعرائش خصوصية من الجهة الغربية المطلة على المحيط حيت أنجز الاسبان شرفة على الجرف يتمتع الواصل اليها بمنظر جميل يعلو البحر ، وبنظرة اليه بمسافة أميال طويلة وخاصة اذا كان الزمن غروب الشمس وفي نفس الوقت تتذكر ذلك التهافت الاستعماري على موقعها الاستراتيجي فيعدرون . انها العرائش بموقعها وبيئتها الجميلة .