سفير روسيا: ندعم تسوية ملف الصحراء.. والعلاقات مع المغرب عميقة الجذور    375 درهم عن كل طفل..أخنوش يعلن دعماً جديداً للأطفال اليتامى والمتخلى عنهم    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    الحكومة لا تعتزم رفع سعر قنينة غاز البوتان وتعلن زيارة في الدعم الاجتماعي    مكافحة الاحتباس الحراري: التزام دول البريكس وانسحاب الولايات المتحدة !    مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط ترفع رقم معاملاتها إلى أكثر من 84,36 مليار درهم متم شتنبر    وسائل إعلام فرنسية تدعو إلى إطلاق سراح الصحافي كريستوف غليز المسجون في الجزائر    "تعرضت لممارسات أربكت مساري".. بشرى كربوبي تطلق صافرة نهاية مشوارها التحكيمي    دوري الأبطال.. أوسيمين يتصدر قائمة الهدافين بعد مباريات الثلاثاء            المخرج محمد الإبراهيم: فيلم الغموض والتشويق القطري "سَعّود وينه؟"    فيلم " كوميديا إلهية " بمهرجان الدوحة السينمائي الرقابة السينمائية في إيران لا تنتهي...!    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    شركة عائلة نيمار تستحوذ على العلامة التجارية للأسطورة بيليه    بركة يبرز من أنغولا الرؤية الملكية حول الهجرة في قمة الاتحاد الإفريقي-الاتحاد الأوروبي    الجيش الإسرائيلي يطلق عملية عسكرية    اسبانيا.. العثور على جثث أربعة أفراد من أسرة مغربية داخل منزل    وزارة التربية تفاقم الخصاص بعد إقصاء "المُختصين" من مباريات التوظيف    توقعات أحوال الطقس اليوم الأربعاء    سعيّد يستدعي سفير الاتحاد الأوروبي    أخنوش يستقبل رئيس مجلس النواب بجمهورية كازاخستان    مهرجان الدوحة السينمائي يسلّط الضوء على سرديات مؤثرة من المنطقة    نصائح ذهبية للتسوق الآمن باستخدام الذكاء الاصطناعي    عصبة الرباط سلا القنيطرة تطلق موسماً استثنائياً باطلاق أربعة مراكز للتكوين في مجال التحكيم    دوري أبطال أوروبا.. تشلسي يثأر من برشلونة وليفركوزن يصدم مانشستر سيتي    بن يحيى تدعو لتجديد الترسانة القانونية لوقف العنف ضد النساء    الأمن المغربي يستعرض الجاهزية لمكافحة الجريمة أمام الجمهور الدولي    أمنيون أفارقة يثمنون القيادة الملكية    الملك محمد السادس يبدي استعداد المغرب للانخراط في جهود إحياء عملية السلام بعد وقف إطلاق النار في غزة        اليوسفية تحتفي بالمواهب الشابة في أول مهرجان للهواة السينمائي        الوزير لفتيت يجري محادثات مع نظيره الفرنسي في مراكش (صور)    مع نهاية نونبر .. الحكومة ترفع مبالغ الدعم المباشر للمستفيدين    الدواء .. هو السبب الأول لصداع الدولة والمواطن ؟    الاستجابة العالمية ضد الإيدز تواجه "أكبر انتكاسة منذ عقود" وفقا للأمم المتحدة    روسيا تتحدى فيفا بمقترح تنظيم مونديال رديف    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها بأداء إيجابي    وضعية التحملات ومداخيل الخزينة.. عجز في الميزانية بقيمة 60,3 مليار درهم عند متم أكتوبر 2025    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    وفاة الفنانة بيونة إحدى رموز السينما في الجزائر    أبطال أوروبا.. برشلونة يواجه صلابة تشيلسي في اختبار كلاسيكي وسيتي يتحدى ليفركوزن    مهرجان "أزاما آرت" يعود في دورته الثالثة بأزمور تحت شعار الثقافة والفن    مسرح رياض السلطان يجمع النمساوية سيبا كايان والسوري عروة صالح في عرض يدمج الموسيقى الالكترونية بالروحانية الصوفية    ليلةُ الاستقلالِ والمَسيرةِ فى تونس... حين التقت الضفتان على نغمة واحدة    لقجع يعبر عن استيائه من تحكيم مباراة المغرب والبرازيل ويؤكد الحاجة لتحسين الأداء التحكيمي    الأمم المتحدة تتهم إسرائيل بارتكاب "مجزرة مساكن" في غزة وتربط الهدم بجريمة الإبادة الجماعية    في اليوم ال46 للهدنة... قتيل فلسطيني وقصف متواصل وخطة ترامب للسلام تتعثر    "بي دي إس": سفينة جديدة ترسو بميناء طنجة محملة بشحنة متجهة إلى إسرائيل    آلام الأذن لدى الأطفال .. متى تستلزم استشارة الطبيب؟    دراسة: التدخين من وقت لآخر يسبب أضرارا خطيرة للقلب    دراسة علمية تشير لإمكانية إعادة البصر لمصابي كسل العين    إصدار جديد من سلسلة تراث فجيج    معمار النص... نص المعمار    الوصايا العشر في سورة الأنعام: قراءة فقهيّة تأمليّة في ضوء منهج القرآن التحويلي    المسلم والإسلامي..    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليوم العالمي لحماية التراث الإنساني، ألا يستحق السوق الصغير بالعرائش تصنيفه تراثا إنسانيا ؟
نشر في العرائش أنفو يوم 18 - 04 - 2017


(محمد عزلي)


18 أبريل، يوم حدده المجلس الدولي للمباني والمواقع الأثرية ال (ICOMOS) للاحتفاء به كل عام ويتم برعاية منظمة اليونسكو ومنظمة التراث العالمي من أجل اليوم العالمي لحماية التراث الإنساني، حسب الاتفاقية التي أقرها المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة في باريس في عام 1972.
بمناسبة هذا اليوم العالمي و تزامنا مع فعاليات المنتدى الدولي للمدن العتيقة الذي حط رحاله في نسخته الخامسة بمدينة العرائش نلتمس من منظمة اليونيسكو إدراج الفضاء التاريخي للسوق الصغير بمدينة العرائش ضمن التراث العالمي و ذلك لما يشكله المكان من حمولة تاريخية و ثقافية و إنسانية و جمعه لعنصري التراث ( المادي و اللامادي ).
كما هو الحال بمدينة طنجة، هناك "سوق الداخل" داخل أسوار المدينة العتيقة، و "السوق د بارا" خارجها، كذلك كان الأمر بالنسبة للعرائش، حيث أن " السوق الصغير " أو " السوق الداخل " متموقع بالمدينة العتيقة داخل أسوارها، أما خارجها حيث توجد الآن ساحة التحرير، كان هنالك سوق كبير عرفه سكان المدينة بأسماء مختلفة و هي : " السوق د بارا " ، " الرحبة " ، " سوق الخميس " ، " السوق الكبير ".
يعتبر هذا السوق الداخلي العتيق من أقدم الأماكن المعروفة بالمدينة، نظرا لأهميته ولمكانه المتميز وسط المدينة في المجال الممتد بين باب القصبة و باب المدينة أو " باب الخميس " نسبة إلى سوق الخميس، هو عبارة عن ساحة عامة مستطيلة الشكل، مساحتها المبنية 1039 متر مربع و مساحتها الفارغة 2021 متر مربع، أنجزه مهندس فرنسي مجهول.
يرجع إنشائه إلى السلطان العلوي سيدي محمد بن عبد الله في القرن 18م، و تحديدا في العام نفسه الذي قهر فيه المغاربة الأبطال أعداءهم الفرنسيين في المعركة البحرية بالعرائش يوم 27 يونيو 1765م، حيث أمر السلطان ببناء السوق ووقفه على المسجد الأعظم " الجامع الكبير " الموجود به أيضا.
و قد شكل بناؤه فاكهة أعمال توسعة المدينة، إضافة إلى معالم أخرى عديدة لازالت شاهدة على تلك الحقبة، وقد كان محاطا بأسوار تم إزالة معظمها قصد بناء المدينة الجديدة من جهة باب الغريسة ثم باب المدينة في مرحلة متأخرة " عهد الحماية ".
يتوفر السوق على محلات تجارية من طابق واحد سفلي خلف أروقة مسقفة بعقود يعلوها 80 عمودا منفتحا على باحة السوق، فكان أسلوب بناءه المعماري على الطراز الكلاسيكي الحديث "Néoclassique "، و الجدير بالذكر أن السلطان العلوي سيدي محمد بن عبد الله أمر في نفس السنة ببناء مدينة الصويرة التي شيدت على النمط الأوربي و حصنت تبعا لقواعد المارشال فوبان " vauban "، من قبل المهندس الفرنسي بيير كورنو " Pierre cornut " الذي أصبح وزيرا للسلطان، و هذا ما يفسر التشابه الكبير بين السوق الصغير بالعرائش و سوق الصويرة.
و في نفس السياق حدثنا الأستاذ الباحث محمد شكيب الفليلاح الأنجري عن السوق الصغير قائلا : كان السوق الصغير يشكل خلال فترة القرن 17م أي زمن الاحتلال الإسباني الأول للمدينة " ساحة السلاح " أي فضاء لتجمع الفيالق العسكرية المشكلة للحامية الإسبانية بالمدينة، و بالنسبة لأروقة السوق فقد بنيت على فترتين :
1- الرواق السفلي الذي يمتد من مدخل باب المدينة وحتى محل مقهى البقالي هو رواق فترة التأسيس أي النصف الثاني من القرن 18 الميلادي.
2- الرواق العلوي وهو الممتد من المقهى المذكورة حتى مدخل درب الرماة وهو الرواق الذي أنشا في عهد الحماية الإسبانية وبالضبط في سنة 1937م كما تشير إلى ذلك النقيشة الرخامية المثبتة عند بداية الرواق.
إن القيمة المجالية للسوق الصغير يضيف ذ. شكيب، تتجلى في كونه النقطة المركزية التي تتفرع عنها جميع المسالك والممرات بالمدينة العتيقة للعرائش وعندها تنتهي أيضا، و قد ذكر أحد الراحلة الإسبان من الذين زاروا المدينة أواسط القرن 19 الميلادي قوله : " ... وقعت عيني وأنا أتجول بالمدينة على سوق لم أرى مثله في إفريقيا كلها... " ويقصد السوق الصغير. كما أشار إحدى الرحالة الفرنسيين الذين زاروا المدينة سنة 1902م إلى السوق الصغير بقوله: " ... خرجت من الدرب الضيق إلى ساحة فسيحة محاطة بأقواس تشبه البازيليك بروما... " في إشارة إلى الجمالية والفخامة المعمارية التي كان عليها السوق آنذاك.
هذا و يفصل ذ. شكيب أيضا في المحلات الستة التي تمتد من قبالة مقهى البقالي وحتى مدخل درب الجامع، حيث كانت تعرف ب " سماط العدول " وهي مكاتب صغيرة خاصة بالموثقين من العدول آنذاك، كما تحكي الرواية الشفوية على أن تشكيلة المحلات في الجهة الشمالية أي من مدخل درب بن التهامي حتى بداية اسماط العدول كانت خلال فترة الثلاثينات من القرن الماضي مشغولة من قبل التجار اليهود.
تميز الفضاء الفسيح للسوق الصغير منذ إنشاءه و طيلة قرابة قرنين من الزمن بمختلف أشكال التراث اللامادي المتمثل في الفنون الشعبية المتوارثة أو تراث الحلقة كما هو الشأن في ساحة جامع الفنا بمراكش، الفرق هنا في كثافة النشاط حيث أن الإبهار يبلغ أوجه عند الأعياد و المواسم و خاصة في موسم عمارة لالة منانة المصباحية الذي يقام بمناسبة عيد المولد النبوي الشريف، و هي عادة موروثة بطقوس مهيبة و متابعة شعبية كبيرة، لما تقدمه لسكان المدينة من مظاهر احتفالية، فقد شكلت هذه العادة السنوية مناسبة للتبرع بالصدقات و الهبات للخاص و العام، و تبادل الزيارات العائلية و الهدايا، كما كانت مناسبة للإبداع و الفن و استعراض المهارات و سرد جديد الحكايات، يميزها حفل جماعي في مسيرة حاشدة تتجمع و تنطلق من السوق الصغير بعروض شعبية مختلفة من فنون "الحلقة" ( عيساوة، كناوة، حماتشة، الركايزية، القصايصية..) مرورا بأهم شوارع المدينة حاملين الأعلام، سائقين للأضحيات و الهدايا على أنغام المزامير و قرع الطبول وصولا إلى ضريح الولية الصالحة للا منانة المصباحية حيث تختتم بالأذكار النبوية و الولائم الجماعية و "الوزيعة" أي توزيع لحوم الذبائح على الفقراء و المحتاجين.
إنه جزء من تراثنا المادي و اللامادي الأصيل و كنز من كنوز التراث الثقافي الإنساني، يستحق بكل تأكيد تصنيفه تراثا إنسانيا لدى منظمة اليونيسكو ليستفيد من حمايتها و تستفيد العرائش من تسويقها عالميا مما قد يعود بالنفع المستدام على السياحة المحلية و الوطنية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.