رباب السويحلي المدينة الأندلسية حلم يراود مانويل سافيدرا بتحقيقه كمشروع في طنجة
لم ينسى المهندس المعماري والإسباني وابن مدينة أصيلة مانويل سافيدرا حبه لمدينته هذه وإعجابه الخاصة بشمال المغرب، و لم يغب عن باله الحضارة العظيمة لحضارة الأندلس، تلك الحضارة الشامخة التي ما فتئ مانويل إلى قراءة كل ما يكتب عن هذه الفترة ومشاهدة كل ما يبث وما ينتج من أفلام وثائقية عنها. كل هذا أنعش في فكر مانويل سافيدرا فكرة إحياء هذا الثرات العظيم، وطرحه للوجود باختيار شمال المغرب وبالضبط مدينة طنجة كمكان استراتيجي له ولمشروعه الثقافي، الذي أسماه ب "مدينة الأندلس"، باعتبار مدينة طنجة هي البوابة الطبيعية لإفريقيا ومنطقة تشق طريقها بثبات نحو التنمية، خاصة مع مشروع "طنجة الكبرى" الذي يسعى إلى جعل طنجة مركزا من المراكز الإقتصادية والثقافية الكبرى بالمغرب. و "مدينة الأندلس" هي عبارة عن منتزه يجسد الإتحاد و التعايش السلمي بين ثلاث ثقافات، كما يشرف على هذا المشروع إلى جانب "مانويل سافيدرا" العديد من المهنيين المتخصصين من خلفيات أكاديمية واجتماعية متنوعة. ويحاول مانويل في مشروعه التيماتيكي أن يشدد على المضمون الثقافي لهذا المنتزه، متميزا بذلك عن باقي المنتزهات الموضوعاتية أو التيماتيكية، وفي ذات السياق يسعى هذا المشروع إلى خلق "نقطة لقاء" بين عالمين مختلفين وإحياء فترة تاريخية كانت مثالا لتعايش مختلف الشعوب بغض النظر عن الجنس أو العرق أوالدين. سيترأس أعمال إنجاز مشروع المنتزه الثقافي "مدينة الأندلس" وفق الجدول الزمني المخطط له فريق عملي مختص، بعد أن أمضوا عدة أشهر من الدراسة والعمل الجاد في مشروع المنتزه الثقافي، والذي يهدف إلى التعريف بمعنى الثقافة الأندلسية في الماضي، مرورا بتسلسلاتها الزمنية عبر التاريخ، وكذلك التعريف بمغزاها وانعكاساتها على المناطق المختلفة، سواء في شبه الجزيرة الإيبيرية أو في شمال أفريقيا والشرق الأدنى. ولتحقيق هذا المشروع الطموح، اعتمد مانويل سافيدرا على أفضل الشركات الهندسية، ذات الخبرة المثبتة في مثل هذه المشاريع الكبيرة والمتخصصة، وكما هو معروف لا يمكن لمشروع موضوعاتي كبير كهذا أن لا يتوفر على الخبراء المتخصصين في ذات المجال، وهذا ما سيعمد إليه مانويل في مشروعه إذ سيستعين بأفضل المؤرخين والمستعربين في المغرب وإسبانيا، وكذلك المهندسين المعماريين والمبدعين والمترجمين الفوريين والتخصصين في التراث الثقافي من كلا الضفتين إلخ... هذا طبعا بالإضافة إلى اليد العاملة التي ستخصص لإنجاز المنتزه وتشغيله. كما سيجسد هذا المشروع، الذي سيعطي قيمة مضافة لشتى التعبيرات الثقافية والفنية، استحضار معنى الثقافة الأندلسية وروحها، ومن ثمة إعادة المعالم الأكثر تفردا وتميزا في المراحل التاريخية المختلفة التي تركها لنا اسلافنا الأندلسيون، الذين حولوا إلى بوتقة ثقافية، كل المعارف في ذاك الزمن المزدهر، مما يجعلها ذات طابع فريد. كما ستتوفر المنشآة الثقافية الموضوعاتية التي أطلق عليها اسم "مدينة الأندلس" على فضائين مختلفين وضخمين الأول هو الفضاء الثقافي، الذي سيقام فيه رحلة زمنية موضوعاتية عبر أربع مراحل رئيسية تمثل أهم المعالم والآثار المنتمية لتاريخ الأندلس، والتعرف على أوجه التفوق الحضاري على مختلف المستويات، و من ناحية أخرى، سيمنح هذا المشروع فرصة عمل لالآف من الناس خاصة الشباب. وهناك أيضا الفضاء الترفيهي، الذي هو عبارة عن منتزه ضخم خاص بالتسلية والترفيه والتعلم التكميلي، سيتم إدراجه في مسار من أهم المسارات السياحية في العالم، بهدف تنشيط السياحة الثقافية. ولم ينسى الاهتمام الخاص بالتنمية الإقتصادية والإجتماعية والثقافية من خلال "سوق الأندلس"، الذي سيتم الجمع فيه بين الفضاء الموضوعاتي والعروض الفنية والسينمائية والأفلام الوثائقية عبر استعمال الوسائل التكنولوجية الحديثة. حيث سيشعر الزائر بالتشويق كأنه يعيش مرحلة حقيقية. كما سيسعى المشروع إلى إنشاء مركز للدراسات والأبحاث في تاريخ الأندلس وفي سير الحكام، وأيضا سير العلماء والمفكرين والمبدعين والمترجمين، الذين أسهموا بعلومهم وفكرهم في إثراء الحضارة الأندلسية، إضافة إلى مراكز لتدريب الشباب على امتلاك المهارات والقدرات المعرفية لحوار الثقافات والحضارات وتنظيم لقاءات وحلقات دراسية ودورات تكوينية لفائدة الشباب والأجيال الناشئة لتعريفهم بمظاهر هذا التاريخ.. وبالنظر لقيمة المشروع الإستثماري، فإن مانويل سافيدرا يأمل على أن يلقى هذا المشروع الدعم المادي من مختلف الجهات خاصة من البلدان الغنية التي تستثمر في المغرب حاليا بشكل كبير، مثل المملكة العربية السعودية و الإمارات العربية المتحدة وقطر وغيرها، خصوصا أن هذا المشروع ينشد إقامة شراكات مع مختلف القطاعات الحكومية المغربية والمنظمات الأوربية والعربية التي نتقاسم معها هذه الأهداف. و مانويل سافيدرا هو مهندس معماري إسباني مرموق وابن مدينة أصيلة، وصديق للمغرب وعاشق لتاريخه الثقافي وحضارته، يستهويه البحث في تاريخ الأندلس وثقافتها، أنجز عددا من المشاريع بالمغرب، وهو ضيف اساسي في عدد من الندوات واللقاءات العلمية المغربية، كالمنتدى الدولي الذي تنظمه الشبكة المتوسطية للمدن العتيقة، كما انه مدير وعراب مشروع "مدينة الأندلس".