في كل عام، في الرابع من مايو، نقف في هولندا دقيقة صمت لإحياء ذكرى ضحايا الحرب العالمية الثانية. نُشعل الشموع، نضع الأكاليل، ونردد بصوت واحد: "لن يتكرر ذلك أبدًا." لكن، هل يمكننا حقًا أن نُحيي هذه الذكرى بصدق دون أن نواجه الحقائق المؤلمة لما حدث بعد الحرب؟ وهل من الممكن أن نغض الطرف عن المعاناة التي تسببت بها تلك الحرب لشعب لم يكن حتى جزءًا منها؟ بعد الهولوكوست، تم تأسيس دولة إسرائيل بدعم غربي قوي، كنوع من التعويض عن الجرائم المرتكبة ضد اليهود في أوروبا. لكن هذا "التعويض" جاء على حساب شعب آخر — الشعب الفلسطيني. في عام 1948، وقعت النكبة: كارثة أدت إلى تهجير أكثر من 700,000 فلسطيني من ديارهم وقراهم، وتدمير أكثر من 400 قرية. هذه النكبة لم تكن حدثًا منفصلًا، بل كانت نتيجة مباشرة لشعور أوروبا بالذنب، ومحاولة إصلاح ما لا يمكن إصلاحه، دون التفكير في العواقب على من سيدفع الثمن. بهذا المعنى، يصبح الفلسطينيون أيضًا ضحايا للحرب العالمية الثانية — ليس لأنهم كانوا جزءًا منها، بل لأنهم تحملوا عواقبها. الغرب قال بعد الهولوكوست: "لن يتكرر ذلك أبدًا". لكن بدلًا من العدالة، فُرض حلّ تسبب في ظلم جديد لشعب آخر. لقد تسببت محاولة أوروبا الجماعية للتعويض في خلق صدمة جماعية جديدة. حتى اليوم، لا يزال الفلسطينيون يعيشون تحت الاحتلال، في المنفى، وفي ظروف لا يمكن تصورها — وسبب ذلك يعود جزئيًا إلى أحداث الحرب العالمية الثانية وقرارات ما بعدها. وفي الوقت الذي نُكرّم فيه ضحايا النازية، من الضروري أيضًا أن نعترف بضحايا السياسات التي تلت الحرب، والتي ما زال تأثيرها قائمًا حتى اليوم. يُقتل الأطفال الفلسطينيون يوميًا، يُجَوّعون، ويُحرمون من أبسط حقوقهم الإنسانية — حتى في الرابع من مايو. إحياء الذكرى الحقيقية لا يعني فقط ترديد كلمات عن "الحرية" و"العدالة"، بل يعني الاعتراف بمن تُنتهك حريتهم اليوم، ومن لم يجدوا العدالة قط. إذا أردنا أن يكون "أبدًا مرة أخرى" أكثر من مجرد شعار فارغ، فعلينا أن نجرؤ على رؤية الصورة كاملة — وأن نُدخل الحقيقة والضمير الإنساني إلى كل لحظة صمت نُكرّسها. لذلك، في 4 و5 مايو، دعونا لا نُحيي الذكرى فقط، بل لنعترف أيضًا. لأن الاعتراف هو أول خطوة نحو العدالة، والعدالة هي الطريق الوحيد نحو سلام حقيقي. ذكرى الحرب العالمية الثانية