أنوار العسري في مشهد يعكس غياب الفاعلية لدى بعض المجالس المنتخبة، مقابل حضور قوي لروح المواطنة والمسؤولية الاجتماعية، بادرت تعاونية أرباب الشاحنات نقل الرمال ومواد البناء بالعرائش، كعادتها، إلى التدخل العاجل لإصلاح الطريق المؤدية إلى منطقة "أولاد اصخار" و"الهيايضة" وعدد من الدواوير المجاورة، التي تعرف حركة نشطة بفعل تموقعها على محيط المنطقة الصناعية "الهيايضة"، والتي تعد من أبرز الأقطاب الاقتصادية بإقليم العرائش، حيث تحتضن أكثر من ثمان شركات دولية، وتندرج ترابياً ضمن جماعة العوامرة، إحدى أغنى الجماعات القروية على الصعيد الوطني. جاء هذا التدخل بعدما تحولت هذه الطريق إلى معاناة يومية لسكان الدواوير ومستعملي الطريق، نتيجة الأضرار الكبيرة التي لحقت بها بفعل الأمطار الكثيفة والاستخدام المكثف من قبل الشاحنات والمركبات الثقيلة الخاصة بالأنشطة الصناعية والفلاحية بالإقليم. وقد سبق لمنصات محلية وإعلاميين بالمنطقة نشر صور وفيديوهات توثق للوضعية الكارثية للطريق، وهو ما لفت الأنظار إلى حجم التدهور الذي يعرفه هذا المسلك الحيوي، قبل أن تتحرك التعاونية، بما تملكه من آليات ومعدات، لفك العزلة وإعادة تأهيل الطريق، موجهة بذلك رسالة واضحة مفادها أن العمل الجمعوي والتعاوني قادر على ملء فراغ غياب التدبير الجماعي الفعال. يثير هذا التحرك تساؤلات ملحة حول جدوى وجود رؤساء بعض الجماعات القروية، الذين يملكون الإمكانيات القانونية والمالية، دون أن يتحركوا لمعالجة اختلالات مماثلة، تاركين التعاونيات والجمعيات تحمل على عاتقها عبء الإصلاح والصيانة، وهو ما يعكس خللاً بنيوياً في تدبير الشأن المحلي. ولا يخفى على أحد أن الطريق المؤدية إلى "الهيايضة" ليست فقط مصلحة لفئة دون أخرى، بل تعتبر شريانا اقتصادياً مهماً، يربط بين الوحدات الصناعية الكبرى والدواوير المحيطة بها، فضلاً عن كونها نقطة عبور رئيسية لشاحنات نقل المواد الأولية والفلاحية، ما يجعل صيانتها ضرورة ملحة، وليست ترفاً أو خياراً مؤجلاً. مرة أخرى، تقدم تعاونية أرباب الشاحنات بالعرائش نموذجاً يُحتذى به في المواطنة الفاعلة، حيث تثبت أن الانتماء الحقيقي لا يُقاس بالمناصب ولا بالميزانيات، بل بالفعل الميداني والتجاوب مع هموم الساكنة وحاجياتها، وهو ما يستوجب وقفة تأمل من طرف المجالس المنتخبة لمراجعة أولوياتها، قبل أن يفقد المواطن الثقة في دورها المؤسساتي. فهل نحتاج فعلاً إلى المزيد من التعاونيات والجمعيات لتعويض ما لا تقوم به المجالس المنتخبة؟ سؤال يظل مطروحاً، وإجابته تتجلى يومياً على أرض الواقع.