الزوبير بوحوت سجل المغرب تراجعًا مقلقا في مؤشر تنمية السفر والسياحة (TTDI) لسنة 2024، حيث خسر 12 مرتبة، منتقلاً من المرتبة 70 في عام 2019 إلى المرتبة 82 في عام 2024.و يُعد هذا التراجع أكبر انخفاض من حيث عدد المراتب المفقودة بين 119 دولة التي تم تحليلها، و من المحتمل ان يؤثر على تنافسية المغرب السياحية على المستوى العالمي. فقد تراجع المؤشر الإجمالي للمغرب من 3.76 إلى 3.64، أي بانخفاض قدره 3.2%و ومن شأن هاته التراجع ان يثير القلق بشكل خاص لأنه يبرز الضعف الهيكلي الذي يتطلب اهتمامًا عاجلاً في قطاع سياحي عالمي يشهد تحولًا كبيرًا، كما يجب على المغرب أن يأخذ هذا التقرير والدروس المستخلصة منه على محمل الجد. وشهد المغرب انخفاضات ملحوظة في جميع المعايير التي قيمها التقرير، على وجه الخصوص،في مؤشر البنية التحتية السياحية التي فقدت 0.3 نقطة، و مؤشر الاستدامة، الدي سجل نفس الانخفاضً، كما فقد المغرب بعض النقاط في مجال السياسات السياحية وفي البيئة المواتية، وهما مجالان أساسيان لجذب الاستثمارات ودعم نمو القطاع، حيث انخفض مؤشر البنية التحتية من 3.8 إلى 3.5، في حين انخفضت درجة الاستدامة من 3.5 إلى 3.2.و تكشف هذه الانخفاضات عن نقص في الجهود لتحديث البنية التحتية وتحسين إدارة البيئة في البلاد. فالمغرب، رغم امتلاكه خطة طموحة لأفق عام 2030، تهدف إلى جذب 26 مليون سائح بحلول ذلك العام، سجل تقدمًا ملحوظًا في استقبال الزوار، حيث سجل 14.6 مليون سائح في نهاية أكتوبر 2024، متجاوزًا بالفعل الرقم المحقق في عام 2023 كاملا و الذي بلغ 14.5 مليون وافد . هذه الديناميكية تظهر أن المغرب، رغم الحاجة إلى المزيد من الجهود، يسير في الطريق الصحيح لتحويل قطاعه السياحي وتحقيق أهدافه، من خلال الاستمرار في هذا الاتجاه، يمكن للمغرب تحسين تنافسيته واستعادة ثقة الفاعلين الاقتصاديين، مما يجذب شركاء جدد في هذا القطاع الحيوي لتنمية اقتصاده. ومع ذلك، لكي تجد هذه الاستراتيجية( خارطة الطريق 2023- 2026- 2030)، صدى إيجابيًا لدى الهيئات الدولية، بما في ذلك المنتدى الاقتصادي العالمي (WEF)، يتطلب الأمر إجراءات ملموسة وقابلة للقياس، والتي ستترجم التزامات المغرب إلى نتائج ملموسة. وهذا سيتجسد في زيادة رؤية(visibility )المغرب وتحقيق جاذبية أكبر للاستثمارات، وهي ضرورية لتعزيز تنافسية البلاد على المستوى العالمي. يُشار إلى أن تقرير مؤشر تنمية السفر والسياحة (TTDI) 2024، الذي أعدته مؤسسات مرموقة مثل المنتدى الاقتصادي العالمي (WEF) وجامعة ساري، وبدعم من شركاء مثل منظمة السياحة العالمية (UNWTO) و مجلس السفر والسياحة العالمي (WTTC)، يعتمد على منهجية صارمة وخبرة عالية. فهذه المؤسسات، المعترف بها عالميًا لقدرتها على تحليل القطاعات الاقتصادية، تقدم رؤية دقيقة حول قوة وضعف الدول في قطاع السياحة وهو ما يستوجب أن يُؤخذه المسؤولون المغاربة على محمل الجد كإشارة تحذير حقيقية، يتعين على السلطات المعنية الاستفادة من الدروس المستخلصة من هذا التقييم ودلك من أجل تطوير قطاع سياحي قوي ومرن قادر على مواجهة التحديات العالمية وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية. فمنذ تأسيسه في عام 2007، ينشر المنتدى الاقتصادي العالمي (WEF) بالتعاون مع جامعة ساري هذا التقرير سنويًا حول تنافسية السياحة العالمية. و يُعد هذا التصنيف أداة أساسية لتقييم أداء البلدان في مجال التنمية السياحية، مع تسليط الضوء على قوتها وضعفها. فمن خلال منهجية دقيقة، يقيم المنتدى 119 دولة بناءً على معايير متنوعة مثل البنية التحتية و التنافسية الاقتصادية و الاستدامة.كما يساعد المنتدى الاقتصادي العالمي (WEF)، بالتعاون مع شركائه الدوليين مثل الUNWTO و WTTC و IATA، في تحليل أداء هذه الدول وفقًا لمعايير تتراوح بين السياسات العامة و البنية التحتية وصولاً إلى إدارة الموارد الطبيعية. ويعتمد التقرير على خمس أبعاد رئيسية لتقييم التنافسية السياحية العالمية: البيئة المواتية (Enabling Environment)، شروط السياسات السياحية (T&T Policy Conditions)، البنية التحتية والخدمات (Infrastructure & Services)، الموارد السياحية (T&T Resources)، و الاستدامة السياحية (T&T Sustainability). يتم تحليل كل بعد بعمق من خلال 17 ركناً و 102 مؤشر، مع إعطاء تقييم إجمالي على مقياس من 1 إلى7: البيئة المواتية تقيم عناصر مثل مناخ الأعمال، الأمن، تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (TIC)، و جودة اليد العاملة. وتهتم شروط السياسات السياحية بأولوية القطاع السياحي في السياسات العامة و توافر الأسعار التنافسية. كما تقيس البنية التحتية والخدمات جودة البنية التحتية للنقل والخدمات السياحية، بينما تقوم الموارد السياحية بتقييم الموارد الطبيعية والثقافيةو أخيرًا، تقيس الاستدامة السياحية الاستدامة البيئية والاجتماعية والاقتصادية للقطاع، مع التركيز على إدارة الموارد الطبيعية والتحديات البيئية العالمية.لذلك، لا يقتصر هذا التقرير على قياس التنافسية الاقتصادية، بل يسلط الضوء أيضًا على جهود الدول لضمان المرونة والاستدامة لقطاعها السياحي في مواجهة التحديات العالمية. يشار إلى أنه على الصعيد العالمي، تهيمن دول مثل الولاياتالمتحدة و إسبانيا و اليابان على القمة بفضل مزيج من الموارد الطبيعية، السياسات السياحية الطموحة، و البنية التحتية الحديثة، بينما يجب على دول مثل المغرب تعديل استراتيجياتها للبقاء قادرة على المنافسة.وتعتمد السياحة العالمية الآن على توازن معقد بين التنمية الاقتصادية و الاستدامة و إدارة الموارد. يُظهر تصنيف الدول العشر الأوائل في عام 2024 هيمنة مستمرة للقوى الاقتصادية والسياحية الكبرى. تتصدر الولاياتالمتحدة و إسبانيا و اليابان الترتيب، تليها عن كثب دول أوروبية مثل فرنسا و ألمانيا و المملكة المتحدة. علاوة على ذلك، شهدت أستراليا تحسنًا في ترتيبها هذا العام. تمكنت هذه الدول من الاستفادة من مواردها الطبيعية و بنيتها التحتية الحديثة و سياساتها العامة المواتية للحفاظ على تنافسية عالية في قطاع سياحي يتطور باستمرار. في عام 2024، تصدرت الولاياتالمتحدة الترتيب بتقييم قدره 5.24، تلتها إسبانيا (5.18) و اليابان (5.09). كما شهدت اليابان تقدمًا كبيرًا في التصنيف منذ عام 2019، حيث كانت تحتل المرتبة الرابعة. يظهر هذا التحسن أهمية المزيج الفعال للسياسات العامة القوية و البنية التحتية المتينة و الأولوية الاستراتيجية للقطاع السياحي، مما يسمح لهذه الدول بالبقاء في طليعة المنافسة العالمية مع تلبية التحديات المتعلقة بالاستدامة. من بين الدول التي تقدمت بين 2019 و 2024، تميزت أوزبكستان بتحقيق تقدم ملحوظ بلغ 16 مرتبة، حيث انتقلت من المرتبة 94 إلى المرتبة 78، وذلك بفضل الإصلاحات الطموحة، بما في ذلك تحديث بنيتها التحتية السياحية وتنويع عروضها السياحية. كما تقدمت إندونيسيا ب 14 مرتبة، حيث انتقلت من المرتبة 36 إلى المرتبة 22، بفضل الاستثمارات الكبيرة في البنية التحتية للنقل ومبادرات لزيادة جاذبيتها السياحية دوليًا. دول أخرى شهدت تقدمًا مثل السعودية التي حققت 9 مراتب لاحتلال المرتبة 41، بفضل استراتيجيتها في تنويع السياحة والاستثمار في مشاريع بارزة مثل مشروع نيوم. وكذلك الإمارات العربية المتحدة، التي تقدمت 7 مراتب، حيث عززت مكانتها بين الرواد العالميين بفضل الانفتاح الاقتصادي و السياسة السياحية طويلة الأجل. في المقابل، شهدت بعض الدول تراجعًا ملحوظًا، بما في ذلك المغرب الذي خسر 12 مرتبة، حيث انتقل من المرتبة 70 في 2019 إلى المرتبة 82 في 2024. يعود هذا التراجع بشكل خاص إلى انخفاض جاذبية الاستثمارات في القطاع، وغياب الإصلاحات المهمة في إدارة الاستدامة. وكذلك منغوليا التي خسرت 9 مراتب، و الكويت التي خسرت 10 مراتب، هما مثالان آخران لدول تواجه ركودًا أو تراجعًا بسبب التحديات الاقتصادية أو نقص السياسات العامة التي تدعم ازدهار السياحة.