القصر الكبير : مصطفى منيغ يتناهَى لمسامع جَيلٍ ليبي صاعد تغليط محبوك بعنايةِ مُزوري التاريخ في فصوله الأخيرة مِن حديثه عن حدثٍ لن يتكرَّرَ كالوقائع الجميلة التي كادت منافعها تسود داخل ليبيا لولى تعاظم التكالب عليها لتُباد ، على أيدي صُنَّاع الزحف للوراء مدبري شرور تأخير أمة ليبية عربية مسلمة عن انجاز مكرمة التقدم التقدمي في أي غد ، بغرض إعدام المُشيَّد على منح الدليل أن العربي الليبي قادر على تدبير الشأن الإنساني بما هو حق مشروع كلما الفرص متساوية بين الجميع في تناول اليد ، للإبقاء على الهيمنة الغربية بدل المتوفر المحلي النقي المصدر المُستخرج عن دراية علمٍ موجَّهٍ من عقل مُشبع بالإيمان مُحْتَرِمٍ مهما حَكَمَ صاحبه حقوق الإنسان ، أطلقوا عي انتفاضتهم غير المُبَرَّرة شعار الثورة ، التي لم تكن صراحة غير تبيان لما قد يُطبَّق عليها مجازا "عورة" ، تلازمهم صورها بأبعادها الثلاث ما عمَّروا ، بإيعاز من قِوى خارجية تمكَّنت الركوب على ظهورهم للإطاحة بما كان صرحاً مُقاماَ تتباهي به ليبيا مدى الزمن . للمرة الأولى وكذا الأخيرة ، استطاع شعب عربي مسلم أن يحكمَ نفسه بنفسه ، تيقنتُ من ذلك مباشرة في عين المكان داخل ليبيا ، وتحديداً خلال تجوالي بين طرابلس وبنغازي مروراً بسرت ، عايشتُ التَّجربة ولمستُ تلك التغيرات التي جعلت من الإنسان الليبي يفاخر بحريته واستنشاقه عبير الكرامة ومعانقته الشرف بشرف أشرف ، يتصرف سيداً على نفسه ومحيطه الشخصي ، يناقش رافعاً صوته إن أراد تحمل أي مسؤولية تتعلق بتدبير الشأن العام ، مهما توجَّه كحَّل جفنيه بعمران على الطراز التقني العالي الجودة مُقام ، وإن أصابه سقم حصل على الرعاية الملازمة لصنف مرضه في جميع مراحل الاستشفاء بالمجان ، صغاره تحتضنهم المدارس المجهزة أحسن تجهيز على المستويين البشري والمادي ، كل المواد الاستهلاكية الضرورية متوفرة بأثمنة تُعدّ الأرخص في العالم ، كل إنسان ليبي ومِن الجنسين مهما كان سنه يتمتع بمنحة سنوية تكفيه لقضاء عطلة استجمام لمدة شهر في أي دولة من المعمور، وهكذا قائمة المنجزات العظيمة تتزاحم كل مرحلة بالمزيد ، خدمة لصالح الليبيين رجالا ونساء وأطفالا وشيوخاً مما يجعلهم أكثر الشعوب ضمانا لمستقبلهم ، يشملهم الاكتفاء الذاتي مهما كان التخصص أو المجال . مقامي في ليبيا جاء بدعوة كريمة من الإعلام الثوري(وزارة الإعلام) لأفاجأ ببلد عرف كيف يستثمر قدراته المادية في بناء كل جديد ، غير مكتفي بالنجاح وإنما تخطاه لطموح أكبر يجعل من ليبيا دولة مثالية متى تعلَق الأمر بإعطاء الإنسان ما يستحق لمتابعة مسير الحياة مُحترماً نفسه مُنسجماً أفضل ما يكون الانسجام ، لخدمة وطنه الخدمة اللائقة بمكانته وما أنجزه من مظاهر العِزَّة والسؤدد ، وما يدَّخره في الجوهر من قدرة تمركزه كمقدمة لطليعة البلاد العربية الإسلامية ، مهما كان الاتجاه قوة محافظة على ما تحقَّق ، أو اقتصاداً يلغي التبعية لأي طرف مستغل ، أو قيماُ روحية نبيلة تحظى بتوقير مُستَحَقٍّ لما ترمز إليه من عقيدة سمحة . في مطار طرابلس وجدت من استقبلني بحفاوة لن تُنسى ، منهم من أخبرني عن ندوة صحفية مُقامة لتبادل النقاش مع رجال الإعلام والفكر حول انطباعاتي الأولية ذات الخلفية المكوَّنة مِن خارج ليبيا حولها ، لكنني رفضت بدبلوماسية تركت استحساناً وسط الإخوة الأربعة ، مقترحاً تأجيل الفاعل لمدة ثلاثة أيام أكون خلالها قد استرحتُ بما فيه الكفاية من عناء السفر، وقبل ولوجي الغرفة المخصصة لي في فندق " الضهرة" ، طلبتُ من نفس الأخوة نسخة من الكتاب الأخضر وكل ما استطيع الاستفادة من قراءته حول الجماهيرية الليبية ، بالتأكيد عكفت خلال المدة التي خصَّصتها مسبقاُ للاستراحة على دراسة كل ما توصلتُ به من وثائق ، وبخاصة جميع فصول الكتاب الأخضر الذي اعتبره البعض دستور البلاد المتضمِّن الخطوط العريضة لتدبير شؤون المجتمع الجديد و المبشِّر بميلاد نمط من الحكم فريد عبر العالم .