لا مشكلة السيدة مايسة في أن تكون لك وجهة نظر في الفساد، وأن تسلكِ المسار الذي يناسبك في فضحه، إلا أن الشيطان يختفي في التفاصيل.. لكنني أذكرك بحكاية في صلب دينامية نشاط الجمعية المغربية لحماية المال العام، وهي مقبلة على تنظيم وقفات وطنية يوم 13 يونيو احتجاجا على تماطل الدولة في فتح ملفات الفساد وتبديد المال العام، والتي فتحتها الجمعية (للتذكير دعوة الجمعية كانت سابقة لتصريحكِ). مناسبة إيراد اسم الجمعية المغربية لحماية المال العام وعلاقتها باختباء الشيطان في التفاصيل، أنه أحيانا كان تردنا في الجمعية ملفات "فساد" من مستشارين جماعيين حول مستشارين جماعيين آخرين من نفس الجماعة، فعلا هدفنا هو التثبت من صدقية الملفات وسندها، لكننا في عملية التمحيص أيضا نأخذ بعين الاعتبار عامل المنافسة الانتخابية، وكذا الجانب الكيدي في استعمال المعلومات، وتوقيت استعمالها، والهدف من إبراز معطيات بعينها وإخفاء أخرى، والتركيز على أشخاص محددين وحماية آخرين متورطين أيضا.. لماذا التذكير بهذا السياق، العزيزة مايسة، فقط لكي ينبته الجميع أننا يمكن أن نكون ضحية أن يأكل جزء من الفساد الثوم بفمنا ظنا منا أننا نحارب جزء آخر من الفساد.. وخلاصة القول أن الفساد ملة واحدة، سواء كان ملتحيا يمتطي بردعة تجارة الدين، أو كان إثنيا يمتطي بردعة حروف تيفيناغ.. فقط علينا أن نحرص أن لا يمتطي أي وصولي أو وصولية صهوة ظهورنا لتوظيفنا في حروب انتخابية، فمحاربة نهب المال العمومي ليست شماعة انتخابية فقط، بل معركة بنيوية في مفاصل الدولة وأتباع ريعها على تعدد ألوانهم. ملحوظة 1 : هل تتذكرين الحملة الانتخابية للمصباح حين كان يعد بفضح ملفات الريع ونهب المال العام، لقد أصبح جزء أصيلا ومتأصلا من بنية الفساد وحاميا لها. ملحوظة 2 : فيدرالية اليسار الديمقراطي ستدخل الانتخابات ومشروعها قولا وفعلا محاربة الفساد وصون المال العام، ليس مرحليا، بل تعرفين أننا منخرطون في هاته المعركة قبل ذلك وميدانيا.