صورة : الأستاذة وفاء بن عبد القادر رئيسة جمعية كرامة لتنمية المرأة تعتبر الأسرة أهم خلية في المجتمع، فهي صمام أمانه. تماسكها واستقرارها ، وإيجابيتها ، ضمان لإستقرار المجتمع .وبالتالي أية استراتيجية،وأية برامج تم تخطيطها في غياب استحضار هذه الخلية، فيمكن الحكم عليها بالفشل المسبق. اليوم ، وفي ظل أزمة كورونا التي فرضت مجموعة من التدابير الإحترازية وعلى رأسها ، الحجر الصحي، ظهر واضحا حجم الهشاشة التي تعاني منها هذه الأسرة. إن نسب العنف المتزايدة خلال هذا الحجر تؤكد غياب البنيات الأساسية ، والشروط الضرورية للحفاظ على المؤسسة الأسرية. من هي الأسر المهددة حاليا؟ إنها تلك الأسر التي تعيش على صفيحة ساخنة، وعند أول موجة زلزالية يحدث الإصطدام! هذه الأسر كانت دائما مهددة بالعنف( أمية، جهل،قلة الوعي…) واليوم مع ظروف الحجر ،تواجد يومي داخل محيط مغلق، أفواه مفتوحة،بطون فارغة،عقول مغيبةتحتاج للمخدر، طفل يحتاج للهاتف، للتعبئة،صاحب البيت أو بالأحرى الغرفة، يطالب بأجرة الكراء…ما العمل؟ ماهي أضعف حلقةداخل كل هذا؟ إنها المرأة! نعم المرأة عنفت في هذا الحجر على جميع المستويات: داخل الأسرة، وخارجها. من خلال الحالات التي المتواصلة مع مراكز كرامة للإستماع والتوجيه الأسري ، والذي استمر بالعمل عن بعد عبر ثلاثة أرقام هاتفية، الواتساب، الميسنجير وكذا لقاءات مباشرة في الفيسبوك …كان هلعنا كبير، ونحن نقف على كل هذه الأنواع من العنف ، في ظرف وجيز. نعم ،عنف جسدي، عنف جنسي، عنف اقتصادي،عنف نفسي،طرد من بيت الزوجية،هجرة الزوج،طرد الأبناء، عدم الإنفاق،وقد سجلنا نوعا جديدا من العنف يرتبط بإجراءات تدبير الأزمة ، ألا وهو عنف معلوماتي.النساء يسألن عن كيفية ملء طلبات الدعم الإجتماعي المخصص للفئات الهشة ، والجهة المعنية …وعنف تنظيمي،حرمان النساء المعيلات لأبنائهن من الإستفادة من الدعم الإجتماعي دون مراعاة لمقاربة النوع ومبدأ المساواة والعدالة الإجتماعية. إن الأسرة من المفترض بأن تكون مكانا آمنا للمرأة وخصوصا في ظل أزمة عالمية، يعاني منها جميع البشر، ولكن للأسف الواقع عكس ذاك.! الآن نحن أمام وضع خطير ، يهدد مجتمعنا .المرأة المعنفة ، المطرودة… تعاني ، وجل هؤلاء النساء يعانين في صمت! صمت ، إما بسبب ظروف الحجر التي تمنعهن من مغادرة البيت، صمت ، بسبب الهشاشة الإقتصادية ، وعدم قدرتهن على الإنفاق على أنفسهن وأطفالهن ، صمت ،لغياب السند ، فأسرتهن لن تستقبلهن إلا إذا تخلين عن أطفالهن ! صمت ، لأنها ثقافة مجتمعية مغلوطة وشائعة في كثير من الأوساط:”الرجل من حقه تأديب المرأة!”وهذا التأديب هو الضرب ، هو العنف. العنف لا ينتج إلا عنفا ! وهؤلاء الأطفال ضحايا العنف الأسري يعيشون أزمات نفسية في الحاضر وفي المستقبل، إنهم إسفنج المشاعر و الأحاسيس.فهذا الواقع المعاش له إسقاط مباشر على الأطفال،فإما أن يصبحوا أطفالا ضحايا، أو أطفالا متسلطين. اليوم، السياسات العمومية مطالبة بوضع تدابير علاجية آنية للحد من ظاهرة العنف ، بدعم النساء المعنفات ، إجتماعيا واقتصاديا ، وعزل المعنف ومنعه من التواصل مع الضحية إلى حين إتخاذ الإجراءات القانونية. توفير خدمات الدعم النفسي عن بعد للمعنفات وأطفالهن . وبالنسبة للتدابير البعدية فلابد أن تركز على الجوانب الحمائية والعمل على توفير مراكز الإستقبال المتخصصة ، وإنشاء مصحات استشفائية لعلاج المدمنين وتقديم الدعم النفسي لهم. وتقوية البنيات الإجتماعية والإقتصادية . ويجب التركيز على دور الإعلام في مواكبة الجائحة وحماية المجتمع عبر تقدير برامج وقائية ، ووصلات فنية ، ومسابقات …تنبذ العنف ضد النساء، وتقدم الصورة الحقيقية للمرأة بعيدا عن كل الصور النمطية المحرضة على العنف ضد النساء .ومن خلال تشخيص أسباب العنف ضد النساء ، يتجلى بالضرورة الحاجة الملحة إلى إلزام المتزوجين الجدد بالإدلاء بوثيقة تؤكد استفادتهم من تأهيل في المجال القانوني( التعرف على بعض مواد مدونة الأسرة)، والصحي، .والإجتماعي…ويبقى دور المجتمع المدني كقوة اقتراحية، ترافعية، ومواكبة في كل الأحوال وبالتالي الإستثمار في المجتمع المدني ودعمه كشريك أساسي لإنجاح كل السياسات المجتمعية والإبداع من أجل النهوض بالتنمية المجتمعية.