بقلم : عبدالنبي التليدي انه من الواجب على الجميع وعلى المسؤولين بصفة خاصة عن تدبير الشان العام للمغرب ان يسمحوا لابناء الوطن من مفكرين ومثقفين واصحاب الراي ولكل من تدفعه الغيرة على بلاده وعلى امنها واستقرارها بالتعبير عن ارائهم في اوضاعهم العامة وشؤون المغرب وبالادلاء بما يرونه ضروريا لاصلاح الاوضاع التي تقتضي اصلاحها من افكار واقتراحات و البحث الموضوعي الجاد والعميق والعلمي عن أسباب الفشل المجتمعي والوسائل الممكنة و الحلول الواجبة التي من شأنها أن تخرج بالبلاد من هذه الدوامة التي تكاد ان توقعنا في ما يضرنا ، الى الطريق المستقيم الذي لا بد أن يكون مؤسسا على أرض سياسية صادقة نزيهة وصلبة يصعب ان يؤثر فيها اي نوع من الزلازل ولو كان مطلوبا ، بخلاف لو بنيت الطريق بناء مغشوشا بفعل الفساد في التدبير والانفاق والتخطيط السيئ الانهازي ، حيث يأتي اي اهتزاز في الأرض على الطريق وأهله وعلى الأخضر واليابس… ان الدول التي تجاوزت مظاهر تخلفها وحققت آمال شعوبها في التنمية والرخاء والكرامة والحرية تم بناء على العقل وبالاعتماد على الفكر اي على الاستثمار في الطاقة البشرية التي تعتبر اهم طاقة لانها تنتج الثروة وباقي الطاقات الضرورية لكل تنمية اقتصادية ورفاهية اجتماعية واستقرار سياسي ، وذلك من خلال التربية السليمة لأفراد المجتمع والتعليم الجيد والمفيد وعلى البحث العلمي الضروري والمدعم ماليا وفتح آفاق العمل والإنتاج أمام الافواج المتخرجة بعد رصد راس المال المال في هذا الاتجاه الذي يجب أن يصرف بحكمة وبنزاهة ووطنية صادقة بعيدا عن كل سلطة مفسدة أو سياسة انتهازية فاسدة. اما ما عدا هذا الجانب الأساسي للتغيير في مجتمعنا فلن تنفع أية وسيلة لانها غير مؤسسة على أسس بإمكانها أن تغير الناس لأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ، وهكذا فإن الأولى بنا ان نعطي للفكر ما يستحق وان نشجع على تبادل الراي و حرية التعبير والانصات الى الراي الاخر ومناقشته بكل موضوعية وبالاخلاق وايلائه ما يستحق من اهتمام وعناية ولو كان رايا يخالف مفهوما ما او يناوئ خطا سياسيا او لا يتوافق مع ما يريد سماعه الحاكم او يعارض التوجهات النظام الخاصة لان المواطن النصوح خير للدولة من المواطن المطيع طاعة عمياء لان هذا الاول محب لوطنه وغيور على مستقبله بينما الثاتي اما جاهل لا يعتد برايه واما انتهازي لا يجب الوثوق فيه لانه يغير رايه تبعا لمصالحه الخاصة وحسب اختلاف مواقع اصحاب القرار وتباين اهميتهم ودرجاتهم . واذا رجعنا إلى التاريخ الحديث للمغرب لا بد أن نجد ما يدعم أهمية التفكير واعمال العقل وابداء الراي وتبادله والتخطيط المخلص و الصادق بين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه واقسموا من اجله وما بدلوا تبديلا منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ، الذين اعتمدوا حرية الراي والتعبير وتسامحوا في ابداء وجهات النظر غايتهم الصالح العام للمغرب وهدفهم الخروج من ربقة الاستعمار وتحقيق الاستقلال ، واهمية كل ذلك و دوره بعد الاستقلال في نجاح كثير من الزعماء المغاربة ومن علماء وفقهاء وأساتذة المغرب وفي شهرة عدد لا يحصى منهم في شتى المجالات ان كانت سياسية أو ثقافية أو إدارية أو ديبلوماسية الذين يعود إليهم الفضل في ما حققه المغرب اثناء تلك السنوات في تلك المجالات من إيجابيات نذكرها بخير ونتمنى لو عادت … وفي هذا فليتنافس المتنافسون …