عريضة “جميعا من أجل حماية البناية التاريخية لقصر الأميرة الفرنسية إيزابيل دي أورليان من الهدم ” أطلق الفاعل الجمعوي شكيب اللنجري فليلح عريضة الكترونية أكد فيها على أهمية التراث الثقافي في الحضارة الانسانية المحدد النوعي لهويتنا الإنسية والثقافية ومن الآليات الاستراتيجية في التنمية البشرية المستدامة من جانب أخر دعت العريضة الى وقف عملية سلسلة تدمير تراثنا الثقافي والحفاظ على البناية التاريخية بمدينة العرائش المغربية المعروفة بقصر الأميرة الفرنسية إيزابيل دو أورليان المعروفة بين ساكنة المدينة ب: “دوكيسا دو كيز”المهدد بالهدم بنناء على ترخيص غير قانوني سلم من قبل رئيس بلدية العرائش ووجه اللجنري نداء الى المتضامننين من أجل وقف قرار الهدم وجاء في العريضة مما لا شك فيه أن التراث الثقافي يعد من المكونات الحساسة التي على أساسها تحدد قوة وأهمية الحضارة الإنسانية، والمحدد النوعي لهويتنا الإنسية والثقافية، وهو إلى جانب هذا وذاك يعد من الآليات الاستراتيجية في التنمية البشرية المستدامة لما يمكن أن يوفره من فرص للاستثمار ويفتح من أبواب لتشغيل وتأهيل الرأسمال البشري عبر العالم، ولعل هذا الأخير يزخر بتجارب رائعة في هذا الاتجاه. كما أنه يزخر مع كامل الأسف بتدخلات وممارسات غير مسؤولة ومتهورة في حق البنية المعمارية للموروث التاريخي الإنساني ساهمت فيه بشكل مضطرد وملحوظ الحروب والنزاعات الإقليمية والدولية، فضلا عن النزعات المتطرفة التي تنمي النعرات الإرهابية تجاه الإبداعات الإنسانية التي خلفتها لنا الثقافات الغابرة. الشيء الذي أثر على المخزون العالمي للتراث الثقافي، وهو أمر يتفاقم بحدة في دول العالم العربي على الرغم من المجهودات التي تبذل اليوم من قبل الحكومات والمنظمات ذات الصلة من أجل إنقاده ورد الاعتبار إليه، إلا انها تبقى محدودة وذات طابع انتقائي تهمل جزئيات الموروث التاريخي الذي يشكل بالنظر لتعدد الثقافات المكونة عنصر تقارب بين مختلف الثقافات العالمية الحالية المشكلة في كليتها للحضارة الإنسانية. وتأسيسا على ذلك، يأتي طرحنا لمشكل البناية التاريخية بمدينة العرائش المغربية المعروفة بقصر الأميرة الفرنسية إيزابيل دو أورليان المعروفة بين ساكنة المدينة ب: “دوكيسا دو كيز” التي استقرت بمدينة العرائش شمال المغرب وربطت علاقات اجتماعية طيبة مع الساكنة، وماتت بها ودفنت في ثراها قبل نقلها للدولة الفرنسية، هذا المبنى الجميل الذي يتموضع في وسط المدينة ويشكل جزء جد هام من التشكيلة المعمارية الإسبانوموريسكية، هو اليوم مهدد بالهدم بناء على ترخيص غير قانوني سلم من قبل رئيس بلدية العرائش الذي أعمى بصيرته وبصره عالم البناء والعقار وأرباحه الطائلة على حساب رموز ودلائل تراثنا الثقافي المعماري التاريخي. وحتى نقرب عموم المتضامنين معنا عبر هذا النداء بهدف وقف عملية سلسلة تدمير تراثنا الثقافي، ونبرز الأهمية التي تكتسيها هذا البناية التاريخية إليكم نبذة عنها وعن الشخصيات التاريخية الهامة التي سكنتها وبلورت على أرض الواقع وبالملموس التعايش الديني والتمازج الثقافي وقيم التسامح الإنساني التي كانت تسود عالم الثلاثينات والأربعينات من القرن العشرين تلكم الفترة المليئة بالحروب والنزاعات العالمية والأطماع الاستعمارية واستعباد الشعوب الضعيفة المغلوبة على أمرها: دوكيسا كلمة لاتينية تعني (الدوقة)، فمن تكون هذه الدوقة أو الدوكيسا التي ارتبط العرائشيون بالوفاء لذكراها ؟ من تكون هذه التي تركت عرشها وبلدها وقارة أوربا لتعيش وتموت بمدينة غريبة عن هويتها ؟ من تكون دوكيسا التي دونت اسمها في التاريخ الفرنسي والبلجيكي والبريطاني والإسباني والمغربي، وفرضت اسمها على ذاكرة المغرب عموما والعرائش على وجه الخصوص ؟ الاسم و الصفة d'Orléansإنها إيزابيل أورليان أو إيزابيل ماري لور أورليان، ولدت في 7 مايو 1878 في شاتو دوو ب نورماندي بفرنسا، عضوة بمجلس نواب أورليانز la maison capétienne ، هي في نظر الأسرة الملكية الفرنسية والعائلات الفرنسية النبيلة وأهل المواثيق بالفاتيكان “ملكة فرنسا” من 1926 إلى يوم وفاتها في 21 يناير 1961 بالعرائش. الأسرة إيزابيل هي ابنة فيليب أورليان أو “فيليب السابع” (1838-1894) كونت باريس ووريث العرش الفرنسي، والدتها هي الأميرة ماري إيزابيل أورليان ( 1919/1848)تزوجت الأميرة في 30 أكتوبر 1899 من الأمير جون أورليان أو “جون الثالث” ( 04-09-1874 / 25-08-1940 )، “دوق دوغيز “« Duc de Guise »وأنجبت منه أربعة أطفال، 3 بنات وولد تميزوا جميعهم بالوسامة والأناقة والوجاهة تماما كوالدتهم وهم كالتالي :1- إيزابيل أورليان (1900-1983) التي تزوجت مرتين الأولى من الكونت برونو دي هاركورت (1899-1930) والثانية من الأمير بيير مورات (1900-1948) الذي أنجبت منه 4 أطفال2- فرانسواز أورليان (1902-1953) التي تزوجت الأمير كريستوفر دو غريس (1889-1940)، ابن جورج الأول ملك اليونان فأنجبت منه الأمير مايكل دو غريس.3- آن أورليان (1906-1986) التي تزوجت ابن عمها أمير أميدي دي سافوا أوست، دوق أوستا، ونائب الملك في إثيوبيا، أنجبت منه ابنتان.4- هنري أورليان (1908-1999)، “كونت باريس” وريث عرش فرنسا تحت اسم “هنري السادس”، الذي تزوج من قريبته إيزابيل اورليانز وبراجانز وأنجب 11 طفلا. السيرة الذاتية عرفت الأميرة عند أهلها بلقب ميو «Miou» وأمضت سنوات الطفولة الأولى من حياتها ب نورماندي في كنف والديها إلى غاية العام 1886 عندما شملهم قانون النفي من خلال التشريعات التي مست أفراد الأسرة الملكية بفرنسا من قبل حكومة الجمهورية الثالثة. غادرت الأميرة رفقة أسرتها في سن الثامنة باتجاه المملكة المتحدة، إلا أنهم لم يسلموا من المضايقات لينزحوا نحو إسبانيا المناهضة والمتوجسة من الجمهوريين الفرنسيين فنزلوا ب فيلامانريكي سيوداد ريال دي لا كونديسا. كانت الأميرة تعود بين الفينة والأخرى إلى فرنسا بما أن قانون النفي لم يكن يسري على السيدات كما هو منصوص عليه في قانون ساليك. أصبحت الأميرة امرأة شابة وجميلة جدا، كما أنها كانت معروفة بأناقتها ووجاهتها ورشاقة قوامها الطويل 1.8 م بالإضافة إلى أنها أميرة بنت ملك، كل هذا جعل منها هدفا منشودا للخطاب النبلاء، فكان أبرزهم أمير بلجيكا آنذاك الملك ألبرت الأول (1875/1934) الذي أحبها وأراد الزواج منها، إلا أن عمه الملك ليوبولد الثاني منعه من ذلك تخوفا من ردود الأفعال الفرنسية وما قد يترتب عنه من مشاكل مع الجمهوريين والأسرة الملكية. في سنة 1899 تزوجت إيزابيل في سن 21 سنة من الأمير العملاق (2 متر في الطول) جون أورليان، وتلقت الأميرة مع زوجها بهذه المناسبة من أخيها الملك فيلب الثامن (06-02-1869 / 28-03-1926) لقب دوقة و دوق دوغيز «duc» et «duchesse de Guise» دوكيسا في العرائش ظلت الأميرة وزوجها وبناتها الثلاث بفرنسا يعيشون بين باريس وأراضيهم بمنطقة نوفيون أون ثييراش Nouvion en Thiérache إلى غاية ولادة ابنها الأمير هنري سنة 1908 فتخوفت عليه وعلى مستقبل وأمن العائلة التي تحمل شرعية وراثة العرش الفرنسي، فقررت الأسرة الرحيل سنة 1909 في اتجاه المغرب، وتحديدا بمدينة العرائش حيث سكنت قصر الهيسبيريس أو قصر دوكيسا “فندق الرياض حاليا” الذي كان في حوزة العائلة الملكية رفقة أراضي زراعية شاسعة تمارس فيه الفلاحة العصرية. في عام 1912 أصبح المغرب محمية فرنسية / إسبانية، فخضعت العرائش إلى الحكم الإسباني، ومن حسن حظها أن قانون النفي لم يكن يطبق على الأراضي المغربية، مما جعلها تعيش وأسرتها بأمان تام، حتى أن زوجها الدوق تركها مع أبنائه في العرائش خلال الحرب العالمية الأولى ليباشر دوره كمندوب للصليب الأحمر على الحدود الفرنسية. تنصيب الملكة في سنة 1926 توفي شقيقها الملك فيلب 8، فانتقلت الدوقة والدوق للإقام في مانوار دانجو Manoir D'anjou في بلجيكا بصفتها الوريثة الشرعية وملكة فرنسا، كما عين زوجها الدوق رئيسا لمجلس نواب أورليانز، وقد طبعت المرحلة تحركات الدوق السياسية ونشاطات الدوقة الاجتماعية والإنسانية، حيث كانت ترعى مؤسستها الخاصة برعاية أطفال الفقراء، وفي هذا التوقيت تحديدا سينحت للملكة تمثال رخامي وابنها الأمير هنري تمثال من النحاس بيد النحات الشهير فيليب بينسارد Philip العودة النهائية والاستقرار بالعرائش عند اندلاع الحرب العالمية الثانية، عادت أسرة دوكيسا إلى قصرهم بمدينة العرائش، وبعدها مباشرة توفي الدوق جان دو أورليان سنة 1940 بسبب أزمة صحية ألمت به عند سقوط باريس في يد الألمان، الشيء الذي لم يحبط دوكيسا بل جعلها أكثر إصرارا على مواصلة المشوار الإنساني وحسن تربية الأمراء وتسيير الممتلكات وتبني ورعاية الأطفال الفقراء من خلال مؤسسة “كاسا ديل نينيو”. يحكي سكان ضواحي العرائش عن عشقها الكبير للخيول، حيث كانت تحب التجوال مع أفراد أسرتها وحرسها وبعض المقربين منها على ظهور الخيول المروضة الجميلة التي كانت تمتلكها حيث كانت تثير انتباه وإعجاب واندهاش الأهالي، كما كانت تدأب على الخروج كل يوم أحد للتمتع بطبيعة المنطقة الخلابة على متن سيارتها بمعية سائقها. أحبت العرائش وأهلها فجعلت تغدق العطاء على فقرائها، فكانت الأهالي تتسابق لتحيتها عند خروجها للكنيسة، وغالبا ما كانت توجه لها دعوات رسمية من السلطات الإسبانية المحتلة لتشريفهم في كل مناسباتهم واحتفالاتهم وأهم أحداث عصرهم، فقد شهدت على سبيل المثال افتتاح ( الملهى العسكري، البنك المخزني، المجموعة المدرسية، المستشفى العسكري…). ربطت دوكيسا علاقات وطيدة مع الأسرة الملكية المغربية الشريفة وأسرة الجنرال امزيان، وهذا ما يفسر ما يقال أنها أهدت قصرها للدولة المغربية، فقد كان القصر محلا لإقامة الملك الراحل الحسن الثاني فينزل فيه كلما زار العرائش، ثم أصبح تحت سيطرة المكتب الوطني للسياحة، إلى أن تم تفويته ضمن عمليات الخوصصة التي شملت عدة مِؤسسات عمومية. عرفت دوكيسا بتواضع قلما نجده في وسط ثري عرف بالوجاهة والسلطة في بلد كفرنسا. تحكي بعض النصوص التاريخية أن الدوقة كانت تعود المرضى والفقراء، وقبل مغادرتها تضع مبلغا ماليا تحت وسادة المحتاج دون إشعار أصحاب الدار تفاديا لإحراجهم، يحكى على سبيل المثال أنها سافرت إلى الدارالبيضاء لزيارة محاسبها السيد مخلوف عندما علمت أنه طريح الفراش، فاستغرب أهل المريض كثيرا للبادرة واندهشوا لمدى إنسانية وتواضع هذه السيدة النبيلة. بهذا الخلق كسبت االدوقة الفرنسية قلوب العرائشيين والمغاربة عموما، فوجدت فيهم المضيف المؤنس والسلوان الجميل في نفيها من أرضها ونزع عرش أسلافها، وما عودة دوكيسا بأسرتها إلى العيش بشكل نهائي في هذا المكان إلا دليل على أنها لم تجد للعرائش بديلا في أوروبا، كيف لا وقد وجدت الدفء الاجتماعي بمعية أسرتها، الجمال الطبيعي للمدينة ونواحيها، عراقة المكان وسحر تراثه، وشهامة الإنسان المغربي وتعايشه النموذجي مع الآخر. توفيت الدوقة في 21 يناير 1961 بالعرائش ودفنت فيها إلى أن تم نقل جثمانها وجثمان زوجها الدوق جون الثالث إلى المقبرة الملكية بكنيسة سان لويس في دروو بفرنسا في عهد الملك الراحل الحسن الثاني الذي كانت تربطه علاقة جيدة بالدوقة وعائلتها الملكية. وحفاظا على الذاكرة الإنسانية المشتركة، ولما يمكن أن يشكله الاستغلال المسؤول لهذه البناية من أهمية لمدينة العرائش باعتبار رمزيتها وقيمتها التاريخية، إذا ما تم التدخل فيها بشكل يحافظ به ومن خلاله على مجموع القيم الحضارية التي اكتسبتها عبر التاريخ، ولما يمكن أن يكون له من دلالات رمزية وتعبير عن حسن النية تجاه الآخر المختلف عنا دينيا وثقافيا، وما يمكن أن يعنيه هذا التدخل بشكل أو بآخر من تعبير عن رفضنا للتناحر الديني، والتباعد الثقافي ورغبتنا في تربية جيل مشبع بقيم التسامح الحقة والتعايش الفعلي … نريد أن نكون يد واحدة في نبذ كل الأشكال الداعية للتفرقة والتباغض بين شعوب ودول العالم كيفما كانت تلكم الأشكال وتلكم التعابير صغيرة أو كبير. للتوقيع على العريضة من هنا https://secure.avaaz.org/ar/community_petitions/_jmy_mn_jl_Hmy_lbny_ltrykhy_lqSr_lmyr_lfrnsy_yzbyl_dy_wrlyn_mn_lhdm/?pOOGKjb=&fbogname=Flilah+C.&utm_source=sharetools&utm_medium=facebook&utm_campaign=petition-730861-jmy_mn_jl_Hmy_lbny_ltrykhy_lqSr_lmyr_lfrnsy_yzbyl_dy_wrlyn_mn_lhdm&utm_term=OOGKjb+ar