محمد الدفيلي: ان قطاع الصحافة قطاع جد مهم،بل جد حساس وعلى هذا الأساس وجب تجويده و تحصينه و احاطته بالعناية الأخلاقية و القانونية و المعرفية اللازمة لذلك وإذ يسعى المغرب الى ذلك وقعت الجهات الوصية و حتى المدافعة عن القطاع أحيانا في أخطاء قاتلة،فاليوم الكل يعرف مشكلة مقروئية الصحافة الورقية ليس في المغرب وفقط بل عالميا هي في تراجع تام. اليوم الصحافة النشيطة هي الصحافة الالكترونية،هذه الصحافة التي لا يمكن تصنيفها لا في خانة الصحافة المكتوبة و لا في خانة الصحافة السمعية البصرية فهي اليوم أضحت جنسا صحفيا قار بذاته و لذاته اثر الكم الهائل من تطور تكنلوجيا المعلومات،هذا النوع من الصحافة الذي لم يظهر في المغرب الا قريبا فهو مرتبط ارتباطا لصيقا مع ما تشهده الانترنت من تطور و اتساع نطاقها الجغرافي فضلا عن ازدياد مستخدميها بالتالي فان هذا النوع من الصحافة هو حديث العهد. تسعة و تسعون بالمائة من العاملين في الصحف الالكترونية و الذين ضحو بالغالي و النفيس من اجله اشتغلوا فيه و طوروا انفسهم بشكل ذاتي من دون أي تتبع من طرف الجهات الوصية على قطاع الصحافة و الاعلام،كما تجدر الإشارة الى انه عدد كبير من أصحاب الجرائد الالكترونية قبل صدور مدونة الصحافة و النشر اشتغلوا في اطار قانوني. وعلى هذا الأساس فان عدم رجعية القوانين المؤصلة في دستور المملكة لسنة 2011 تم خرقه. الا ان مع صدور مدونة الصحافة و النشر و التي جاءت بمواد مجحفة اتجاه الصحافة الالكترونية بالخصوص خاصة في موضوع الملائمة التي اتضح وبعد مرور ازيد من سنتين على قصور قانون 88.13 و الذي يتضمن أخطاء فادحة،كما عملت على حجر الصحافة الورقية على الصحافة الالكترونية ،والضجة التي تليت هذه المدونة و التي كانت اخرها تنظيم مجموعة من أصحاب المواقع الالكترونية الصحفية وقفة احتجاجية امام قبة البرلمان بالرباط تزامنا مع تخليد اليوم العالمي لحرية الصحافة. ان خطأ عدم الاعتراف بالآخر و التخوف منه وعدم الحوار الجاد و الموضوعي كل هذا وغيره سيؤدي لا محالة الى مزيد من الفوضى في مجال الصحافة و خاصة الصحافة الالكترونية،خاصة مع اغفال عامل أساسي في الموضوع وهو المقاولة الصحفية التي لا يمكنها مجابهة مؤسسات عالمية في مجال الاشهار و التواصل و الاعلام الاجتماعي مثل “مؤسسة جوجل او فايسبوك” خاصة اذا قلنا بان هذه المقاولة الإعلامية متواجدة مثلا في أقاليم مثل تنغير،الرحامنة،الرشيدية،شيشاوة…. عوض فتح باب الحوار الجاد و الموضوعي ومحاولة مأسسة هذا الحوار في اطار وضع خطة وطنية للنهوض بالصحافة و الاعلام بالمغرب من جميع الجوانب ،نسجل مزيدا من نهج سياسة الهروب الى الامام،فهاهي اليوم وزارة الثقافة والاتصال – قطاع الاتصال حسب بلاغ منشور على موقعها الالكتروني،بانها ستنظم اليوم الأربعاء 08 ماي 2019، ندوة حول موضوع "الإعلام الرقمي بالمغرب: إشكالات التقنين وتحديات التنظيم". والتي تندرج هذه الندوة في إطار سعي قطاع الاتصال إلى مواكبة مختلف التحولات التي يعرفها المشهد الإعلامي الوطني، في ظل التحديات التي تفرضها عولمة بث ونشر المضامين عبر مختلف وسائل الإعلام والاتصال، الشيء الذي يستوجب إعادة النظر في الإطار القانوني والتنظيمي المؤطر للإعلام الرقمي ببلادنا. ويضيف نص البلاغ بانه يتحدد الغرض من وراء تنظيم هذه الندوة تحقيق الأهداف التالية: – تحديد وضعية الإعلام الرقمي وآفاق تطويره؛ -إبراز تحديات الإعلام الرقمي المرتبطة بالمضامين والأخلاقيات؛ -حدود تقنين الإعلام الرقمي وتنظيمه؛ -كيفية مواجهة انفلات حماية بعض الحقوق والحريات في الإعلام الرقمي. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الندوة ستعرف مشاركة عدد من ممثلي القطاعات الحكومية والمؤسسات الوطنية وممثلي الهيئات المهنية العاملة في مجال الإعلام والاتصال. كل هذا جميل جدا و يستحق التصفيق ،لكن اذا تحدثنا بمزيد من الوضوح و الموضوعية فانه كان من الاجدى استدعاء الجمعيات و المنظمات التي تنضوي تحتها عدد من الصحف الالكترونية في كل إقليم من أقاليم المملكة ولتكن منظمة مثل هذه الندوة على مستوى كل جهة من جهات وطننا الحبيب أولا ثم تختتم بندوة وطنية يكون الحضور فيها موسعا. في الأخير شغفنا و حبنا لمهنة المتاعب وأملنا الكبير في إيجاد صيغ اكثر تقدمية و اكثر حرصا على تنظيم هذا القطاع سواء على مستوى الصحافة المكتوبة آو الالكترونية،او السمعي البصري مع إيجاد ذلك الخيط الناظم مع إمكانية الإلتقائية و التعاون عوض تكريس مزيد من النفور و خلق الحزازات الفارغة فان فتح باب الحوار الجاد و الموضوعي هو السبيل الانجح وغير ذلك سيؤدي لا مناصة الى خلق مزيد من التمظهرات السلبية والتي تولد بعض الغوغائية في ما يتم اقصاء أصحاب النوايا الصالحة وذوي الأفكار النيرة و القابلة للتطبيق.