معبر رأس إجدير / ليبيا : مصطفى منيغ الإحساسُ بالغربة، في مثل الأجواء المكهربة، ومكان الأجساد البشرية منه وإليه مُسَرَّبَة، كالأرزاق بحِيَلٍ الحاجة مُهرَّبَة، إحساسٌ تتداخل فيه الرَّغبة بالرّهبة ، لتنتهي حقبة ارتضيتُها بحثاً عن الحقيقة لتكتمِلَ حياتي الصحفية بأخر تجربة ، تُخرجني من بُعْدٍ بَعيدٍ ذُقتُ داخله طعم تغيير مفهوم مُتَّخذ عن قناعة بقضية للوطن جد مقرَّبة ، إلى مفهوم متمِّمٍ بأدق عبارة، يلقي الحمل الثقيل على من اعتقدها نصراً ثمينا ولو سبّبت للمغرب (حينما حسبتها بالأرقام الصحيحة) أضخم تضحية وليست خسارة . … الإخلاص للوطن يبتدئ بالإخلاص للعمل مع تدبير الأخير ليُصبح استثماراً نافعا بما قد يُفرزه من إنتاج تغطي موارده مستلزمات حضارة ، ورثناها كأمازغيين مغاربة من آلاف السنين جيلا مُؤَسِّساً للبدايات وأجيال متعاقبة ميزها الاحترام للإرادة الفردية قبل الجماعية ، وعرّفتها قوة الاحتمال المتسلسلة الصلاحية ، وقادتها القدرة على الصبر وابتكار ما يحافظ عبر القرون على السير وفق مناهج آية في التكوين والتربية ، وشدَّت أزرها الكلمة – الصدق – المفتاح المعالج للتمتع بالحرية والعيش بكرامة ، وطرد الصمت خدمة للمصلحة العامة كما حصل مع مواقف كثيرة في التاريخ مُفَسَّرة . … الشعور بالغربة اقتضته الوقفة المفاجئة في زاوية ما من معبر “رأس إجدير” المحصورة صحراؤه القاحلة شمالا بالبحر الأبيض المتوسط وجنوباً بالمسماة “ملاحة بريقة” في أقصى غرب دولة ليبيا المتاخمة للجمهورية التونسية ، حيث جمعني اللقاء مع إنسان يهودي العقيدة ، إسرائيلي السمات ، من صنف المتجولين في أراضي العباد دون خوف من أحد ، لإتقانهم أساليب التنكر والذوبان في وقت معين كالحضور ، وامتلاكهم أي جواز يسهل لهم عند أي اتجاه المرور، عرفتُ كل هذا بفراستي المهنية وبحدس سادس ما خذلني مرة من المرات ، تعرضت فيها لمثل المجريات ، وبخاصة في أوربا ومنها اليونان . … حدثني بإسهاب عن قضية الصحراء المغربية بأسلوب قربني لمعلومات إن لم أقل خطيرة فهي مهمة للغاية ، منها أن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة كان يُطبِّق في شأنها ما كانت المخابرات الإسرائيلية تمليه عليه كأوامر لا مناص من تنفيذها ، وكأنه اسرائلي قلبا وقالبا ممّا يؤكد تماطلا لتصفية الملفات اقتضته السياسة الإسرائيلية السرية الخفية في امتلاك كل الخيوط للتحكم بها عن بعد في قضايا تتخذها الشعوب العربية مصيرية . وأن المسؤول المغربي الأكثر إلماما بالمسألة الصحراوية من بدايتها إلى الآن المستشار الملكي “أزولاي” عكس ما كان مشاعا عن المستشار الملكي فؤاد علي الهمة ، ولول إخلاص “أزولاي” لوطنه المغرب وتدخلاته المبررة على أصعدة إسرائيلية أمريكية لكانت مضايقات عبد العزيز بوتفليقة سبَّبت للمدن المغربية القائمة من “وجدة” لغاية “فجيج” متاعب لا يُستهان بها .(يتبع)