جوق عشاق الطرب للموسيقى الاندلسية بين حضور المرددات وغياب الكورال عزيز قنجاع الغناء الأندلسي، الذي ظلت السيطرة فيه دائما للمنشد الرئيسي الذي بقي بصفة ثابتة مهيمنا على الغناء في الجوق الاندلسي بدعامات موازية من العازفين الاخرين . فإقحام الكورال النسوي لجمعية عشاق الطرب بالعرائش في حفل 09 مارس بسينما ابينيدا كرافعة موازية للاداء الغنائي للمنشد الرئيسي، او بتوازي مع غناء المنشد الرئيسي الفنان البديع السي احمد الدراوي المسند ب 14 عازفا وبدعم صوت مساعد بجهورية نسوية فاتنة لسلوى بنشقرا ، لم يعط اي تميز للكورس او الكورال النسوي الذي بدا حضوره دون اهمية فنية او جمالية او أية إضافة للمضمون الغنائي الاصلي لنوبة غريبة الحسين حيث بقي الكورس دون حضور متميز وغائب تماما وراء التركيز الادائي للتينور المبهر في ادائه الاستاذ رئيس الجوق الأندلسي احمد الدراوي، والمساندة الصوتية الغنائية المتفردة للعازفة سلوى بنشقرة، هذا في الوقت الذي كان في نظري البسيط من الضروري اتاحة مساحات غنائية واسعة للكورال النسوي لغناء صنعات كاملة يتم اختيارها وفقا للميازين المناسبة، خصوصا وان غنائية غريبة الحسين الأندلسية من الفساحة و من التنويعات على مستوى الصنعة تصل الى 84 موزعة على اصناف عدة بالإضافة إلى روعة مطلعها الموسيقي الذي جاء متأخرا على مستوى العزف والذي يعزف بعد أداء مطلعها الغنائي “هل لِي مِنْ مُدَاوِي الهَوَى “، مما كان يفترض معه اختيار صنعات محددة يتوارى فيها المنشد الرئيسي الى الخلف و يترك المجال للكورال لاداء صنعات محددة موافقة لطبعات على موازين مساعدة مثل صنعة شغل توشيح ،” ليل عجيب” وكذا صنعة مقتضب – شغل “أنْتِ أحْلَى مِنَ المُنَى” على ميزان بطايحي، والتي لم تتم تأديتهما رغم اندراجهما ضمن المقطوعات المقرر غناؤها. وكذا مجموعة من الصنعات الاخرى المواتية للاداء الجماعي في حين يتفرد الاستاذ احمد الدراوي احيانا باداء صنعات موافقة او يعيد اداء تلك التي اداها الكورال وعلى طريقته الخاصة مما سيجعل الجمهور يستمتع بالاداء النسوي الجماعي للكورال والذي ستساعدهن هكذا مساهمات غنائية واضحة من تطوير ادائهن الجماعي لتبرز وتتميز السوبرانو منهن تارة باداء خاص وتتعالى تارة اخرى اصوات الكورال متشابكة في اداء موحد مشكّلا صدى هادرا بالطاقة والابداع. في مشهد ينبئ بحياة جديدة وتفاؤل تقودهما الدقة في العزف وجهد العازفين لتأدية عملهم بشغف وحب ورقيّ. كما سيمكن اجتماع كل الطبقات الصوتية النسائية الأساسية في مجموعة واحدة من تجربة غناء عدة خطوط لحنية في آن واحد ، وهو ما يتميز به الغناء الاندلسي الذي يتغنى في ان معا على خطوط لحنية متفاوتة ، كما يمكن تجريب الغناء باصوات في خطوط لحنية مختلفة حسب طبقة كل مجموعة معينة من الكورال وفي آن واحد ، ثم ترجع في نهاية المقطوعة مرة أخرى للغناء بطريقة الخط اللحني الواحد ان اداء نص غريبة الحسين بالتفكير بمنطق الكورال وليس بمنطق المرددات، سيخلق لنا تنويعات على مستوى الاداء وبجمالية متميزة من خلال نغمات العازفين، ويلوّن مفاصل نص غريبة الحسين وينوعها ، ويحرّك وجدان الحاضرين بخشوع يضفيه الجوّ الأصلي للمقطوعة. لتكون حسب المقام فرحة طربة واخرى حزينة وخاشعة، ان رهان جمعية عشاق الطرب للموسيقى الاندلسية والصوفية والابداع الفني بالعرائش يبدو كبيرا فقد راهنوا ونجحوا في الرهان وأدخلوا الكورال للموسيقى الاندلسية ، وعبدوا الطريق نحو التميز ولا يحتاج الامر الا للكثير من العمل و التنويع و التجريب و الاستفادة من تجارب الكورال خارج حقل الموسيقى الاندلسية، فحتى نجعل الموسيقى الاندلسية موسيقى عالمية علينا ان نحررها من القداسة بالاجتهاد والابداع المتدفق والدائم والجسور.