تلقت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي هزيمة ساحقة في تصويت تاريخي في البرلمان الثلاثاء حول اتفاق بريكسيت الذي توصلت إليه مع الاتحاد الأوروبي، ما يدخل بريطانيا، خامس أكبر قوة اقتصادية “في المجهول”. وصوت النواب البريطانيون بغالبية ساحقة الثلاثاء على رفض اتفاق بريكسيت الذي توصلت إليه لندن مع بروكسل في تصويت تاريخي يترك مصير الخروج من الاتحاد معلقا. ورفض النواب في مجلس العموم بغالبية 432 صوتا مقابل 202 الاتفاق الذي توصلت إليه رئيسة الوزراء تيريزا ماي مع الاتحاد الأوروبي. ومباشرة بعد التصويت قالت ماي “إن المجلس قد قال كلمته والحكومة ستمتثل”. وتابعت رئيسة الوزراء “من الواضح أن المجلس لا يؤيد هذا الاتفاق، لكن التصويت هذه الليلة لا يكشف ماذا يؤيد”. مضيفة أن التصويت لا يكشف “أي شيء حول الطريقة التي ينوي فيها (المجلس) تطبيق قرار” الشعب البريطاني بالخروج من الاتحاد الأوروبي، أو حتى ما إذا كان ينوي فعل ذلك. وقالت ماي “استمعوا للشعب البريطاني الذي يريد تسوية هذه المسألة”. محاولة اللحظة الأخيرة وكانت ماي قد قامت بمحاولة أخيرة لإنقاذ خطتها لإخراج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بعد نحو خمسة عقود، وقالت ماي للنواب إن الواجب يفرض عليهم تطبيق ما صوت من أجله البريطانيون في استفتاء 2016. وأكدت “أعتقد أن الواجب يفرض علينا تطبيق القرار الديمقراطي للشعب البريطاني”، محذرة النواب من أن الاتحاد الأوروبي لن يعرض “اتفاقا بديلا”. وأضافت أن “المسؤولية الملقاة على عاتق كل فرد منا في هذا التوقيت كبيرة جدا، لأنه قرار تاريخي سيحدد مستقبل بلادنا لأجيال”. وقبل نحو الشهرين من موعد الخروج من الاتحاد الأوروبي في 29 آذار/مارس، لا تزال بريطانيا منقسمة بشدة بشأن ما يجب أن يحدث لاحقا. لا اتفاق؟ لا مشكلة أجبرت معارضة الاتفاق ماي على تأجيل التصويت في كانون الأول/ديسمبر على أمل الحصول على تنازلات من بروكسل. ولم يقدم قادة الاتحاد الأوروبي سوى سلسلة من التوضيحات، إلا أن وزير الخارجية الألماني هايكو ماس في ستراسبورغ الثلاثاء ألمح إلى احتمال إجراء مزيد من المحادثات رغم أنه استبعد إعادة التفاوض الكامل على نص الاتفاق. وقال “لقد تم القيام بكل شيء في الأسابيع والأشهر الأخيرة للتعبير عن اهتمامنا بالتوصل إلى قرار إيجابي (…) إلا أني أشك في أنه يمكن إعادة فتح الاتفاق للنقاش مرة أخرى”. والتصويت هو ذروة أكثر من عامين من النقاش داخل بريطانيا بعد نتيجة الاستفتاء على بريكسيت في 2016، وهي النتيجة التي وجد معظم النواب المؤيدين للبقاء في الاتحاد الأوروبي صعوبة في تقبلها. وتجمع عدد من المؤيدين والرافضين للبريكسيت أمام البرلمان مع بدء اليوم الأخير من النقاش. وحمل بعضهم لافتة كتب عليها “عضوية الاتحاد الأوروبي هي أفضل اتفاق”، بينما كتب على أخرى “لا اتفاق؟ لا مشكلة”. وستراقب الأسواق المالية كذلك نتيجة التصويت، وحشدت العديد من شركات التعامل بالعملات المزيد من الموظفين بمناسبة التصويت بينما أوقفت شركة واحدة على الأقل التعاملات لتجنب تحركات مفرطة للعملة. وقالت المحللة في موقع “إنتراكتيف إنفسيتور” للتعاملات المالية ريبيكا أوكيفي “تصويت اليوم هو نتيجة معروفة ولذلك فمن غير المرجح أن تحدث حركة كبيرة في الجنيه الإسترليني”. وأضافت “ستبدأ التفاعلات الكبيرة بعد اليوم عندما يتضح ما سيحدث تاليا”، متوقعة أن قرارا بعدم مغادرة الاتحاد الأوروبي سيؤدي إلى ارتفاع الجنيه بشكل كبير بينما الخروج بدون اتفاق سيؤدي إلى انخفاضه إلى مستويات قياسية. معنى عدم التوصل إلى اتفاق في حال الهزيمة، يجب على الحكومة أن تحدد الخطوات التي ستحدث تاليا بحلول الاثنين. وتتزايد التكهنات في جانبي القناة بأن ماي ستطلب تأجيل البريكسيت. لكن مصدرا دبلوماسيا صرح أن أي تمديد لن يكون ممكنا بعد 30 حزيران/يونيو عند قيام البرلمان الأوروبي الجديد. وتشمل خطة الانسحاب خطط للمرحلة الانتقالية بعد بريكسيت إلى حين إقامة شراكة جديدة مقابل مساهمات ميزانية مستمرة من لندن. وفي حال عدم الموافقة على الخطة وإذا لم يحدث أي تأخير فإن بريطانيا ستقطع علاقات استمرت 46 عاما مع أقرب جاراتها دون اتفاق يخفف من وقع الضربة.