قال رئيس الحكومة سعد الدين العثماني إن محاربة الفقر والهشاشة والحد من الفوارق المجالية هي أولوية من أولويات حكومته، وقد ترجتها واقعيا من خلال عدة برامج وإجراءات. وأضاف العثماني خلال جلسة المساءلة الشهرية بمجلس المستشارين، اليوم الثلاثاء، أن محاربة الفقر مسلسل طويل، لأن الأسباب التي تؤدي إلى الهشاشة متداخلة ومعقدة، لذلك حرصت الحكومة من خلال قانون مالية 2019 على إصدار حزمة من الإجراءات الهادفة إلى محاربة الفقر ودعم القطاعات الاجتماعية وفق رؤيا منسجمة متكاملة.
وأوضح العثماني أن أكبر آلية لمحاربة الفقر والهشاشة هي تعميم خدمات التعليم والصحة بوصفها من الأمور التي تستنزف أكثر الأسر، إذا تم توفير خدمات جيدة في التعليم والصحة هذا سيؤدي إلى تقليص الفقر والهشاشة. وأكد العثماني أن الحكومة أولت أهمية خاصة للتعليم الذي رفعت ميزانيته لتصل إلى 68 مليار درهم هذه السنة، جزء منها خاص بالأجور، وآخر للدعم الاجتماعي، وتعزيز العرض التربوي، فعدد المؤسسات التعليمية ارتفع بشكل كبير خاصة في العالم القروي. وأشار العثماني أن البرامج الاجتماعية المخصصة للتعليم كلها رفعت ميزانيتها ووسع عدد المستفيدين منها خاصة في العالم القروي، ومنها برنامج تيسير الذي قفز من 700 ألف مستفيد إلى 2 مليون مستفيد. وأبرز رئيس الحكومة أنه في مجال الصحة كان أول إجراء قامت به الحكومة هو الرفع من ميزانيتها لتصل إلى 28 مليار درهم هذه السنة، وسترفع تدريجيا سنة بعد سنة، وتوسيع وإصلاح نظام المساعدة الطبية “راميد”، والرفع من ميزانيته التي وصلت هذه السنة إلى مليار و 600 مليون درهم للاستجابة للطلبات المتزايدة. إضافة إلى تعميم التغطية الصحية لكي تشمل المهن الحرة والأجراء المستقلين التي سيصدر القانون التنظيمي الخاص بها قريبا، يصل عددهم إلى 4مليون مهني، أي 11 مليون شخص إذا احتسبنا عائلاتهم. وأكد العثماني أن دعم التشغيل مدخل أساسي لمحاربة الفقر والهشاشة، وهنا اهتمت حكومته مع الاتحاد العام لمقاولات المغرب ومع جهات أخرى، على توقيع اتفاقيات مع جميع الجهات لتكييف جميع برامج التشغيل مع حاجيات كل جهة. وتطوير برنامج المقاول الذاتي، الذي يرتفع عدد المستفيدين منه، بحيث اقتربنا من تحقيق 100 ألف مستفيد هذه السنة. وأوضح العثماني انه كان من الضروري التفكير في برامج أخرى تتوجه إلى الفئات الهشة مباشرة، لذلك كانت هناك برامج اجتماعية متعددة منها المرحلة الثالثة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي وصلت ميزانيتها إلى 18مليار درهم، وستخصص لتدارك الخصاص المسجل على مستوى البنية التحتية في التعليم والصحة والتزويد بالماء والكهرباء وإصلاح المسالك القروية. إلى جانب الاستمرار في برنامج دعم الأرامل، التي وصل عدد المستفيدات منه إلى 91 ألف امرأة أرملة، وهو برنامج عملي واقعي للنساء الأرامل وأيتامهم، وصندوق التماسك العائلي الذي وصلت ميزانية إلى 220 مليون درهم. وتطرق العثماني أيضا إلى برنامج التعويض عن فقدان الشغل الذي انطلق في 2015، مشيرا أنه لا طالما انتظرته النقابات والشغيلة، واستفاد منه 36 ألف شخص، والحكومة واعية بضرورة تطوير هذا البرنامج لكي يستجيب أكثر للحاجيات الكبيرة. وقال العثماني إن هناك 139 برنامج للحماية الاجتماعية ولا بد من تحسين حكامة جميع هذه البرامج التي تراكمت على مدى عقدين من الزمن، لذلك كانت هناك مناظرة خاصة لدراسة منظومة هذه البرامج الاجتماعية وكيف ستكون فعالة أكثر في محاربة الفقر والهشاشة. وخلص رئيس الحكومة إلى أن أهم إجراء يتم حاليا هو إعداد مشروع خاص بالسجل الاجتماعي الموحد، الذي سيمكن من تحديد الأشخاص المعنيين أكثر بالاستفادة من هذه البرامج، حتى تذهب لمستحقيها الحقيقين، فعلى سبيل المثال 10 في المائة من الأشخاص المستفيدين من نظام “راميد” لا يستحقونه، ولذلك لا بد من نظام استهداف دقيق، والسجل الاجتماعي الموحد سيخرج للوجود في الثلاث أشهر المقبلة. وختم العثماني مداخلته بالقول “لدينا كل الإرادة لإنجاح هذه البرامج ونرحب بجميع الأفكار والاقتراحات التي تصب في هذا الاتجاه”، مشيرا أن التغيرات الهيكلية التي ستقع في منظومة الحماية الاجتماعية ستمكن من محاربة الفقر والهشاشة أكثر.