انتشر شريط فيديو في يوتيوب يوم الأربعاء منسوب الى الممثل بشير سكيرج يتضمن معطيات حول ملك البلاد محمد السادس، وهي تدخل ضمن الحياة الخاصة، ولا يهم هل كانت صحيحة أم لا بقدر ما يهم هو تسيير البلاد والنتائج هل هي إيجابية أم سلبية. لكن يبقى المثير للانتباه هو انتشار هذه الثقافة السلبية التي تركز على الحياة الخاصة وتوظيفها، وكانت جهات في الدولة هي البادئة بتدشين صحافة رديئة تتعاطى للمس بشرف الناس وتضمن لها الإفلات من العقاب. شريط سكيرج الذي انتشر كالنار في الهشيم صادم، لكن يبقى نسبيا للغاية بحكم أن الشخصيات العمومية مهما كان شأنها تتعرض لشتى الاتهامات وأحيانا فقط المبالغات في جلسات خاصة بين الأصدقاء. والمعيب في هذه الحالة هو خروج مضمون الجلسات الخاصة الى العلن بسبب ما تسببه من حرج بل وتخلف ضحايا. وتسريب شريط الممثل سكيرج يدخل في إطار ثقافة سلبية انتشرت وانتعشت خلال العقدين الأخيرين في المغرب وتتفاقم وتنتعش بصورة غريبة لسببين، الأول وهو إقبال الرأي العام على كل الأخبار المثيرة خاصة التي تتداول في سرية وتخص الشخصيات العمومية بل حتى العادية أحيانا، والثاني لدور جهات في الدولة المغربية التي شجعت على صحافة رديئة إعلاميا أجندتها الرئيسية هو خلق الإشاعات والاتهامات المجانية. ويكتسب السبب الثاني أهمية خاصة، فالأمر يتعلق بدور معيب لجهات يفترض أنها تتحمل المسؤولية. وهكذا، فقد شهد المغرب مؤامرات رسمية دنيئة ضد بعض من رفع صوته معارضا بعض الإجراءات السياسية للملك أو مقربين من الملك، ووصل الأمر الى مستوى مخططات إجرامية. في الوقت ذاته، انتشرت خلال السنوات الأخيرة صحافة رديئة وبئيسة تهدف الى التدمير المعنوي للمناضلين والنشطاء الذين يرفعون أصواتهم ضد الخروقات الفظيعة التي تتعرض لها البلاد سواء حقوق الإنسان أو ممتلكات الشعب. ويعتقد من يقف وراء هذه الإستراتيجية الإعلامية الغبية أنهم نجحوا في تدمير سمعة بعض النشطاء والمثقفين والإعلاميين المستهدفين، تارة بالتجسس على حياتهم الخاصة، وتارة بتلفيق التهم ونشر ذلك في صحف معينة تخصصت في هذا النوع من إعلام الدعارة. ويتناسى هؤلاء أنهم فقط نجحوا في نشر ثقافة الحقد والكراهية والانتقام وسط المجتمع المغربي وأنهم أبعد من خدمة الأمن القومي للبلاد بهذه الأساليب. وسأحكي لكم واقعة ضمن وقائع كثيرة من هذا النوع من الثقافة الإعلامية كان صاحب هذا المقال من شهودها، لن أتحدث عن أسفل السافلين الذين يعكسون المستوى الدنيء لمن يأمرهم بهذا الدعارة الإعلامية بل بجريدة مقربة من الأوساط الحاكمة ويفترض أنها مطالبة بالحفاظ على نوع من الجدية المهنية. خلال يناير من سنة 2015، صدرت الترجمة الإسبانية لكتاب الأمير هشام "مذكرات أمير مبعد". وزار الأمير العاصمة مدريد لحوارات أجرتها معه كبريات الصحف مثل الباييس، وحدث أن تناولنا العشاء في فندق مع مجموعة من الصحفيين والمفكرين والباحثين السياسيين. وفي اليوم الموالي نشرت جريدة مقربة من السلطات وهي www.le360.ma صورا للأمير وصاحب هذا المقال في قلب العاصمة مدريد مأخوذة عن طريق التجسس لأنها مأخوذة من مسافة بعيدة. لا أدري كيف سمحت لنفسها بنشر صور التجسس؟ لكن الأدهى هو ادعاءها بأن من كانوا في العشاء هم من أنصار البوليساريو، بينما أحد الحاضرين من أهم المدافعين عن الحكم الذاتي وسط الإستبلشمنت بل من المساهمين في صناعة القرار في هذا الملف، وآخر من الذين دافعوا عن مغربية الصحراء في الأممالمتحدة وله وسام من الملك، وآخر شبه مستشار للمغاربة في ملفات أوروبية، وآخرون من المهتمين بالعالم العربي. في اليوم الموالي للنشر، قال أحدهم لي حرفيا "لم أكن أتصور مستوى غباء المقربين من الملك لفبركة مثل هذه الأخبار، إذا عاد السفير أو أي مستشار الاتصال بي حول ملف الصحراء سأتبول عليه". وعلى ذكر الأمير هشام، كم خصصت له صحافة الرداءة بدعم من مسؤولين مقالات ومقالات تمس حياته الخاصة زورا وبهتانا دون تحرك قضاء التعليمات للتحقيق في الاتهامات قبل معاقبة أصحابها، بل وصل الأمر الى نسج مؤامرات سوريالية مضحكة تنم عن.... وتناسى أصحاب هذه الاستراتيجية أن الاتهامات ضد الأمير هي التي فتحت الباب للتهجم على باقي أفراد العائلة الملكية، وهو ما نعيشه الآن حيث لم يعد هناك احترام لا للحياة الخاصة ولا العامة. وكم خصصت صحافة الرداءة من مقالات لنشطاء مثل خديجة الرياضي والمعطي منجب والمرحوم حسني عبد اللطيف والكثير من الصحفيين. بل وصلت الدناءة بجهات في البلاد أنه في أعقاب الطلاق بين الملك والأميرة سلمى، جرت مهاجمة الأخيرة في مواقع معينة عبر مقالات بالفرنسية مكتوبة بالطريقة نفسها التي كانت تستعملها نفس الجهات لمهاجمة كل من ناقش الملك أو انتقده في قرار ما. من يقف وراء صحافة الرداءة في البلاد يعتقد في ضعف الآخرين للرد على الاتهامات المجانية. لا يتعلق الأمر بأي ضعف بل بعدم النزول الى مستوى السافلين لبعض من يقفون وراء هذا النوع من الصحافة تمويلا وكتابة. في آخر المطاف، مشاكل المغرب ليست في موقف هذا الشخص أو ذاك ، انطلاقا من زاوية الشعور الوطني الخالص وبدون نفاق، هي في: من قام بتهريب أموال الشعب ومن يحمي الفاسدين الذين نهبوا البلاد ومن يحمي صحافة الرداءة من الإفلات من العقاب ضمن أشياء كثيرة؟ أو على الأقل من يقف وراء هذه الصحافة التي تروج للحقد والكراهية وتريد توجيه الأنظار عن الوضع الكارثي للبلاد الذي أوصل شباب المغرب يموتون في البحر ويرغبون في التخلي عن الجنسية المغربية. * المصدر: عن موقع "ألف بوست"