07 غشت, 2018 - 12:32:00 ادَّعى تحالفٌ عسكري تقوده السعودية والإمارات وتدعمه الولاياتالمتحدة، مراراً وتكراراً، على مدار العامين الماضيين، تحقيق انتصاراتٍ حاسمةٍ أخرجت مقاتلي القاعدة في اليمن في أنحاء اليمن وقضت على قدرتهم على مهاجمة الغرب. ولكن ثمة شيءٌ ما لم يفصح عنه المنتصرون: ألا وهو أن العديد من انتصارات التحالف تحقق دون إطلاق رصاصة واحدة. هذا لأن التحالف أبرم اتفاقاتٍ سريةً مع مقاتلي «القاعدة»، ودفع لبعضهم مقابل الرحيل عن مدنٍ وبلداتٍ محوريةٍ، وسمح لآخرين بالانسحاب بأسلحتهم ومعداتهم وآلاف مؤلَّفة من الأموال المسلوبة، حسبما كشف تحقيقٌ لوكالة أنباء The Associated Press؛ بل وجند التحالف مئات آخرين منهم للانضمام إلى التحالف نفسه. المهمة الأكبر : الانتصار على الحوثيين سمحت هذه التسويات والتحالفات لمقاتلي «القاعدة» بالنجاة بأنفسهم لاستكمال القتال في غير مكان ومناسبة، وبتنا في مواجهة خطر أن قويت شوكة أخطر فرع من شبكة الإرهاب التي نفذت هجمات 11 سبتمبر/أيلول. وقال أطرافٌ شاركوا بشكل رئيسي في عقد هذه الاتفاقيات، إن الولاياتالمتحدة كانت على علمٍ بهذه الترتيبات وأوقفت غاراتها بالطائرات من دون طيَّار بشكل كامل. وتعكس الاتفاقيات التي كشفت عنها وكالة Associated Press تضارب المصالح بين الحربين اللتين شُنَّتا في الوقت ذاته بذاك الركن الجنوب الغربي من شبه الجزيرة العربية. في أحد الصراعات، تعمل الولاياتالمتحدة مع السعودية و الإمارات ، ولا سيما الإمارات العربية المتحدة، للقضاء على فرع المتطرفين المعروف باسم تنظيم القاعدة في جزيرة العرب. لكنّ المهمة الأكبر هي الانتصار في الحرب الأهلية ضد المتمردين الحوثيين، المدعومين من إيران. وفي ذاك الصراع الآخر ضد الحوثيين، يقف مقاتلو «القاعدة» من الناحية الفعلية في صف التحالف الذي تقوده السعودية، والولاياتالمتحدة بالتبعية. وقال مايكل هورتون، الزميل في «جايمس تاون»، وهي مجموعة أميركية متخصصة في التحليل تتبع قضية الإرهاب: «من الواضح أن عناصر الجيش الأميركي على علمٍ بأن كثيراً من نشاطات الولاياتالمتحدة باليمن تساعد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، وهناك تخوفٌ كثيرٌ حيال ذلك». واستطرد هورتون قائلاً: «إلا أن الولاياتالمتحدة تعطي الأولوية لدعم الإمارات والسعودية ضد ما تراه سياسةً توسعيةً إيرانيةً، وليس لقتال تنظيم القاعدة ولا حتى لاستقرار اليمن». وتستند النتائج التي توصلت إليها وكالة Associated Press إلى تقارير صحافية تصل من اليمن ومقابلات مع 24 مسؤولاً، من بينهم ضبّاط أمن يمنيون، وقادة ميليشيات، ووسطاء قبليون، و4 أعضاء من فرع تنظيم القاعدة في جزيرة العرب. وقد تحدثت جميع تلك المصادر، إلا قليلاً منها، بشرط عدم الإفصاح عن هويتها؛ خشية التعرض لعمليات انتقامية؛ إذ تتهم الفصائل المدعومة من الإمارات، كغيرها من معظم الجماعات المسلحة في اليمن، باختطاف وقتل من ينتقدها. تجنيد مقاتلين من القاعدة وانتهت وكالة Associated Press إلى أن الميليشيات المدعومة من تحالف السعودية و الإمارات تعمل بكثافة على تجنيد مقاتلي تنظيم القاعدة، أو من كانوا أعضاء فيه حتى وقت قريب؛ لأنهم يُعتبَرون مقاتلين استثنائيين. تتألف قوات التحالف من مزيج مربك من الميليشيات والفصائل وأمراء الحرب القبليين والقبائل التي لها مصالح ذات طابع محليّ بحت. وثمة تداخل بين مقاتلي تنظيم القاعدة في جزيرة العرب والكثير منهم. ولا يزال قائدٌ يمنيٌّ أُدرج على قائمة الإرهاب الأميركية، بسبب علاقاته مع تنظيم القاعدة العام الماضي (2017)، يتقاضى أموالاً من الإمارات لإدارة الميليشيا التابعة له، كما صرح نائبه نفسه لوكالةAssociated Press. وثمة قائد آخر منحه الرئيس اليمني مؤخراً 12 مليون دولار مقابل دعم قوته المشاركة في الحرب، مساعده أحد رموز «القاعدة» المعروفين. وفي إحدى الحالات، بلغ الأمر بوسيطٍ قبليٍّ توسَّط في اتفاق بين الإماراتيين و»القاعدة» أن قدّم وليمة وداع للمتطرفين. وقال هورتون إن جزءاً غير يسير من الحرب التي تشنها الإمارات وحلفاؤها على «القاعدة» محض «مهزلة». وأضاف: «من شبه المستحيل في الوقت الراهن التفريق بين من هو من تنظيم القاعدة ومن ليس منها؛ نظراً إلى عقد قدرٍ كبيرٍ من الاتفاقيات والتحالفات». واشنطن على علم بذلك أرسلت الولاياتالمتحدة أسلحةً بمليارات الدولارات إلى التحالف لقتال الحوثيين المدعومين من إيران. وغالباً ما يقدِّم مستشارون أميركيون إلى التحالف معلوماتٍ استخباراتيةٍ تُستخدَم في استهداف الأعداء على أرض اليمن، وتزوِّد الطائرات النفاثة الأميركية جواً الطائرات الحربية التابعة للتحالف بالوقود. ولكن الولاياتالمتحدة لا تموِّل التحالف، وليس ثمة دليل على منح وصول أموال أميركيةٍ إلى محاربي تنظيم القاعدة. وصرح مسؤولٌ أميركيٌّ كبيرٌ للصحافيين بالقاهرة في وقتٍ سابقٍ من العام الجاري (2019)، بأن الولاياتالمتحدة تعلم بوجود عناصر من «القاعدة» بين الصفوف المقاتلة للحوثيين. وقال المسؤول، الذي اشترط عدم الكشف عن اسمه، إنه بسبب دعم أعضاء التحالف الميليشيات التي يرأسها قادةٌ إسلاميون متطرفون، «بات تسلل عناصر تنظيم القاعدة إلى ذلك الخليط أمراً بالغ السهولة». ترجمة : هاف بوسط.