01 ماي, 2018 - 12:15:00 يتميز الفاتح من ماي هذه السنة، بتزايد حدة الاحتقان الاجتماعي الذي تمظهر من خلال حركات احتجاجية شهدتها العديد من مناطق المغرب، إلى جانب حملة مقاطعة واسعة يخوضها طيف كبير من المغاربة ضد ثلاث أكبر شركات في مجال الطاقة والحليب والماء. كما يتم الاحتفاء بفاتح ماي 2018 ، في جو من التوتر بين النقابات والحكومة، اتسم بعدم استئناف مسلسل الحوار الاجتماعي ودون التوقيع على أي اتفاق بين الجانبين، وسط اتهامات نقابية للحكومة بتقديم عرض هزيل لتحسين الأجور لا يتجاوز 300 درهم، الشيء الذي لا يرقى لمطالب الطبقة العمالية. الدولة تخلت عن واجباتها الاجتماعية المكتب التنفيذي "للكنفدالية الديمقراطية للشغل" اعتبر أن الاحتفاء ياليوم العالمي للعمال يمر في ظروف وطنية وإقليمية دقيقة ومعقدة، تتسم بتغول التوجهات الليبرالية الجديدة التي حولت المجتمعات إلى أسواق يتجار فيها الأقوياء. واعتبر المكتب في التجمع الاحتفالي الذي أقامه وسط العاصمة الرباط، أن الاحتفاء بفاتح ماي هذه السنة يتسم بعدة تراجعات سياسية وحقوقية وضربا للحريات العامة ومحاصرة الحريات النقابية، وقمع الاحتجاجات الاجتماعية السلمية. وأضاف المكتب أن أخطر ما يحدث في المغرب الآن هو الاستمرار في تفكيك وإضعاف التنظيمات المجتمعية، وتخلي الدولة عن واجباتها الاجتماعية وعن المرفق العمومي بمنظور تقني، وخضوعها المطلق لتعليمات صندوق النقد الدولي. وأشار المكتب إلى أن ما يقع حاليا في التعليم بتفكيك المدرسة العمومية، وبناء مدرسة جديدة وتسليع التربية والرهان على القطاع الخاص المتملص من أداء الضريبة، والذي لا يؤدي مستحقات العمال في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، موضحا أن الدولة تقوم بأخطاء تاريخية في مجال التعليم سيكون لها انتكاسات كبيرة على البلاد. اتساع دائرة الفقر والتهميش وأوضح المكتب التنفيذي "للكنفدرالية الديمقراطية للشغل" أن ما تعرف المنظومة الصحية بالمغرب من اختلالات هيكلية، ونزوع نحو الخوصصة، لتمتد أيادي لوبي شركات التأمين للاستثمار في الصحة، إلى جانب ما تعرف المصحات الخصوصية من فوضى ومتاجرة في المرضى دون أية مراقبة مالية. ونبهت الكنفدرالية إلى ضرورة الانتباه إلى خطورة الأوضاع الاجتماعية في المغرب، والمبادرة نحو القيام بإصلاحات حقيقية لتجاوز مشكل البطالة، وخاصة بطالة الشباب التي تصل إلى 25 في المائة، واتساع دوائر الفقر والتهميش الاجتماعي ، والإقصاء الاقتصادي والهيمنة على الثروة الوطنية بقوة مسؤولية السلطة السياسية. وأضاف المكتب أن الأرقام الصادرة عن المؤسسات الدستورية ومن بينها المندوبية السامية للتخطيط، تظهر أن الوضع الاجتماعي يعيش على وقع عدة اختلالات تهدد الاستقرار، كما أن الاحتجاجات الاجتماعية، أظهرت التفاوتات البنيوية العميقة، مما يستدعي معالجة هيكلية لهذه الأوضاع بدل التعامل معها بالمقاربة الأمنية القمعية. الحكومة تتعامل مع النقابات باستخفاف كبير وأشار المكتب التنفيذي للكنفدرالية الديمقراطية للشغل، أن الحكومة تتعامل بلامسؤولية مع الوضع المحتقن في المغرب، ولا تدرك خطورته، وهي حكومة مهزوزة ومهزومةّ، حكومة تقنيين صغار لا يمتلكون القدرة الفكرية والمرجعية الثقافية السياسية القادرة على ابتكار ومواجهة الوضع بما يلزم من اتخاذ قرارات وطنية ترقى إلى متطلبات الاصلاح بالمغرب. وأكد المكتب على أن الحكومة غير منسجمة وتخوض صراعا مكشوفا بين أحزابها، بحسابات سياسوية انتخابية ترتب المرحلة المقبلة، وفي قلب هذا الصراع، الذي يؤطره بؤس سياسي يغيب في الجوهر قضايا المواطنين. وأوضح المكتب التنفيذي للكنفدرالية الديمقراطية للشغل أن الحكومة تعاملت مع النقابات باستخفاف في الحوار الاجتماعي، وبقيت في رؤيتها للحوار حبيسة المنطق المحاسباتي والتوازنات المالية بمنظورها الضيق، وبذلك كان العرض الحكومي المتثمل في 300 درهم للسلاليم الدنيا على مدة ثلاث سنوات مع 100 درهم كزيادة في التعويضات العائلية، عرضا هزيلا جدا وبعيد عن الحد الأدنى لمطالب الطبقة العمالية وعموم الأجراء، ولا يراعي تدني القدرة المعيشية وغلاء الأسعار. هجوم كبير على الحريات النقابية من جابنه قال محمد حيتوم عضو الأمانة العامة للاتحاد المغربي للشغل، إن فاتح ماي هذه السنة يتميز بهجوم شرس على الحريات النقابية، ويتجلي ذلك في أغلب الوحدات الصناعية، فيكفي أن يتأسس مكتب نقابي حتى يتم طرده من طرف "الباطرونا" وفي صمت وتواطئ في كثير من الأحيان مع السلطات. وأضاف حيتوم في تصريح ل "لكم" على هامش المسيرة التي نظمها الاتحاد في شارع محمد الخامس بالرباط،، أن هناك هجوما على القدرة الشرائية لكافة المواطنين وضربا للطبقات الوسطى وأهمها الأجراء، ومحاولة تمرير عدد من التشريعات في ميدان الشغل، تعتبر تراجعا وانتهاكا للحقوق الأساسية للطبقة العاملة بالمغرب. وأضاف حيتوم أن هناك محاولة لتكبيل الإضراب الذي هو حق دستوري، وتفكيك مدونة الشغل، الحوار الأخير للحوار الاجتماعي، قدمت فيه الحكومة عرضا هزيلا وتمييزيا لا يرقى إلى مستوى ما تطالب به النقابات، وإلى تدني القدرة الشرائية وتميزي بين الأجراء لأنه يشمل فئة دون أخرى، لذلك رفضناه وطالبنا بفتح حوار جاد ومسؤول يفضي إلى تعاقدات قوية تضمن استقرار البلاد. العرض الحكومي هزيل ويستهتر بحقوق العمال من جهته قال عبد العزيز منتصر عضو الكونفدرالية العامة للشغل، أن الاحتفاء بفاتح ماي هذه السنة، يمر بتعتثر كبير للحوار الاجتماعي واستخفاف الحكومة بمطالب الطبقة العاملة منذ 2011 أي منذ سبع سنوات والحوار الاجتماعي متوقف والأجور جامدة والتشغيل متوقف، والحقوق العمالية يطالها النسيان. وأضاف منتصر في تصريح ل "لكم" على بالتجمع الاحتفالي، الذي نظمته "الكنفدرالية العامة للشغل"، أن الحوار الاجتماعي فيه حيف لأن الحكومة فتحت الحوار مع المركزيات الأكثر تمثيلية، لكن هناك نقابات وطنية كان لا بد أن تجد الحكومة صيغة للتشاور معها وإشراكها في الحوار والاستماع إليها ولمطالبها. وأشار منتصر أن العروض التي قدمتها الحكومة هزيلة وفيها نوع من الاستهتار بالعمال، كما أن تركيز الحوار الاجتماعي في الزيادات بالأجور فقط، فيه اختزال خطير للمطالب الحقيقية للطبقة العاملة، لذلك المطلوب من الحكومة حسب منتصر هو ان تفكر في قانون تنظيمي حقيقي للعمل النقابي، الذي يفقد سنة عن أخرى قيمته ووضعه في الساحة الاجتماعية، في التأطير والتنظيم، وهذا شيء خطير. وأكد منتصر أنه إذا استمرت الأوضاع إلى ما هي عليه لآن سيعرف النسيج العمالي والنقابي نوعا من التفكك والاندثار، لذلك لا بد من التفكير في قانون جديد للنقابات، يعطي مصداقية أكبر للعمل النقابي وضمانة لمراقبة المال العمومي المستثمر في النقابات، لأن المساعدات التي تقدمها الحكومة للنقابات يجب أن تكون مبنية على برامج عمل، أما أن يعطي الشيك في كل سنة للكتاب العامين للنقابات باسم التمثيلية دون مراقبة ودون تتبع فهذا نوع من العبث على حد وصفه. ورفع المشاركون في مسيرات الفاتح من ماي التي انطلقت، من ساحة باب "الأحد" والمدنية العتيقة بالرباط، نحو شارع محمد الخامس، شعارات تطالب بإسقاط الفساد ووضع حد للإحتقان الاجتماعي، وعدم الجمع بين المال والسلطة، والكف عن ضرب الحريات النقابية، ومتابعة النشطاء السياسين والنقابيين.