26 أكتوبر, 2017 - 01:09:00 قال خبراء سياسيون مغاربة إن إعفاء 4 وزراء بمثابة "بداية لمرحلة تتسم بثقافة المحاسبة"، وبعث رسالة سياسية مفادها ربط المسؤولية بتقييم الأداء. وأشار الخبراء، في أحاديث منفصلة للأناضول، إلى ما أسموه "ارتفاع كلفة تسيير الوزارات والإدارات بدون محاسبة أو تقييم، وهو ما يقتضي ربط المسؤولية بالمحاسبة للوصول إلى نتائج على أرض الواقع". وأعفى العاهل المغربي الملك محمد السادس، الثلاثاء، 4 وزراء على خلفية اختلالات في برنامج إنمائي لصالح إقليمالحسيمة، الذي يشهد احتجاجات تطالب بالتنمية وعدم التهميش، منذ نحو عام. وشمل الإعفاء وزيرين من حزب التقدم والاشتراكي ، ووزيرين من حزب الحركة الشعبية ، فضلاً عن مسؤول كبير بالمكتب الوطني للكهرباء والماء. كما تضمن القرار الملكي عدم إسناد أي مهمة رسمية ل 5 وزراء في الحكومة السابقة، مستقبلًا. إلى جانب تعليمات لرئيس الحكومة باتخاذ التدابير اللازمة في حق 14 مسؤولاً آخر، أثبتت التقارير في حقهم تقصيرًا واختلالات القيام بمهامهم. زلزال سياسي وربط مغاربة بين قرارات عاهل المغرب، وقوله، في خطاب أمام البرلمان االشهر الحالي، إنه" لن يدخر جهدا في سبيل ربط المسؤولية بالمحاسبة، خصوصا كل من ثبت في حقه أي تقصير".وقال محمد ضريف المحلل السياسي، للأناضول، إن "إعفاء هؤلاء المسؤولين هي بداية فعلية للانخراط في تحديد المسؤولية وفرض عقوبات ستطال كل من يخل بمسؤوليته". واستبعد ضريف أن تكون هذه الاعفاءات "جواباً ظرفياً" عن حراك الريف بالشمال. ومنذ أكتوبر، من العام الماضي، تشهد الحسيمة وعدة مدن وقرى منطقة الريف، احتجاجات متواصلة، للمطالبة ب"التنمية ورفع التهميش ومحاربة الفساد". وكان العاهل المغربي، أطلق في أكتوبر2015 (في عهد الحكومة السابقة التي استمرت حتى أبريل)، برنامج تنمية إقليمالحسيمة، والذي أطلق عليه اسم "الحسيمة منارة المتوسط"، بميزانية بلغت 6.5 مليارات درهم (667 مليون دولار). غير أن البرنامج شهد خللا في التنفيذ، لأسباب مختلفة، بحسب تصريحات سابقة لمسؤولين مغاربة. وقال ضريف إن "إعفاء وزراء ومسؤولين ليس مسألة ظرفية، وهذه القرارات ليست تكتيكية أو محاولة احتواء الغضب بسبب حراك الريف". وأوضح أن "كلفة الاستمرار في تسير الإدارات والوزارات، وغض النظر عن الفساد مكلفة بالنسبة للنظام، مكلفة من الناحية السياسية، والناحية الاقتصادية أيضاً". وتوقع ضريف خروج حزبين من الحكومة ومشاركة حزب الاستقلال في الائتلاف الحكومي. وقال، في هذا الصدد، "ممكن لحزبي التقدم والاشتراكي والحركة الشعبية أن يعلنا انسحابهما من الحكومة، خصوصا أن الوزراء المعفيين ينتميان لهما، بالمقابل سيتم إشراك حزب الاستقلال في ائتلاف الحكومة". رسالة سياسية وقال محمد زين الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني بمدينة المحمدية، للأناضول، إن بلاده ستدخل مرحلة جديدة في طريقة إدارة الشأن العام بربط المسؤولية بالمحاسبة. وتوقع أن يعقب هذا الإعفاء، ترتيبات سياسية بالبلاد، خصوصا أن الإعفاء شمل أمين عام حزب مشارك في الحكومة (نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية)، وقياديين كبار في حزب الحركة الشعبية. وأبرز أن هذا الإعفاء رسالة سياسية للآخرين مفادها عدم التساهل مع من يثبت إخلاله في المسؤولية، وفق زين الدين. وأوضح أن هذا الإعفاء هو ترجمة لخطابات أخيرة للعاهل المغربي. وتابع " المثير في بيان الديوان الملكي هو عدم رضا العاهل المغربي تجاه بعض المسؤولين بالحكومة السابقة، وتعليمات بعدم تقلدهم مناصب مستقبلا، وهذا إجراء غير مسبوق بالبلاد". وأبرز زين الدين ضرورة اعتماد المسؤولين على الشفافية في تدبير المشاريع ، والتواصل مع المواطنين . ولفت إلى أن المتابعة والمحاسبة ستطال جميع البرامج التي أطلقها المغرب ولن يقتصر الأمر على برامج الحسيمة. ثقافة المحاسبة من جهته، قال عبد الحفيظ أدمينو أستاذ القانون الدستوري بجامعة الحقوق القانونية بالرباط، إن "إعفاء هذا العدد الكبير من الوزراء والمسؤولين يبين أنه أول مرة يتم تفعيل ربط المسوؤلية بالمحاسبة". ورأى أن ثقافة التقييم يجب أن تصبح "عادية من جانب المسؤولين والفاعلين" للوصول إلى الفاعلية في السياسيات العامة.وتوقع أن تشهد البلاد "مرحلة جديدة"، خلال الأشهر القليلة القادمة، من حيث ترسيخ ثقافة المساءلة وتقييم العمل الحكومي، وباقي الإدارات الأخرى. وأبرز ضرورة تفعيل المراقبة خلال مراحل تسيير السياسات العامة .