ب 30 أبريل, 2017 - 03:48:00 عاشوا لسنوات في الظل، خوفا من سطوة المجتمع الذي يرفض بشدة الارتداد عن الدين الإسلامي. هم مسيحيون مغاربة قرروا أن يعلنوا عن أنفسهم. أجرت وكالة الصحافة الفرنسية (ا ف ب)، مقابلة مع اثنين منهم، فهما رشيد ومصطفى، اللذين لم يجدا حرجا من التصريح بدينهم الجديد والحديث عن تجربتهما مع اعتناق المسيحية. من الصوفية إلى المسيحية يعيش الأربعيني رشيد بمنزل في حي شعبي بمدينة أكاديرجنوب المغرب ويستضيف فيه 10 من معتنقي المسيحية. في الصغر، كان والد رشيد "يجبره على ارتياد الزاوية الصوفية، لكنه لم يجد نفسه هناك". وفي فترة المراهقة، زاد اهتمامه بالمسيحية، وحصل على نسخة من الكتاب المقدس. يقول "قرأته كاملا، ودرست كلمة الرب وتابعت دورات تدريب". وفي سن ال24 تعمد رشيد بشقة بالدار البيضاء، بل أصبح قسا بروتستانتيا فيما بعد. إلى جانب رشيد جلس مصطفى البالغ 46 عاما، الذي اعتنق المسيحية في 1994 "لملء فراغ روحي". هذا الموظف هو حفيد رجل دين مسلم من تارودانت، قرب أكادير، وكان في شبابه عنصرا ناشطا في "جماعة العدل والإحسان" الإسلامية. "اضطهاد" مارس المسيحي الجديد عقيدته سرا حتى قرر قبل عام ونصف نشر فيديو على الإنترنت تحدث فيه عن اعتناق المسيحية من دون إخفاء وجهه. لكن اعتناقه المسيحية لم يمر مرور الكرام، فقد تعرض لاضطهاد الأقارب الذين "أداروا له ظهورهم وتم عزله عن العمل وتعرض أطفاله لمضايقات في مدراسهم"، حسب روايته. رشيد ومصطفى وغيرهما أرادوا أن يمارسوا عقيدتهم الجديدة بحرية فأسسوا "تنسيقية" وذهبوا إلى المجلس الوطني لحقوق الإنسان طلبا ل"وقف الاضطهاد" ضد مجموعتهم الصغيرة، وبحق اختيار أسماء مسيحية لأطفالهم، والصلاة في الكنائس والدفن في مدافن مسيحية، والاقتران حسب ديانتهم. لا تتوافر أرقام رسمية لعدد معتنقي المسيحية في المغرب، لكن شهادات جمعتها وكالة الصحافة الفرنسية أشارت إلى أن غالبيتهم بروتستانتيون (معمدانيون وإنجيليون) ويتركزون بين مراكشوأكادير. موقف الدولة تتفاخر المملكة المغربية بأنها تسمح بحرية العقيدة، لكن القانون يجرم التبشير، أما الردة فهي مرفوضة اجتماعيا. ورغم عدم ذكر الارتداد عن الإسلام بالتحديد في القانون الجنائي، فإن معتنقي المسيحية مهددون بالسجن في حال الاشتباه باستخدامهم "وسائل الإغراء لزعزعة عقيدة مسلم أو تحويله إلى ديانة أخرى". وأوضح خبير في اجتماعيات الأديان للوكالة أن "هذا الموضوع شديد الحساسية لأنه يحيل إلى تاريخ الاستعمار وفكرة أن المسيحية تهدد وحدة المغرب". وتقول الوكالة إن السلطات أوقفت أشخاص خلال السنوات الأخيرة بتهمة التبشير، لكن بالنسبة لرشيد، فهو يرى أن الأمور تتحسن وأن التوقيفات "انقطعت تقريبا"، وهو ما يرى فيه "خطوة كبرى"، وأصبحت "المضايقات نادرة وتأتي من واقع المجتمع"، ويقول إنه يمارس المسيحية بشكل طبيعي أمام جيرانه المسلمين. ويعتبر مصطفى أن هذا "البلد شهد اختراقات كثيرة على مستوى حقوق الإنسان" مشيدا بعمل العاهل المغربي في سبيل "العيش المشترك". لكنه يرى أن القانون الجنائي والمجتمع "لا يواكبان هذا التقدم"، فالمجتمع بالنسبة له "يعاني من الفصام والتناقضات الكثيفة حيث أن كثيرين يمارسون نمط الحياة العلمانية لكنهم يشعرون بالانقباض ما أن يأتي ذكر اعتناق ديانة أخرى".