ذقنا من بلاد المهجر حلاوة النصر المغربي ،واستمتعنا بمباراة تاريخية سجل فيها المنتخب المغربي أربع أهداف في مرمى المنتخب الجزائري . كنا فعلا أمام مباراة شيقة صنعت الحدث الرياضي وأنتجت بهجة مغربية في مدينة البهجة التي مسحت أحزان الخميس الإرهابي الدامي بالنصر الكروي ، كانت مراكش تحتفي على ملعبها بأسود الأطلس الذين أبانوا أن النصر المغربي ممكن مهما تأخر ، وتابعنا فرح المغاربة الذين خرجوا عن بكرة أبيهم كما يقول العلوي مبتهجين بالنصر والفوز الذي اشتاقوا إليه كثيرا بعد الهزائم المتتالية للمنتخب المغربي ، كانت مباراة حافلة بالمشاعر محفوفة بالمخاطر من أن ينقلب الماتش إلى فرصة للسبان والفتن التي لا تخمد لكن الفوز قلب الاحتمالات السيئة إلى الفرحة لا غير. شاهدنا كيف ضيع حتى المسؤولون الكبار عقلهم وتخلوا عن ربطات عنقهم، ليهتفوا بدورهم بالنصر. وهي ردود فعل مشروعة في ظل القتامة التي عاشتها هذه اللعبة الساحرة: لعبة الشعب التي يلتف حولها الفقير والغني الكبير والصغير المرأة والرجل الشاب والشيخ ،ومع ذلك لابد من الحذر في فرحنا المشروع هذا ،يجب أن نتعامل مع النصر بشكل عقلاني أيضا ،وأن لا يقع المسؤولون بصفة خاصة في فخ التصريحات الساخنة المتسرعة، لأننا لن ننفي أن مباراة المغرب والجزائر تحمل مسا سياسيا إن صح التعبير، خاصة في المفاوضات حول الصحراء وأطروحة فتح الحدود التي في تقديري لن تفتح في ظل التصريحات النارية لبعض مسؤولينا،و التي ستزيد من فجوات عدم التواصل في قضية خلاف المغرب والجزائر ، الفرحة أوصلت شباب وجدة وبركان والسعيدية وبعض مناطق المنطقة الشرقية إلى الحدود المغلقة، ليهتفوا بالنصر لكن الحدود لم تفتح ولن تفتح بسبب مطبات السياسة .أما الشعبين الجزائري والمغربي مع فتح الحدود وإلغائها تماما وهذا هو هدفهم الأسمى . ما يحز في النفس هو أن غمرة الفرح تنسينا المشاكل الحقيقية التي تعرقل فتح الحدود ،وقد يسبب الفرح الأهوج لبعض مسؤولينا أمام الكاميرات استفزازا حقيقيا لحكومة الجزائر نحن لا نريد صب الزيت على النار ففرحتنا مشروعة ولنا الحق في أن نفرح بكل الطرق ومختلف التعبيرات التي عبر عنها الشعب المغربي في مختلف المدن المغربية وفي مختلف دول المهجر أيضا ،لكن حذاري أن تكون فرحتنا سببا لتأخير مسلسل الصلح الذي دشنه المغرب ومضى فيه ،الحدود المغلقة لن تحل سوى بالديبلوماسية والكياسة المغربية وقد رأينا كيف قلب تصريح وزير الإعلام الناصري كل الموازين حينما تحدث جهارا عن تورط الجزائر في دعم القذافي بالسلاح والعصابات ، لازال المغرب يمشي على البيض في علاقته السياسية مع الجزائر ويجب أن يكون كل مسؤول مسؤول على ردة فعله ، حتى لا يقرأ الفرح كشماتة في الجار الذي نريد معه قيم الجوار الحقيقية حتى لا نحرم عائلات تعد بالعشرات باجتياز بسيط لا يكلف 10 دقائق للضفة الأخرى ،بينما اليوم يكلف مالا وحذرا وغبنا في النفس لشريحة كبيرة من الشعب المغربي تقدر أكثر من 6 مليون تقطن المغرب الشرقي ، لابد من ضبط النفس والتعامل مع النصر بعقلانية من طرف المسؤولين واستثماره لتعزيز قيم الصداقة والجوار لا تكريس البعد والتباعد ، نحن جيران الجزائر والتعايش والتآخي فيما بيننا مطلوب بإلحاح لكي لا نؤخر مسار التطور المغاربي قرونا أخرى، لا يجب أن ننسى أننا نجحنا فقط مرة واحدة في لعبة كرة القدم هذه السنة لكن لعبة السياسة على ما يبدو لازال طريقها طويلا ، وحتى لا تختلط الأمور فلنفرح في حدود الكرة حتى لا نحولها إلى ذريعة سياسية ترجعنا لنقطة الصفر.وهنيئا لنا بانتصار الكرة وأتمنى أن تكثر الكرات ونسترجع قوة أسود الأطلس الذين صنعوا الحدث في مراكش الحمراء وان تفتح الحدود لنعود ونلعب المقابلات الحبية مع مولودية وهران وشباب بلكور و وداد تلمسان كما كان الحال في أيام الود ذهابا وإيابا في وجدة وبركان.