23 مارس, 2017 - 05:47:00 منذ تكليف سعد الدين العثماني رئيسا للحكومة من طرف الملك محمد السادس، خلفا لعبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب "العدالة والتنمية"، تغيرت بشكل جذري خريطة التحالفات السياسية التي كانت قائمة طيلة المشاورات الحكومية السابقة، منها تفكيك التحالف الرباعي (التجمع الوطني للأحرار، والاتحاد الدستوري، والحركة الشعبية، والاتحاد الاشتراكي)، كما لاحظ المتتبعون تغيرا واضحا في المنهجية التفاوضية التي بدأها الرئيس المكلف مع باقي الأحزاب السياسية. كما عكس البلاغ الصادر اليوم عن أمانة حزب "البيجيدي"، عن التوجه الجديد لقيادة "المصباح" نحو القطيعة مع المنهجية السابقة التي يعتمدها بنكيران، ومن ورائه قيادة الحزب في تدبير المشاورات، حيث تجاهل البلاغ الحديث عن الشروط التي سبق وأن ذكرتها قيادة "البيجيدي" في مجلسها الوطني الاستثنائي السبت الماضي، على رأسها الحفاظ على الأغلبية السابقة ورفض مشاركة حزب "الاتحاد الاشتراكي". الملك حسم تشكيل الحكومة بتدخله المحلل السياسي وأستاذ الجغرافيا السياسية، مصطفى اليحياوي، قال إن "الأمر حسم بتدخل الملك محمد السادس، إذ أصبح تدبير المفاوضات مرتبط بمسألة التوافق"، مضيفا أنه "لن يكون هناك أي سقف سياسي في المشاورات". وأوضح اليحياوي، في حديثه لموقع "لكم"، أن: "كل الفرقاء المعنيين سيبذلون ما في وسعهم من أجل تحقيق التوافق لتشكيل الحكومة في أسرع وقت ممكن وفقا لتعليمات الملك". وفي تعليقه على بلاغ الأمانة العامة لحزب "العدالة والتنمية"، قال المتحدث إن "قيادة (البيجيدي) تريد أن تنأى عن الحديث عن أي تأويل سياسي يمكن أن يفهم منه محاولة لعرقلة المشاورات الحكومية"، مشيرا إلى أن "مسألة مشاركة (الاتحاد الاشتراكي) من عدمه ثانوية، لأن المطلوب لدى كل الأطراف المعنية بتشكيل الأغلبية هو التوافق المنسجم مع الإرادة الملكية". ولفت المحلل السياسي إلى أن "هم جميع الأحزاب السياسية، بعد تدخل الملك، يبقى واحدا ويتعلق بإخراج الحكومة في أقرب الآجال"، مستدلا بالقول: "إن الحد الأدنى من التوافق ضبط منذ تعيين العثماني كما ضبط الحد الأدنى من احترام عبد الإله بنكيران كرجل وطني قدم الكثير للدولة". وأشار المتحدث إلى أن "ما يقع اليوم يخرج عن سياق استقلالية الأحزاب كما كانت في مرحلة المشاورات السابقة"، موضحا أن "الأحزاب كلها اليوم ستبقى في مستوى تطلعات الإرادة الملكية لتحقيق التوافق، وفي نفس الوقت التقدير والاحترام لشخص بنكيران لأن الملك يقدر فيه وطنيته". وشدد الأستاذ الجامعي، على أنه "على تمام المعرفة بأن التوافق أصبح ضروريا وأن الأمانة العامة ل(البيجيدي) لن تبدي أي موقف سياسي في ما يخص أشواط المفاوضات الحكومية". بنكيران انتهى سياسيا والملك سيحسم توزيع الحقائب الوزارية وبخصوص ما يثار حول إمكانية عودة "البلوكاج" من نافذة توزيع الحقائب الوزارية، أورد اليحياوي أن: "الإشكال الحقيقي ليس في تشكيل الأغلبية الحكومية بل في توزيع الحقائب"، موضحا: "أنه من المستبعد عودة (البلوكاج) من هذا الباب، باعتبار أن الملك يريد حكومة منسجمة وعلى أساس أن المرحلة المقبلة ستحتاج كفاءات من الأحزاب، وأن الذي سيقرر في آخر المطاف هو الملك الذي يملك حق الاعتراض على الأسماء المقترحة". واستعبد المحلل السياسي أن "تكون لبنكيران وللعثماني ولكافة الأحزاب الأخرى يد في تشكيل هذه الحكومة"، مشيرا إلى أنه "عندما يتدخل الملك وتعلن ضرورة التوافق يكون للملك اليد في تكوين هذه الحكومة"، موضحا أن "الملك لا ينتظر تكوين الأغلبية بقدر ماينتظر تشكيل الحكومة". وعن دور عبد الإله بنكيران في مستقبل المشاورات، أردف اليحياوي بالقول: "بنكيران انتهى أمره سياسيا على مستوى تشكيل الحكومة"، مضيفا: "لذلك فهو نبيه سياسيا عندما قرر الابتعاد عن المشاورات والدفع بتيسير مهمة العثماني".