21 مارس, 2017 - 12:10:00 ذكرت صحيفة "الواشنطن بوست" أن إعفاء عبد الإله بنكيران من مهامه كرئيس حكومة، هو بمثابة تعديل كبير، في محاولة لاستعادة السلطة السياسية من طرف النظام الملكي وشبكة "الدولة العميقة" المتشكلة من حلفاء النخبة المعروفة باسم "المخزن". وأوضحت الصحيفة الأمريكية في مقال تحليلي تحت عنوان "الملك عين للتو رئيس حكومة جديد، في حال نسيت من هو المسؤول"، أنه بعد خمسة أشهر من الجمود السياسي الذي لم يسبق له مثيل في البلاد، قام الملك محمد السادس بإعفاء عبد الإله بنكيران، من مهامه كرئيس حكومة. وأكد كاتب المقال، محمد الدعدوي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة "أوكلاهوما سيتي" بأمريكا، (أكد) أنه على الرغم من أن القرار لم يكن متوقعا، إلا أن المنطق الذي يتعامل به النظام مألوف. كما أن بنكيران وخليفته يعرفون جيدا، أنه يجب أن يلعبوا وفق قواعد القصر. وأشار صاحب كتاب "الملكية في المغرب والتحدي الإسلامي"، إلى أن النظام المغربي يسعى إلى إعادة تشكيل المشهد السياسي، كما فعل في السابق. وقد يكون حزب "العدالة والتنمية"، خاصة في عهد بنكيران قد اكتسب شعبية كبيرة، وأضحى معارضا لرغبة النظام. كما استطاع الحزب جذب قاعدة سياسية هائلة في بلد، عدم توسيع قاعدة المتابعين للشأن العام يعتبر سياسة الدولة. ولعل القصر يتوقع من رئيس الحكومة الجديد سعد الدين العثماني، أن يخضع لبعض مطالب أحزاب "المخزن" وعلى رأسها حزب "التجمع الوطني للأحرار". ويشير اختيار العثماني إلى أن الجمود السياسي كان وراءه بنكيران وليس الحزب، على حد تعبير "الواشنطن بوست". وأفادت الصحيفة الأمريكية، "على الرغم من أن القرار لم يتسبب على الفور في خلاف داخل حزب (العدالة والتنمية) المتماسك، إلا أن إقالة رئيس الحكومة، قد تكون مجرد مرحلة أولى في محاولة من النظام لإعادة تشكيل المشهد السياسي وإبطاء وتيرة الإصلاحات بعد الانتفاضات العربية"، وفق الصحيفة التي افترضت أن تعطيل تشكيل الحكومة، من شأنه أن يمهد الطريق أمام انتخابات تشريعية جديدة، تأتي بالنخب السياسية "المخزنية" إلى السلطة. وشدد ذات المصدر على أن بروز حزب "العدالة والتنمية" على واجهة المشهد السياسي لم يكن دائما متوافقا مع مصالح المخزن والقصر. حيث استطاع خلال الحملة الانتخابية لعام 2016، أن يرتقي لحزب الشعب، على نقيض الأحزاب الموالية للقصر. "وقد عبر حزب (العدالة والتنمية) عن ولائه للملك، وهو يمشي على حبل مشدود، في الوقت الذي انتقد فيه (التحكم) والتلاعب السياسي"، تضيف الصحيفة الأمريكية. وذكرت "الواشنطن بوست" أن المخزن أطاح بعدد من الأحزاب في الماضي، لكن التغيير في الوقت الحالي، استراتيجي ومُتدرج. ذلك أن القصر يسعى لضرب عصفورين بحجر واحد، حيث يزيح مصدر إزعاج دون إحداث أي اضطراب على مستوى إرادة الناخبين، في حين يفرض التغيير داخل هياكل قيادة "العدالة والتنمية". ولدى النظام الملكي المغربي تقليد طويل في إدارة أحزاب المعارضة من خلال دفعها إلى المشاركة، ومنحها نصيبا من السلطة، في حين أن السلطة الحقيقية تبقى في يد النظام الملكي وحكومة الظل. ففي عام 1997، قاد حزب "الاتحاد الاشتراكي" الحكومة، لكن مكانته أضعفت تدريجيا من طرف حكومة الظل في القصر، وفقد في نهاية المطاف الدعم الشعبي، وتحمل وطأة اللوم على المشاكل الاقتصادية والاجتماعية للبلد. إذا اختار حزب "العدالة والتنمية" مغادرة الحكومة والاصطفاف في المعارضة، من المحتمل أن يغامر بشعبيته الانتخابية ورؤيته الإصلاحية ويعرضها للخطر. لكن قرار الحزب البقاء في الحكومة، لا يخلو كذلك من المخاطر، خاصة وأنه يسعى للحفاظ على مكانته السياسية. وحذرت "الواشنطن بوسط" من أن بقاء "العدالة والتنمية" في الحكومة في ظل قواعد لعبة النظام، يمكن أن يواجه نفس مصير "الاتحاد الاشتراكي". "لقد عرف المغرب إصلاحات رمزية خلال ست سنوات مضت منذ اندلاع الانتفاضات العربية، إلا أن الحادث الأخير، هو تذكير واضح بمن يمارس السلطة في المملكة"، تقول الصحيفة الأمريكية.