يرى محللون أن السعودية تستخدم نفوذها السياسي وثروتها الهائلة لاستقطاب الحلفاء بالمنطقة إلى جبهة موحدة. وذلك لمواجهة ما تعتبره تهديدا من إيران وحالة الغضب الشعبي التي تجتاح العالم العربي ضد الزعماء الشموليين. وانزعج الحكام السعوديون من تغير السياسة الأمريكية وموقفها من الإطاحة بالرئيس المصري السابق حسني مبارك حليف الولاياتالمتحدة لزمن طويل فضلا عن الاحتجاجات التي تشهدها البحرين وسلطنة عمان واليمن في الفناء الخلفي للمملكة. وتقول الباحثة والكاتبة السعودية المقيمة في لندن مضاوي الرشيد «السعودية تستخدم فائض ميزانيتها لإسكات الثورات أو تشكيل نتائجها». ووعدت الرياض بتقديم مساعدات لمصر قيمتها أربعة مليارات دولار مما يساعد المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يدير البلاد ويكافح للتعامل مع الآثار الاقتصادية للاحتجاجات التي أطاحت بمبارك. كما قدمت مساهمة كبيرة في منحة قيمتها 20 مليار دولار للبحرين وعمان لإقامة مشاريع توفر فرص عمل. وتشارك السعودية الولاياتالمتحدة في مخاوفها من أن إيران تريد امتلاك أسلحة نووية وقد سعت جاهدة للتكيف مع تصاعد النفوذ الإيراني الإقليمي منذ الغزو الذي قادته الولاياتالمتحدة للعراق عام 2003 والذي أدى إلى تشكيل حكومة يقودها الشيعة في بغداد. كما أنها قلقة أيضا من الاحتجاجات الشعبية. وقال المحلل السياسي السعودي خالد الدخيل «المملكة قلقة جدا من الموجة الثورية. إنها لا تريد أن تصل الموجة إلى شواطئ الخليج». ويبحث مجلس التعاون الخليجي الذي تقوده السعودية ويضم في عضويته ست دول خليجية منتجة للنفط السماح للأردن والمغرب بالانضمام إليه مما يضيف مملكتين أخريين للتكتل الذي يضم السعودية والبحرين والكويت وعمان وقطر والإمارات العربية المتحدة. ويقول محللون إن الدافع وراء دعوة الدولتين غير الخليجيتين وغير المنتجتين للنفط هو الاحتياجات الدفاعية وليس المنطق الجغرافي أو الاقتصادي. ويحتاج مجلس التعاون الخليجي الذي أرسل قوات إلى البحرين في مارس للمساعدة في إخماد الاحتجاجات التي نظمتها الأغلبية الشيعية هناك إلى مزيد من القوة لصد ما يعتبره تهديدات عسكرية وأمنية من إيران. وقال محلل في الرياض «هذا ليس له أي معنى من الناحية الاقتصادية. المغرب لا علاقة له بالخليج وبعيد جدا. السعوديون يريدون أن يدعموا حليفين». وعلى الرغم من أن العلاقات بين السعودية وسوريا حليفة إيران يشوبها التوتر عادة فإن حكام المملكة يشعرون بالقلق من تداعيات الاحتجاجات ضد الرئيس بشار الأسد ويخشون أن تزعزع استقرار جيران مثل الأردن والذي شهد أيضا بعض الاحتجاجات. وقالت الرشيد «يريدون دعم الأردن. أعتقد أنهم قد يستخدمون الأردن كمنطقة عازلة ضد سوريا غير المستقرة». وحاولت الرياض إبعاد سوريا عن إيران فعرضت عليها التعاون الاقتصادي بعد زيارة الملك عبد الله لدمشق عام 2009. لكن لم تقم أي شركة سعودية باستثمارات كبيرة في سوريا المتحالفة مع إيران. بل أن المسؤولين الأمريكيين اتهموا إيران بمساعدة سوريا على سحق الاحتجاجات وهو الاتهام الذي نفته الدولتان. وتهدف المساعدات المالية السعودية لمصر إلى تفادي انعدام الاستقرار في اكبر دولة عربية من حيث عدد السكان وأثناء حكام مصر الجدد عن تحسين العلاقات مع إيران. وقالت الرشيد «أكثر ما يقلقهم هو أن تعيد مصر علاقاتها مع إيران». وكانت المملكة السنية تعتمد على مبارك في احتواء إيران الشيعية. وساند الملك عبد الله مبارك في البداية حين انتفض المصريون ضد رئيسهم. كما استضافت المملكة الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي الذي أجبر على التنحي. وبعد أيام من حزمة المساعدات السعودية احتجزت مصر لفترة قصيرة دبلوماسيا إيرانيا واستجوبته بشأن مزاعم تجسس. وقال الناشط الكبير الداعي للديمقراطية محمد القحطاني «من المثير للاهتمام كيف أن مصر ألقت القبض على الدبلوماسي بعد أن أعلنت السعودية عن الحزمة المالية». وحث الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد مصر يوم الأربعاء على إعادة بناء العلاقات الدبلوماسية مع الجمهورية الإسلامية قائلا إن ظهور «قوة عظيمة» جديدة سيجبر «الصهاينة» على مغادرة المنطقة. وتنظر السعودية إلى الداخل أيضا فبعد عودة الملك عبد الله من رحلة علاجية طويلة بالخارج في فبراير شباط أعلن عن مجموعة مساعدات قيمتها 130 مليار دولار لتوفير فرص عمل ومساكن للمواطنين الذين تتنامى أعدادهم بسرعة. وقال الدخيل إن السعي لتحقيق الأمن في المملكة التي تحظر التجمهر يمكن تطويره من خلال إتاحة المزيد من الحرية وإجراء إصلاحات في الداخل بدلا من البحث عن أصدقاء في الخارج. وأضاف «أفضل طريقة لحماية الملكية هي حمايتها من الداخل وليس من الخارج سواء من حيث القدرات العسكرية أو السياسية أو الإصلاح الاقتصادي. الأردن والمغرب لا يستطيعان توفير أي حماية للسعودية».