ترجمة هدى سحلي 04 ديسمبر, 2015 - 08:39:00 القليلون يعرفون الملياردير الذي يعتبر ثالث أغنى رجال الأعمال في المغرب، والخامس والعشرين إفريقيا حسب المجلة الأمريكية "فوربيس". أنس الصفريوي الذي بدأ تاجرا لمادة الغاسول، قبل أن يلج عالم العقار، ويحظى بعقود مهمة لإنشاء آلاف الوحدات السكنية المدعومة من طرف الدولة، للتسع أعماله إلى مجالات أخرى في البناء والأسمنت والسياحة، داخل المغرب وبدول إفريقيا، ومع ذلك فإن شركته القابضة العقارية "الضحى" تعيش اليوم حالة عدم استقرار مالي كبركان هائج، علاوة على توتر علاقة الصفريوي مع دائرة السلطة، وهو ما يضع مجموعته مرة أخرى على حافة النار. تحذير حصاد للصفريوي في هذا التحقيق الذي أعدته مجلة "تيل كيل" المغربية، تحاول رسم بورتريه لصعود امبراطور العقار في المغرب، إلى وضعه الحالي الذي وصفته المجلة بأنه أصبح "غير محبوب" من قبل نفس الدوائر التي فتحت له الأبواب فيما قبل لبناء امبراطوريته. يبدأ تحقيق مجلة "تيل كيل" بحكاية تعود إلى مساء الخميس 5 يوليوز من العام الجاري، عندما شاع خبر استدعاء وزارة الداخلية لأنس الصفريوي، أكبر منعش عقاري في المغرب ووجهت له إنذارا بالامتناع عن توظيف اسم الملك في مشاريعه الخاصة، ولأنه واحد ممن يفهمون تقاليد دار المخزن وأسلوبها فقد انحنى للعاصفة، وهي الغضبة التي كانت بوادرها تلوح في الأفق منذ مدة حيث لم يُستدع الصفريوي كما هي العادة إلى حفل زفاف الأمير مولاي رشيد. أسبوعين أو ثلاث أسابيع، بعد اجتماع الصفريوي بوزير الداخلية محمد حصاد، تمت دعوته لعشاء من طرف القصر، حيث قال مقرب من الصفريوي الذي كان حاضرا في العشاء، "إن الملك مازح الصفريوي في الموضوع"، مضيفا أنه لفهم العلاقة بين انس الصفريوي والسلطة، يجب العودة إلى سنوات التسعينات. لرسم صورة لشخصية الصفريوي تعود مجلة "تيل كيل" إلى الوراء عندما ترك الرجل مبكرا مقاعد الدراسة، ودخل مجال الأعمال، معتمدا على "قوة الحدس لديه الغير المتوفرة للجميع"، لتنويع أعمال العائلة. نجح أنس الصفريوي في أن يصبح أغنى من والده، عبر تأسيس مصنع للإسمنت، حسب شهادة احد أفراد عائلته، الذي لم يفاجئه غزو الصفريوي لإفريقيا بثمانية مصانع للإسمنت والعشرات من المشاريع العقارية في مختلف الدول الإفريقية. ولج الصفريوي، ميدان العقارات لينعش أرباحه وتجارته منذ سنة 1989، استفاد بعدها بستّ سنوات، من عقد مريح منحه إليه الحسن الثاني، لينشئ 20 ألف وحدة سكنية في إطار السكن الاقتصادي. من البصري إلى الماجدي ورغم قربه من وزير الداخلية آنذاك إدريس البصري، وذراعه الأيمن عبد العزيز العفورة، إلا أن الصفريوي وجد نفسه مضطرا للتواري عن الأنظار بعد إقالة البصري سنة 1999، خوفا على مصالحه وأعماله من التأثر بسبب علاقته بوزير داخلية الحسن الثاني. في هذه المرحلة، ظل الصفريوي يعمل بعيدا عن الأنظار، إلى غاية تدخل أحد المقربين من الملك محمد السادس، أثناء حضوره حفل عيد ميلاد لالة سلمى، حيث قدمه كرجل عقارات واعد، مختلف عن باقي رجال الأعمال "شجاع وذو نظرة استشرافية"، أصبح بعدها معروفا لدى الملك، وقد استقبله منير الماجيدي (الكاتب الخاص للملك) كباقي رجال الأعمال، يقول أحد المقربين من القصر، ليظل الماجيدي وسيطا بينه وبين القصر الملكي. طوال هذه السنوات، ظل الصفريوي وأعماله تنمو في الظل، إلى غاية 2006، حيث سيتعرف الرأي العام على بيزنيس الصفريوي بعد دخول شركته العقارية عالم الأسهم، حين أدرج الصفريوي 35 % من رأسمال "الضحى" في البورصة، وهي العملية التي عادت عليه بمبلغ 2.7 مليار درهم، اسخلصها نقدا. ستة أشهر بعد وصولها للبورصة، تضاعفت قيمة مجموعة "الضحى" ومجموع ثروة الصفريوي خمس مرات، كما صنع أشخاص آخرون من المضاربين في البورصة ثروات حقيقية بفضل "الضحى"، التي انتعشت تجارتها في سياق عرف ارتفاع أسعار العقار. مجموعة "الضحى" لم تتوقف في حدود الدارالبيضاء، وإنما توسعت أعمالها في مختلف مناطق المغرب، بتوقيع اتفاقيات مع الدولة ومؤسسات عمومية من أجل إنشاء سكن راقي، وهي المشاريع التي بسطت السجاد الأحمر أمام انس الصفريوي، إضافة إلى تعبئة كل الأشخاص الرسميين وأحيانا القصر الملكي من اجل الإعلان عن انطلاقة الصفريوي، الذي فتحت أمامه أبواب القروض، فاتحة المجال أمام مجموعته "الضحى" بالتعهد بتحويل حديقة حيوانات الرباط إلى مجمع سياحي وبناء شقق سكنية وفيلات راقية، وهو المشروع الذي تطلب منها استثمارا قدره 5 مليارات درهم. العطف الملكي وتنقل مجلة "تيل كيل" قصة العطف الملكي على انس الصفريوي، بحضوره حفل تدشين المحطة السياحية السعيدية، عندما ظل انس الصفريوي، مشدود الأعصاب وهو يرتقب حضور الملك محمد السادس للحفل، حيث لم يكن متأكدا من مشاركته في الحفل الافتتاحي للمحطة، ولم يرتح الصفريوي إلا بعد تقبيله يد الملك خلال الحفل، بعدها شوهد الصفريوي منتشيا بالمباركة الملكية، في حفل الشواء الذي أحياه الشاب خالد. وأضافت المجلة، أن المباركة الملكية أقنعت مؤسستين عموميتين هما "صندوق التدبير والإيداع" (CDG) و"الشركة المغربية للهندسة السياحية"(SMIT) بتوقيع بروتوكول اتفاق بين الشركتين وشركة تهيئة السعيدية. ومع ذلك، تقول المجلة إنه لا يمكن الاعتقاد أن الأبواب الملكية كانت مفتوحة أمام الصفريوي،عكس ما يروج له. فالصفريوي ليس مقربا من الملك، وليس هو عزيز أخنوش، الذي استضاف العائلة الملكية، في فطور رمضاني في بيته. كما أن انس الصفريوي الذي كان يشغل منصب مدير المكتب الجهوي لمؤسسة لالة سلمى، سيتم تعويضه بإلهام لحلو الجامعي، زوجة احمد الجامعي مدير المجموعة العقارية التي تحمل الإسم ذاته. ويضيف احد المقربين من انس الصفريوي، أن علاقة هذا الأخير مع القصر "لا هي جيدة ولا هي سيئة"، وبالنسبة له فقد فهم انه من الأفضل تجاهل ونسيان كل ما قال عن قربه من العائلة الملكية وأنه في مثل هذه الحالات من الأفضل الإنحناء للعاصفة إلى أن تمر بأقل الخسائر. "الضحى" أرباح كبيرة وديونا أكبر تقول مجلة "تيل كيل" إن مجموعة "الضحى" تعتبر من بين أكير المجموعات الاقتصادية ربحية في المغرب، تتجاوز أرباحها الصافية نسبة 7.5 في المائة. لكنها بالمقابل تعتبر من أكثر المجموعات الاقتصادية مديونية، إذ تتجاوز ديونها 9.4 مليار درهم عام 2014، أي أكثر بكثير من حجم رقم معاملاتها. وتضيف المجلة أن "الضحى" كانت ستجد نفسها في عسر لأداء ديونها، وهو ما حتم عليها القيام بإعادة جدولة ديونها وإعادة هيكلة رأسمالها لتوفير نحو اثنين مليار درهم كان يتوجب عليها أدائها خلال عام 2015. ومن أجل الوفاء بمستحقات دائنيها مستقبلا عمدت المجموعة إلى إطلاق عملية "جنيراسيون كاش"، لتوفير السيولة الكافية لأداء ديونها التي تطمح المجموعة إلى تقليصها إلى النصف عام 2017. ومن أجل توفير هذه السيولة عمدت المجموعة إلى وقف مشترياتها من الوعاء العقاري، وخفض مشاريعها العقارية من 25 ألف وحدة سكنية أنجزت العام الماضي، إلى 12 ألف وحدة فقط هذا العام وفي مناطق واعدة بالبيع. والعمل على بيع نحو 20 ألف وحدة سكنية مازالت عالقة عندها. - المصدر: ترجمة عن مجلة "تيل كيل" بتصرف