يستعد المغرب ليكون ضيف الشرف في المعرض الدولي للفلاحة، الذي سيُقام في الفترة الممتدة من 22 فبراير إلى 2 مارس، حيث يُعتبر أحد أبرز المزودين للاتحاد الأوروبي بالفواكه والخضروات. غير أن هذا النجاح، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "لاكروا"، لا يخلو من انتقادات حادة، إذ تواجه المملكة اتهامات ب "المنافسة غير العادلة"، خاصة أن القطاع الزراعي المغربي يعتمد بشكل أساسي على العمالة الرخيصة، والتي تشمل آلاف المهاجرين غير النظاميين الذين يعيشون أوضاعا صعبة ويشكلون جزءا أساسيا من القوة العاملة في الحقول والمزارع. وذكر التقرير أن آلاف العمال الزراعيين المهاجرين، ومعظمهم من دول إفريقيا جنوب الصحراء، يعملون في ظروف قاسية داخل مزارع تمتد على 20 ألف متر مربع في منطقة سوس ماسة، التي تُعتبر "حديقة أوروبا". حيث يتم تصدير 500 ألف طن من الطماطم سنويا من هذه المنطقة مباشرة إلى القارة الأوروبية عبرميناء أكادير، إلى جانب منتجات أخرى مثل الفراولة، الفلفل، الفاصوليا، والفلفل الحلو.
وأكدت الصحيفة الفرنسية أن نجاح الزراعة المغربية يرجع إلى الاتفاقيات التجارية الموقعة مع الاتحاد الأوروبي، والتي تتيح للمنتجات المغربية، مثل الطماطم، الإعفاء من الرسوم الجمركية في أوقات محددة من السنة، ما يثير حفيظة المزارعين الأوروبيين، الذين يرون في هذه التسهيلات الاقتصادية تهديدا مباشرا لهم. ويعتبر هؤلاء أن "المنتجات الزراعية المغربية لا تخضع لنفس المعايير الصحية الأوروبية"، علاوة على أن اليد العاملة المستخدمة "لا تتوفر على الحد الأدنى من الحقوق"، وفق ما نقلته "لا كروا". وخلال العقد الأخير، تزايد الطلب على العمالة الزراعية بشكل كبير، ما دفع آلاف المهاجرين من دول جنوب الصحراء إلى التوجه نحو المغرب، حيث يعمل أكثر من 10 آلاف شخص في هذا القطاع. ويقول إيمانويل نيكويزيجيرا، الخبير في قضايا الهجرة وعضو لجنة الإغاثة الدولية التابعة للكنيسة البروتستانتية بأكادير، في تصريح للصحيفة: "في الماضي، كانت هذه الوظائف مخصصة للنساء المغربيات الفقيرات، لكنها اليوم تذهب غالبًا إلى المهاجرين، لأنهم أقل تكلفة وأكثر توافرا". ويتقاضى هؤلاء العمال أجورا تتراوح بين 70 و90 درهم يوميا، وهي أجور زهيدة لا توفر الحد الأدنى من العيش الكريم. وكثير من هؤلاء المهاجرين جاؤوا إلى المغرب على أمل الوصول إلى أوروبا، بينما اكتفى آخرون بالبحث عن عمل يمكنهم من العيش الكريم. وذكرت الصحيفة أنه منذ عام 2017، ازدادت أعداد الوافدين إلى أكادير بسبب عمليات الترحيل القسرية التي تقوم بها السلطات المغربية لمنع المهاجرين من الوصول إلى السواحل الشمالية. في هذا السياق، يشير نيكويزيجيرا إلى أن "السلطات الأمنية المغربية تقوم بعمليات توقيف دورية للمهاجرين في طنجة أو في المناطق الجنوبية مثل العيون، قبل نقلهم إلى مناطق أخرى مثل أكادير حيث يُسمح لهم بالعمل". ويضيف أن "الوضع غير القانوني لهؤلاء العمال يتم التغاضي عنه نظرًا إلى أنهم يشكلون جزءا أساسيا من الاقتصاد المحلي". إضافة إلى ظروف العمل القاسية، يواجه المهاجرون مخاطر صحية بسبب تعرضهم المستمر للمواد الكيميائية والمبيدات الزراعية. تقول إليزابيث: "المنتجات التي نستخدمها في الزراعة سامة جدًا. حتى عند ارتداء الكمامة، أنزف من أنفي حتى نهاية الموسم". وتضيف ل "لاكروا" وهي تري يديها المتشققتين: "انظر! في هذا العمر، لدي يد تشبه يد امرأة في الستين. هذه المواد الكيميائية تقتلنا ببطء". الوضع الصحي لهؤلاء العمال ليس المشكلة الوحيدة التي يواجهونها، بل يمتد إلى انعدام الضمانات الاجتماعية، حيث لا يحصلون على أي تغطية صحية، ما يجعلهم يصرفون معظم دخلهم على العلاج. يقول كيمانو، وهو ناشط اجتماعي من غينيا عمل سابقًا في القطاع الزراعي: "كل ما نكسبه، نصرفه على الأدوية. ليس لدينا أي تغطية صحية تحمينا من المخاطر". وفي السنوات الأخيرة، بدأت بعض المبادرات الحكومية في تحسين أوضاع العمال المهاجرين. وفقا للتقرير، بات من الممكن منذ عام 2014 تسجيل أطفال العمال المهاجرين في المدارس المغربية، كما تمت تسوية أوضاع نحو 30 ألف مهاجر في عام 2017، ما منحهم تصاريح إقامة. ومع استمرار التصدير نحو الأسواق الأوروبية، تبقى أوضاع هؤلاء العمال بعيدة عن أنظار المستهلكين الأوروبيين الذين يجدون على موائدهم طماطم مغربية طازجة، دون أن يعلموا أن وراءها قصة تعب واستغلال.