منذ إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن الولاياتالمتحدة تخطط "للسيطرة" على قطاع غزة و"إعادة توطين" الفلسطينيين الموجودين هناك "لإعادة بناء المنطقة"، تتداول تقارير صحفية إسرائيلية وغربية أنباء عن كون المغرب يعتبر من بين المناطق المرشحة لإعادة توطين سكان غزة في حالة تهجيرهم بالقوة من أرضهم. ووفقًا لهذه التقارير، فإن الأراضي قيد الدراسة لمثل هذا السيناريو، هي المغرب وبونتلاند وأرض الصومال، خاصة بعد أن أعلنت مصر والأردن، رسميا وعلى مستوى رسمي وشعبي رفضهما لترحيل فلسطينيين إلى أراضيهما.
وبحسب التقارير الإسرائيلية فإن الخيارات الثلاثة الأخرى، التي يوجد بينها المغرب، لديها حاجة مشتركة قوية للدعم الأمريكي، حيث تسعى الصومال وبونتلاند إلى الاعتراف الدولي بهما، أما المغرب، وبحسب نفس التقارير، فإن لديه نزاع إقليمي مستمر حول الصحراء. وصدرت هذه التقارير بعد أن قال ترامب خلال اجتماع مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في المكتب البيضاوي يوم الثلاثاء، إنه يعتقد أن الأردن ومصر "لن تقولا له لا" عندما أطلب منهما قبول اللاجئين من غزة، مؤكدا: "لن يقولوا لي لا.. أريد إخراج جميع سكان غزة. هذا سيحدث"، لكن الرد الرسمي المصري والأردني لم يتأخرا برفض طلب الرئيس الأمريكي، حتى قبل أن يتقدم به رسميا إليهما. ويوم الخميس، قال الرئيس الأمريكي، إن إسرائيل ستسلم قطاع غزة للولايات المتحدة بعد انتهاء القتال، مؤكدًا أنه لن تكون هناك حاجة إلى وجود جنود أمريكيين هناك. وأضاف ترامب في منشور على موقع "تروث سوشيال" الذي يملكه: "ستسلم إسرائيل قطاع غزة للولايات المتحدة عند انتهاء القتال. سيكون الفلسطينيون قد أعيد توطينهم بالفعل في مجتمعات أكثر أمانًا وجمالًا، مع منازل جديدة وحديثة في المنطقة."، دون توضيح مكان وجود "المجتمعات" التي قصدها في تصريحه. ومنذ صدور الأخبار، لم يأتي أي رد فعل أو توضيح رسمي من الرباط التي كانت من بين العواصم العربية القليلة التي التزمت الصمت ولم تعلق على اقتراح ترامب بخصوص تهجير الفلسطينيين من غزة. كما لم تسجل أي ردود فعل، حتى كتابة هذا التقرير، صادرة عن الأحزاب السياسية أو النقابات المغربية أو هيئات المجتمع المدني المغربي. وفي المقابل ركزت تعليقات رواد المواقع الاجتماعية في المغرب، على الأخبار التي تتحدث عن كون بلدهم قد يكون أرضا بديلة للفلسطينيين الذين ينوى ترامب تهجيرهم، مستنكرين وضع المغرب في نفس السلة إلى جانب دول فاشلة مثل الصومال وبونتلاند، حيث لا توجد الدولة أصلا، وكلا البلدين في حاجة إلى الاعتراف الدولي به. وهو ما اعتبره العلقون "إهانة" لبلدهم، ويعكس صورة المغرب في مخيال الرئيس الأمريكي المتعجرف. كما ذهبت بعض التعليقات إلى الربط بين اختيار المغرب أرضا لإعادة توطين الفلسطينيين المرشحين للتهجير، ودعم الإدارة الأمريكية للمغرب في قضية الصحراء، حيث تعتبر إدارة الرئيس الأمريكي، أول إدارة أمريكية اعترفت بالسيادة المغربية على هذا الإقليم المتنازع عليه مع جبهة البوليساريو، وهو ما رأى فيع معلقون مغاربة "ابتزازا غير مقبول". وعلى المستوى الشعبي، استنكرت "مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين"، تصريحات الرئيس الأمريكي، وخطته لتهجير الفلسطينيين من أرضهم، ودعت إلى تصعيد الاحتجاج الشعبي ضد المشروع الأمريكي. ويبدو أن بيان هذه الهيئة المدنية كتب قبل أن تصدر التقارير التي تتحدث عن سيناريو إعادة التوطين البديل في المغرب، لذلك لم يحمل أية إشارة إلى الموضوع رغم خطورته. من جهة أخرى، أكدت الهيئة على أن جريمة التطبيع، بين المغرب وإسرائيل، شجعت الصهاينة على تنفيذ مخططاتهم، ودعت، في ضوء المؤامرة الجديدة المسؤولين في المغرب وكل البلدان التي طبعت، إلى إنهاء كل أشكال العلاقات وفرض عزلة شاملة على لكيان الصهيوني. وطيلة حرب الإبادة التي شنتها إسرائيل، بدعم أمركي وغربي، على غزة خلال 15 شهرا، شهدت مدن المغرب عدة مظاهرات ومسيرات شعبية، كانت تخرج كل أسبوع في جميع مناطق المغرب، في المدن والقرى، للتنديد بالجرائم الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، وتطالب السلطات المغربية بوقف كل أشكال التطبيع مع إسرائيل. وفي المقابل، كان المغرب من بين الدول العربية المطبعة التي رفضت قطعت علاقاتها مع سرائيل، وواصلت تعاونها معها على مختلف المستويات، بما فيها تلك العسكرية، حيث سبق أن نٌشرت تقارير عن سماح المغرب لسفن محملة بالدخيرة والأسلحة الأمريكية بالرسو في موانئه قبل مواصلة طريقها نحو الموانئ الإسرائيلية لتفريغ شحناتها من الأسلجة التي فتكت بأكثر من 60 ألف فلسطيني وجرحت أكثر من 110 آلاف آخرين، ودمرت جل مدن قطاع غزة. ويعتبر ملك المغرب محمد السادس، رئيس "لجنة القدس"، وسبق له أن تعهد مباشرة بعد توقيع اتفاق التطبيع مع إسرائيل بأن "موقف المملكة المغربية الداعم للقضية الفلسطينية ثابت بلا تغيير "، معترا القضية الفلسطينية كونها "قضية سياسية جوهرية، وهي مفتاح الحل الدائم والشامل من أجل إرساء السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط"، من خلال إيجاد تسوية عادلة لها في إطار الشرعية الدولية، ووفق مبدأ حل الدولتين الذي يؤيده المغرب. يذكر أنه في 10 دجنبر 2020، أعلنت الرباط وتل أبيب استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما، وفي 22 من الشهر والعام ذاته، وقع رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، أمام الملك محمد السادس، داخل القصر الملكي في الرباط، "إعلاناً مشتركاً" حول العلاقات بين المغرب وإسرائيل والولاياتالمتحدة، خلال أول زيارة لوفد رسمي إسرائيلي أميركي للعاصمة الرباط، مقابل اعتراف الإدارة الأمريكية، في العهدة الأولى للرئيس ترامب، بالسيادة المغربية على إقليم الصحراء.