قالت الفيدرالية المغربية لناشري الصحف، إن القرار الوزاري المشترك بشأن الدعم العمومي للصحافة، أسس لمعايير جديدة وإضافية، على رأسها فرض شرط رقم المعاملات مع تحديد مبلغه، ومن ثم تحول الدعم العمومي إلى دعم للرأسمال الصحفي. واعتبرت الفيدرالية، في بيان لها، أن "المعايير الجديدة للدعم العمومي تمس بالصورة الديمقراطية والحقوقية، فضلًا عن أنها فتحت الباب لإقصاء معظم المقاولات الصحفية الصغرى والمتوسطة والصحافة الجهوية، ومن ثم القضاء على تعددية وتنوع المشهد الإعلامي الوطني. كما أنها لم تراعِ أزمة المقاولات الصحفية المرتبطة بتبعات سنوات الجائحة، واختلالات سوق الإشهار والإعلانات، وهشاشة المحيط الاقتصادي العام".
وسجلت الفيدرالية غياب الواقعية في قرارات الحكومة ذات الصلة بالدعم العمومي، لكونها ستؤدي عمليًا إلى إسكات أصوات إعلامية وطنية أساسية والقضاء عليها، وخصوصًا في الجهات الصحراوية الثلاث وفي باقي مناطق وجهات المملكة، معتبرةً أن الوضع يشكل استهدافًا لأدوات ترافعية وطنية تدافع عن مصالح البلاد. وقالت الفيدرالية إن ما تروج له الوزارة في الأيام الأخيرة بشأن عزمها الإعلان عن دعم جهوي قريب تستفيد منه المقاولات الصحفية الجهوية، لم يقترن لحد الآن بعمل ملموس بهذا الشأن، كما أنه، ضمنيًا، يؤكد اعتراف الوزارة بخطأ تقديرها الأول لما انفردت بإصدار القرار الوزاري المشترك. وأيضًا هو سلوك يثير مخاوف من الاستغلال الانتخابوي في الجهات وعلى الصعيد المركزي، ويهدد بممارسة التمييز وعدم الإنصاف في حق المقاولات الصحفية"، مسجلةً انفراد الوزارة والحكومة بصياغة القرارات من دون أي تشاور حقيقي وجدي مع المنظمات المهنية المعنية، سواء بشأن مرسوم الحكومة في دجنبر 2023، أو القرار الوزاري المشترك المتصل به، أو الإجراءات التي نشرت مؤخرًا بالجريدة الرسمية. واستنكرت الهيئة إقصاءها من أي تشاور بهذا الشأن، وذلك بالرغم من كونها من وقع العقد البرنامج مع الحكومة أول مرة، ومن فاز في انتخابات المجلس الوطني للصحافة بكامل مقاعد الناشرين، وهي من بقيت شريكة للسلطات العمومية في كل برامج الإصلاح والتأهيل لأزيد من عشرين سنة، وهي من وقعت على أول اتفاقية جماعية في القطاع. وانتقدت المرسوم الحكومي الذي وضع معيار عدد البطاقات المهنية للولوج إلى الدعم العمومي، والذي تميز ببعض "المبالغة" بالنسبة للصحافة الإلكترونية والجهوية والأسبوعيات الورقية، إلى جانب وضع شروط تعجيزية وغريبة لدعم مطابع الصحف، مما أدى إلى إقصاء معظم هذه المطابع الموجودة من الحق في الولوج أصلًا إلى الدعم، علاوة على التراجع في تمثيلية الناشرين في لجنة الدعم، وفرض العمل برأي واحد داخل هذه اللجنة. وفيما يخص وضعية المجلس الوطني للصحافة ومصيره، جددت الفيدرالية التأكيد على موقفها المبدئي، بكون ما نتوفر عليه اليوم هو لجنة مؤقتة معينة من طرف الحكومة في مخالفة للدستور ولمعنى التنظيم الذاتي، مشيرةً إلى أن ولاية اللجنة المؤقتة نفسها تقترب من الاكتمال، ومع ذلك ليس هناك أي مؤشر عن الاستعداد لتنظيم انتخابات تستجيب لمدلول ومعنى الفصل 28 من الدستور، ولم يفتح أي حوار بهذا الخصوص. كما تطرقت الفيدرالية إلى قضايا جوهرية تتطلب التفكير، ويتعلق الأمر بكون قضايا المهنة ليس فيها فقط الدعم العمومي أو مصير التنظيم الذاتي أو إنجاز البطاقات المهنية، بل هناك قضايا تتعلق بتطوير التشريعات والقوانين وتكريس حرية الصحافة وضخ نفس ديمقراطي وحقوقي عام في المهنة وحواليها، والبحث في واقع التكوين والتكوين المستمر، وإيجاد المداخل المناسبة لكسب هذا التحدي، إلى جانب التعاون لتطوير جودة المحتوى وترسيخ أخلاقيات المهنة والتصدي الجماعي للتشهير والقذف والابتزاز والشائعات والأخبار الزائفة، وتنظيم قطاع الإشهار والإعلانات وتطوير مداخيل المقاولات الصحفية بشفافية ومساواة وإنصاف، وإيجاد حل جذري وعملي لمشكلة توزيع الصحف الورقية، ولأوضاع شركة التوزيع الحصرية في بلادنا وعلاقتها بناشري الصحف. وأكدت الفدرالية على ضرورة تشجيع كل الأطراف المعنية على الحوار والجلوس فيما بينها لتدارس وتوقيع اتفاقية جماعية وفق القوانين الجاري بها العمل في البلاد، وبما يساهم في تطوير الأوضاع الاجتماعية للموارد البشرية، ويراعي كذلك الواقع الاقتصادي الحقيقي للمقاولات وضرورة تأمين استقرارها واستمرارها. وفيما يتعلق بالعلاقات المهنية، قالت الفيدرالية إن القطاع "لم يعش يومًا مثل التشرذم والنفور المميزين لواقعه الحالي وللعلاقات بين منظماته المهنية، مما يعرقل مسارات في المهنة وحواليها"، داعيةً كافة ناشرات وناشري الصحف الورقية والإلكترونية إلى ضرورة الوحدة التنظيمية أو على الأقل، في مرحلة أولى، تنسيق المواقف فيما بينهم، وصياغة رؤية مشتركة للأوضاع الحالية وللآفاق. كما دعت الفيدرالية المغربية لناشري الصحف التنظيمات النقابية للصحفيين إلى ضرورة تجاوز النقاشات العقيمة والحسابات الذاتية والأنانية قصيرة النظر، والانخراط في حوار منفتح ومسؤول يؤسس للمستقبل.