بدأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب يومه الأول في البيت الأبيض عبر توقيع 100 أمر تنفيذي تراوحت بين العفو عن المشاركين في اقتحام مبنى الكابيتول في السادس من يناير 2021 ورفع عقوبات أقرّها سلفه جو بايدن على مستوطنين إسرائيليين، والانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ ومن منظمة الصحة العالمية. وبدأ ترامب، مساء أمس الاثنين، بتوقيع الأوامر التنفيذية ولكنه وبشكل مفاجئ بدأ بتوقيع بعضها أمام حشد من مؤيديه قبل أن ينتقل إلى البيت الأبيض ليكمل توقيع الأوامر والقرارات، ولكنه تابع إطلاق تصريحاته المثيرة في دردشة مع الصحافيين في البيت الأبيض الذين أحاطوا به أثناء التوقيع.
إلغاء العقوبات على مستوطنين متطرفين وألغى ترامب العقوبات التي فرضتها إدارة بايدن على جماعات وأفراد من المستوطنين الإسرائيليين من اليمين المتطرف لارتكابهم أعمال عنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربيةالمحتلة. وذكر الموقع الإلكتروني للبيت الأبيض أنّ ترامب ألغى الأمر التنفيذي رقم 14115 الصادر في مطلع فبراير 2024، والذي سمح بفرض عقوبات معينة "على الأشخاص الذين يقوّضون السلام والأمن والاستقرار في الضفة الغربية". وقال وقتها مستشار الأمن القومي جيك سوليفان إنّ الأمر التنفيذي ينشئ نظاماً لفرض عقوبات مالية وقيود على التأشيرات بحق الأفراد الذين يتبين أنهم هاجموا أو أرهبوا الفلسطينيين أو استولوا على ممتلكاتهم. وعلى هذا الصعيد، قال ترامب لصحافيين في البيت الأبيض أثناء توقيعه الأوامر التنفيذية إنه غير واثق من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بين إسرائيل وحماس، وأضاف: "نظرت إلى صور غزة، وهي تبدو مكاناً ضخماً محطماً، وهي تحتاج إلى البناء بطريقة مختلفة". وفيما يخص إعادة إعمارها، وصف ترامب غزة بأنها "مكان مثير للاهتمام بموقعها الرائع، فهي تطل على البحر وطقسها هو الأفضل"، مشيراً إلى أنه "يمكن القيام ببعض الأشياء الرائعة في غزة"، وقال إنّ معظم الناس فيها "ماتوا". العفو عن مقتحمي الكابيتول وتنفيذاً لوعده بخصوص الموقوفين في أحداث اقتحام مبنى الكابيتول الأميركي في السادس من يناير 2021، في محاولة منهم لمنع التصديق على نتائج انتخابات 2020 التي خسرها ترامب أمام بايدن، أصدر ترامب عفواً عن نحو 1500 متهم في هجوم السادس من يناير، كما سيصدر ستة قرارات لتخفيف الأحكام. ومن المتوقع أن يثير قرار العفو غضب الشرطة والمشرعين وغيرهم ممن تعرضت حياتهم للخطر خلال أحداث لم يسبق لها مثيل في تاريخ الولاياتالمتحدة الحديث، حيث تعرّض ما يقرب من 140 ضابط شرطة للاعتداء خلال الهجوم، وتم رش بعضهم بمهيجات كيميائية وضرب آخرون بأنابيب وأعمدة وأسلحة أخرى. وتوفي أربعة أشخاص خلال الفوضى، بينهم أحد أنصار ترامب الذي قُتل برصاص الشرطة. ومن بين الذين شملهم العفو زعماء الجماعتين المسلحتين المنتميتين لليمين المتطرف أوث كيبرز وبراود بويز، الذين كانوا يقضون أحكاماً بالسجن لفترات طويلة. وبما خص الحرب الروسية على أوكرانيا التي لطالما تعهد بإنهائها، اعتبر ترامب أنّ نظيره الروسي فلاديمير بوتين "يدمّر روسيا" برفضه التوصّل إلى اتفاق مع أوكرانيا لإنهاء الحرب، وقال ترامب للصحافيين في البيت الأبيض: "يجب عليه (بوتين) أن يبرم صفقة. أعتقد أنه يدمّر روسيا بعدم إبرام صفقة"، وأكد أنه سيلتقي ببوتين، لكنه أشار إلى أنّ موعد اللقاء لم يتحدد بعد، مشدداً على أنه سيحاول إنهاء الحرب على أوكرانيا في أسرع وقت ممكن. الهجرة وإعادة كوبا إلى لائحة الإرهاب ووقّع ترامب سلسلة من الإجراءات التنفيذية للحدّ من الهجرة وإلغاء اللوائح التنظيمية الخاصة بالبيئة والمبادرات المتعلقة بتنوع العرق والنوع الاجتماعي. ولم يتخذ ترامب أي إجراء فوري لرفع الرسوم الجمركية، وهو وعد رئيسي في حملته الانتخابية، لكنه قال إنه قد يفرض رسوماً على كندا والمكسيك بنسبة 25% في أول فبراير المقبل. وعاد ترامب لمطالبة شركاء أميركا في حلف شمال الأطلسي (ناتو) بدفع 5% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع. كما ألغى ترامب قرار رفع كوبا من قائمة الدول الراعية للإرهاب، الذي كان بايدن قد أعلن عنه قبل أيام في إطار تشجيع مبادرة للكنيسة الكاثوليكية للافراج عن "عدد كبير من السجناء السياسيين" الكوبيين، وقال البيت الأبيض في بيان بعد ساعات من حفل تنصيب ترامب إن الأخير ألغى قرار سلفه بشأن كوبا. انسحاب من اتفاقية المناخ ومنظمة الصحة العالمية كما وقّع ترامب، الاثنين، أمراً تنفيذياً ينص على انسحاب الولاياتالمتحدة من اتفاقية باريس للمناخ، وذلك للمرة الثانية، اذ كان قد انسحب منها إبان فترة رئاسته الأولى في 2017، في خطوة تشكل تحدياً لجهود دولية تبذل لمكافحة الاحترار العالمي. وأعقب ترامب أمره بتوقيع رسالة رسمية موجّهة إلى الأممالمتحدة لإبلاغ الهيئة العالمية بأنّ بلاده تعتزم الخروج من الاتفاق المبرم في العام 2015 والساعي لخفض انبعاثات غازات الدفيئة المسببة لتغيّر المناخ. وكان بايدن قد أصدر أمراً تنفيذياً في يناير 2021 أعاد فيه الولاياتالمتحدة إلى اتفاقية باريس للمناخ وإلى منظمة الصحة العالمية التي عاد ترامب اليوم إلى إصدار أمر تنفيذي بالانسحاب منها. وقال خلال توقيعه الأمر التنفيذي إنّ المنظمة فشلت في التصرف باستقلالية بعيداً عن "التأثير السياسي" لأعضائها، وهي تطلب من الولاياتالمتحدة "مدفوعات باهظة بشكل غير منصف" لا تتناسب مع المبالغ التي تقدمها بلدان أخرى أكبر، مثل الصين، مضيفاً "منظمة الصحة العالمية احتالت علينا". تعليق برامج المساعدات الخارجية كما وقّع ترامب أمراً تنفيذياً يقضي بتعليق جميع برامج المساعدات الخارجية الأميركية مؤقتاً لمدة 90 يوماً، وذلك لحين إجراء مراجعات لتحديد مدى توافقها مع أهداف سياساته. ولم يتضح على الفور مقدار المساعدات التي ستتأثر بشكل مبدئي بهذا القرار، نظراً لأنّ تمويل العديد من البرامج تم تخصيصه مسبقاً من قبل الكونغرس وهو ملزم بالصرف، إن لم يكن قد تم صرفه بالفعل. وجاء في نصّ الأمر التنفيذي أنّ "قطاع المساعدات الخارجية والبنية البيروقراطية المرتبطة به لا يتماشى مع المصالح الأميركية، وفي كثير من الأحيان يتعارض مع القيم الأميركية"، مضيفاً أنّ هذه المساعدات "تساهم في زعزعة السلام العالمي من خلال الترويج لأفكار في الدول الأجنبية تتعارض بشكل مباشر مع العلاقات الداخلية والخارجية المتناغمة والمستقرة بين الدول"، وعليه، أعلن ترامب أنه "لن يتم صرف أي مساعدات خارجية أميركية بشكل لا يتماشى تماماً مع السياسة الخارجية لرئيس الولاياتالمتحدة".