يسير المغرب بخطى حثيثة عملية وثبات جلي وثقة كبيرة في قدرة ذاته على تغيير المقاربات الخارجية ذات تحكم في مصيره بأخرى تجعل منه الأصل والفاعل و دينامو محرك قادر على ضبط إيقاعات النزاع وعناصره لصناعة الحل في نزاع الصحراء ؛ فعل مغربي يعتمد على أولوية تقوية لحمة وإجماع الداخل والحزم والصرامة مع الخصوم في مختلف مراتبهم ودرجاتهم بغية تغليب مركزه، بغاية فك الارتباط مع كل الجهات المعرقلة، وفي الأخير فرض استصدار إشهاد دولي بنهائية النزاع. وهو عمل جبار يحتاج سياسة في اطار و عي ومبادرة وطني نوعي يجمع بين التفكير والعمل في شكل استراتيجية شاملة فاعلة ومؤثرة بما يملكه المغرب من روح الجرأة و الإقدام اليقيني يأتي بعد تحصين ما تحقق اولا. خطة يساهم فيها الذكاء والعقل والخبرة المغربية لتقدير كل عوامل القوة المغربية وعوامل احداث التغيير المرجو ، و نتائج تفاعلها وتأثرها بالخطط والاستراتيجيات المضادة والمقابلة للخصوم واحتمالات تفوقها. وإعطاء تصورات وفرضيات مسبقة وواضحة لما قد تكون عليه الأوضاع المستقبلية . خطة تركز على تخفيض و تقليص هوامش الأخطاء. وهو ما يمكن ادراكه بمأسسة وتأطير الخبرة المغربية داخل اطار خاص يضمن تنظيمها بما يعزز تأهيلها عوض لانتاج المفاهيم المغربية في بالموضوع ووحدتها. واعادة النظر في بعض اركان الخطة الحالية لإعادة ترتيب أولوياتها ؛ بخبرة تنهل من شرعية التاريخ والرجحان القانوني، وتفكك كما تعيد قراءة لوائح وقرارات الأممالمتحدة ، والمقاربات المؤطرة حاليا لإعادة بنائها و تسخيرها لصالحنا. خبرة مغربية تكون مؤازرا ومؤهلا للفاعل السياسي والديبلوماسي بمعرفة علمية رصينة، محكمة، مضبوطة ومنتجة . وقد كانت سنة 2024 سنة مليئة بالأحداث المؤثرة في علاقة بالقضية الوطنية، فقد بدأت عقب وفي خضم زخم سياسي كبير وديناميكية ديبلوماسية بحشد وتأييد دولي موسع يعترف بسيادة المغرب على الصحراء و يجعل مشروع المغرب بالحكم الذاتي للنزاع هو الحل وفريق آخر يسحب ويتراجع عن سابق اعترافه بالبوليساريو . و تطال هذه الحركية جميع الأصعدة بما فيه الأممي حيث رسخ قرار صادر مجلس الأمن في اكتوبر 2024 تفوق المركز المغربي في اطار اعادة التأكيد الأممي على توجيهه الخاص بخصاص وأركان وشروط الحل في نزاع الصحراء الذي يمنح الأولوية ولأول مرة لجوهر السياسة على حساب الشكل القانوني ( تقرير المصير) الذي سقط من التذكير الأممي في قراره الأخير مع الإشادة بمبادرة المغرب بالحكم الذاتي وجهوده على السواء مع التركيز على نعوت الواقعية والعملية، التي تتقاطع مع المشروع المغربي. في مقابل انحصار وهوان وضعف ديبلوماسي جزائري بين وانكشاف مؤامراتها ضد سيادة وأمن جوارها في شمال أفريقيا كما في الغرب الأفريقي وجنوب الصحراء وفي الجنوب الأوروبي. وقد عجل بهذا الانكشاف وساهم فيها دخول الجزائر طرفا متطفلا وضعيفا في صراع دولي يتجاوز طاقتها وقدراتها ، فهي ليست ندا ولا قرينا له ؛بين الغرب وروسيا وايران ، ادى في النهاية إلى تفكك هذا التحالف و عزلة الجزائر الدولية والإقليمية . و قد اشتغل المغرب طيلة السنة مثلما كان حريصا على اكتسابه قوة ومناعة ومعارف وأدوات الضغط والانتشار و التحكم في مفاصل اتخاذ القرارات على جميع الأصعدة وتوجيهها لصالح قضاياه الوطنية منها نزاع الصحراء عن طريق نشاط ديبلوماسي ملكي مكثف فعال، باستعمال خطاب واضح ينم عن ثقة كبيرة بالنفس . يجعل الموقف من قضية وحدته الترابية بتأييدها بموقف او موقف ملازم لفعل هو معيار وحيد في تطوير العلاقات الاقتصادية مع المغرب او في فسادها وتقهقرها. إضافة إلى ذلك فان المغرب أطلق مبادرات قارية استراتيجية تتجاوز في خلفياتها وأهدافها وفلسفتها مجرد التدبير التكتيكي الوقتي والعرضي إلى مشاريع عملاقة ذات منافع عامة لدول أفريقية عديدة تغطي الميدان الاقتصادي و ستنعكس اكيد إجتماعياً وثقافيا. فبعد هذه المشاريع عميق يبوأ المغرب مرتبة وصفة المفكر الواقعي والنفعي للجماعة الأفريقية، الذي يبحث عن حلول ذات ديمومة لمشاكلها ويسعى للمساهمة في التخفيف من مشاكل شعوبها من الفقر والهشاشة والتهميش. فبعد انبوب الغاز نيجيريا المغرب ثم إطلاق المبادرة الملكية الأطلسية؛ مشاريع تتطور عبر الوقت وكانت جزءا من السياسة المغربية الجديدة في أفريقيا في السنوات الماضية كما في هذه السنة والسنوات المقبلة، ويعول عليها كثيرا لأن تجعل الامتداد والانتشار المغربي يغطي دولا كثيرا ، ستستفيد من الطاقة ومن شبكة طرق وموانئ كبرى ستؤدي إلى تقوية الأواصر بين المجموعات الأفريقية الكبرى وتجسد الايمان الحقيقي بالمصير المشترك من أجل وحدة وتماسك وتعاون أفريقي كبير. وستكون الجارة الجنوبية موريتانيا هو الفيصل الأخير والحاسم في إعلان المغرب تطبيق حقبة ومسار وسياسة جديدة لصالح رؤية مغايرة تعتمد على النفس والذات عوض الركون إلى الغير بغض النظر عن قوته و موقعه ، فهو يركز على قوة الذات و شرعيّة الحق التي تتعدى و تتجاوز كل الضوابط و المعايير التعسفية وكافة المقاربات الكابحة . وقد ارتقى تركيز المغرب على أفريقيا الذي اصبح ثابتا و متجذرا ، فاحتل الملك رائد القادة الأفارقة يرافع من أجل الشراكة مع أفريقيا في اطار مبدأي الربح المتبادل . واصبح المغرب قطبا قاريا وعالميا في التعاون لفك بعض من انشغالات العالم الجيوستراتيجية في الطاقة كما في اللوجستيك وفي الأمن الغذائي ومركز دولي يرسخ نموذج الأمن والاستقرار، وفي نفس الوقت جسر ومفتاح للاستثمار في أفريقيا. الذي جعل المملكة تكتسب احترام وتقدير الجميع. ولأن إيمان المغرب بقدرته على صناعة الحلول بارادته وقوته وعلاقاته قوي فقد سعى إلى استمالة القوى الدولية الكبرى إلى جانبه لتتبنى مشروعه بالحكم الذاتي وتعترف بسيادته على الصحراء. فبعد ان تمكن من جعل الولاياتالمتحدةالأمريكية كقوة عظمى تملك حق النقض داخل مجلس الأمن ومن الدول اصدقاء الصحراء وحاملة القلم في ملف نزاع الصحراء تعترف بشرعية سيادة المغرب على الصحراء، فانها نواة للجلب حيث تلتها اسبانيا كقوة استعمارية للصحراء المغربية ومن الدول اصدقاء الصحراء. وكانت سنة 2024 هي سنة اعلان الموقف والالتزام الفرنسي بالكتابة ومعضد بخطاب للرئيس الفرنسي امام البرلمان المغربي بكون حاضر ومستقبل الصحراء ان يكون إلا في اطار سيادة المغرب . اعتبر شخصيا ان سنة 2024 هي سنة فرض المغرب ارادته وتوجيهه وتحكمه الشخصي في مسار حل نزاع الصحراء المغربية؛ فقد تمكن من فك كافة طلاسم توقف عجلة الدفع نحو الحل وسعي المغرب لصناعته بيديه ورفضه ان يكون رهينة اي كان ؛ هناك اجماع لأجهزة وآليات الأممالمتحدة بما فيه اللجنة الرابعة المتطرفة والجمعية العامة اللائي انضمتا إلى تبني المقاربة السياسية إلى جانب مجلس الأمن وتخلتا عن المقاربة القانونية التي تعتمد الاستفتاء . توجد ارادة وحركية دولية عالمية صريحة تعترف بسيادة المغرب على الصحراء تدفع في اتجاه تنفيذ وتطبيق مبادرة المغرب بالحكم الذاتي كحل يرتضيه المجتمع الدولي والساكنة ومعترف به في القانون الدولي كشكل يحدد الوضع النهائي للاقليم، و بشرعية دولية بالمساهمة والمشاركة الدولية في تنفيذه عن طريق فتح قنصلياتها وتشجيع لاستثمارات اجنبية في المنطقة بشكل يجعلها قطب ديبلوماسي و اقتصادي دولي. *محامي بمكناس خبير في القانون الدولي، قضايا الهجرة ونزاع الصحراء.