أبدى المعارض السوري البارز هيثم مناع، مخاوفه من تطورات الأوضاع في سوريا عقب الإطاحة بنظام الأسد، وتنصيب جبهة النصرة الأصولية نفسها حاكمة لدمشق. وفي حديث مع صحيفة "لومانتي" الفرنسية، قال مناع "لا يمكننا أن نلعب بالنار ونرقص مع الشياطين.. فلمادا لم يتحدث الشرع عن تعريفه للمواطنة؟ وعن نظرته للعلاقة بين الدولة والدين".
وحذر مناع السوريين بالقول إنهم لم يعودوا اليوم أمام حكومة مؤقتة أو سلطة أمر واقع (يقودها ويؤسسها احمد الشرع وهيئة تحرير الشام)، بل أمام مشروع واضح لتركيز السلطة والثروة والقرارات المصيرية لسوريا خلال السنوات القادمة بيد شخص واحد قد صادر مع بطانته السلطتين العسكرية والأمنية. وهيثم مناع، هو مناضل تقدمي في مجال حقوق الإنسان، فرح بسقوط الأسد ويكشف عن الخلل الرئيسي في المشروع الحالي لبناء السلطة من قبل أحمد الشرع وهيئة تحرير الشام. عرف هيثم مناع بأنه معارض بارز لنظام آل الأسد مند عهد الاسد الاب، سجن 18 عاما في سجون الاسد الاب، حيث اعتقلته المخابرات السورية (1966-1967 ثم 1970 حتى 1986). فهو معارض منذ اللحظات الأولى لنظامي الأسد الأب والابن، كما عرف هيثم مناع، بمعارضته لرؤية الإسلاميين واستراتيجياتهم العسكرية. الأمر الذي كلفه أكثر من فتوى قتل بحقه، وهو يسعى اليوم مع رفاقه لتنظيم القوى الديمقراطية والمجتمع المدني في تجمع تقدمي كبير. وفيما يلي نص الحوار استعرض الرجل القوي في هيئة تحرير الشام (HTC)، أحمد الشرع، على قناة العربية- الحدث رؤيته للانتقال. ما هو تعليقكم على تصريحاته الأخيرة؟ إذا وضعنا الملابس الجديدة وربطة العنق جانبا، من الواضح أننا أمام شكل كلاسيكي للسيطرة العسكرية... كما فعلت بالضبط جبهة النصررة في تجربة "جيش الفتح" في الشمال السوري، وكررت الأمر "هييئة تحررير الشام" في محافظة إدلب في إطار تكوينها العسكري الأمني والواجهة المدنية في "حكومة الإنقاذ". خارطة الطريق التي يقترحها تثير الاشمئزاز والشفقة: تنظيم مؤتمر "وطني" خلال أيام تحدد القيادة العسكرية من يشارك به يضم من ترضى عليه مع من يرضى عليها، مهمته تشكيل جسم تشريعي من فوق لشرعنة كل القرارات التي يتخذها "القائد" وحكومته. لمنحهم بضع سنوات من الاستفراد بمصير البلاد والعباد. هذا ما يعنيه الشرع بالوعد بدستور جديد خلال 3 سنوات وأربع من أجل تنظيم الانتخابات. لم نعد أمام حكومة مؤقتة أو سلطة أمر واقع، بل أمام مشروع واضح لتركيز السلطة والثروة والقرارات المصيرية لسوريا خلال السنوات القادمة بيد شخص واحد قد صادر مع بطانته السلطتين العسكرية والأمنية. قبل 24 ساعة من المقابلة المذكورة، تم نشر القرار رقم 8 للسيد الشرع بترفيع وتعيين 49 شخصا من هيئة تحررير الشام وأخواتها في قيادة الجيش السوري الجديدة. (ستة منهم من غير السوريين!). وسبق ذلك جرى تسمية أنس خطاب، مديرا عاما للاستخبارات في البلاد، خطاب نفسه المدرج على قائمة الإرهاابيين في قوائم الأممالمتحدة منذ عام 2014، وتنقل بين دااعش وجبهة النصررة، وهو رجل الشرع. مع هذه التعيينات، صار الآن بالإمكان حل جبهة تحرير الشام باعتبار قادتها في قمة المسؤولية في الجيش والمخابرات السورية. هل يمكن لمشروع المعارضة الديمقراطية والعلمانية، وأنت أحد رموزه، الاندماج والتفاعل مع مشروع هيئة تحررير الشام؟ نحن اليوم، نعيش ما يشبه تجربة الخمير الحمر بعباءة سوداء. يقولون لنا أن تجربة إدلب هي النواة. ولكن حتى اللحظة، لم يتم تحرير سجين واحد في السجون ال11 التي تسيطر عليها هيئة تحررير الشام. حقوق المرأة غير موجودة، وحرية التنظيم السياسي معدومة. عندما تتحدث مع أقلهم تطرفا عما يفعله الجهادديين الأوزبك والشاشان والايغور إلخ في المدن السورية، يحيبون: «في أوروبا يمكنك الحصول على الجنسية بعد مرور 5 أعوام، وهؤلاء يعيشون معنا في سوريا منذ عشر أعوام، وقد تركوا الأهل والبلاد من أجل مساعدتنا!». لنتحدث أيضا في مستقبل المرأة السورية في نظرتهم الأبوية المغلقة، لم لا يتحدث الشرع عن تعريفه للمواطنة؟ وعن نظرته للعلاقة بين الدولة والدين... لِمَ لَم تحدث مراجعات إيديولوجية إن كان هناك تغيير قد حدث في الأسس العقائدية الشمولية، الطائفية والمذهبية والاستئصالية، لجبهة النصررة التي أوضحتها في كتابي عن الجبهة منذ ثماني سنوات؟ لا يمكننا أن نلعب بالنار ونرقص مع الشياطين. كيف تعيدون تجميع صفوفكم من أجل جمع السوريين في مشروع يواجه ما يحدث؟ نحن في مشاورات واسعة مع القوى السياسية الديمقراطية والمنظمات غير الحكومية لحقوق الإنسان والمجتمع المدني المُعارضة للنظام البائد وأي مشروع شمولي واستئصالي في سوريا، ثمة شبكة واسعة للتنسيق. ونوجه النداء لعقد اجتماع ( نحو موتمر وطني سوري جامع ) واسع النطاق قبل 20 يناير في جنيف، مع متابعة بالفيديو كونفرانس في المدن السورية الكبرى. والعمل معا على رسم خارطة طريق جامعة من أجل بناء سوريا التي تشبه الغالبية العظمى من السوريين والسوريات. المصدر: صحيفة لومانيتي الفرنسية L'Humanité النشر في 31 ديسمبر 2024