تقرير إخباري : عبيد أعبيد 24 أكتوبر, 2015 - 11:16:00 أفرجت الحكومة المغربية، عن مسودة مشروع قانون مالية البلاد للسنة المالية 2016، يوم الثلاثاء 20 أكتوبر الجاري، وهي السنة المالية الأخيرة، في ولاية حكومة عبد الاله بنكيران. وحددت الحكومة، توقعات نسبة نمو الاقتصاد الوطني في قانون مالية 2015 الجاري، في نسبة 4,4 بالمائة، وهي التوقعات التي لم يبتعد عنها مسؤولي "البنك الدولي" (4,5 في المائة). في الوقت الذي تتحدث فيه الحكومة، بانها حققت عمليا، معدل نمو وصل إلى 5 في المائة برسم السنة المالية الجارية. وفي قانون مالية 2016، نزلت توقعات الحكومة، من 4,4 في المائة، إلى 3 في المائة، في الوقت الذي تتوقع فيه مؤسسات رسمية للدولة، مثل "بنك المغرب"، نزول النسبة إلى 2,6 في المائة، و 4,3 بالمائة، حسب خبراء "المندوبية السامية للتخطيط"، وذلك خلال عام 2016 المقبل. ويرى خبراء إقتصاديون في المغرب، ان نسبة النمو التي توقعتها الحكومة، في قانون مالية 2016 (3 في المائة)، سيكون صعب الحفاظ عليها، بسبب إرتباطها بمؤشرات دولية، غير ثابتة، مثل قيمة السعر الدولي للبترول، والدولار، فضلا عن غياب توقعات المحصول الزراعي بالبلاد. وبذلك، تكون الحكومة المغربية المشكلة من أربعة أحزاب، يقودها حزب "العدالة والتنمية"، أمام إمتحان دقة وصدق تعهداتها المكتوبة في برنامجها الحكومي، الذي حددت فيه أهدافا إقتصادية، لم تبلغها بعد، وهي في سنتها المالية الأخيرة، من ولايتها الحكومية (2011-2016). وتعهد حزب "العدالة التنمية"، القائد للحكومة، في برنامجه الحزبي الانتخابي عام 2011، ببلوغ نسبة نمو لا تقل عن 7 في المائة، قبل تحيينها مع تحالفه الحكومي، إلى 5 في المائة. المسكوت عنه في قانون مالية 2016 وعلى مستويات القرارات التي تخص القدرات الشرائية للمغاربة، فقد مرر القانون، جملة قرارات، ستمس في العمق جيب شريحة عريضة من المستهلكين بالمغرب. فحسب ما تسرب من معطيات بشأن مشروع قانون مالية 2016 الذي قدمته الحكومة، ينص على الرفع من الضريبة على القيمة المضافة المطبقة على تذاكر القطارات، لتصل إلى 20 في المائة (بدل 14 في المائة التي كانت مطبقة في السابق)، ما يعني زيادة تلقائية في أسعار التذاكر وانعكاس ذلك على القدرة الشرائية للمغاربة، علما أن عدد مستعملي القطارات بلغ سنة 2014، حسب آخر الأرقام التي كشف عنها المكتب الوطني للسكك الحديدية 39.5 مليون مسافر، في وقت تتصاعد فيه الاحتجاجات على تردي الخدمات التي يقدمها المكتب. المجال العقاري، هو الآخر من بين القطاعات التي همته بنود وقرارات قانون مالية السنة المقبلة، ويتعلق الأمر بالسكن، حيث تشمل هذه القرارات مالكي السكن الاقتصادي الذين سيجدون أنفسهم مجبرين على إثبات سكنهم فيه بعد أربع سنوات من اقتنائه، وفي حال تعذر عليهم الأمر سيكونون مجبرين على أداء الضريبة على القيمة المضافة والتي تصل إلى 40 ألف درهم بالنسبة لسكن اقتصادي قيمته 250 ألف درهم، فضلا عن البناء الشخصي. "فشل" الحكومة في "الإصلاح" ويرى الخبير الاقتصادي، المغربي، نجيب أقصبي، في حديثه مع "لكم"، ان الاصلاحات الماكروإقتصادية، التي تعهدت الحكومة، بها، لم تتم وهي الأن في السنة الأخيرة من ولايتها الحكومية. وأوضح الخبير، ان قانون مالية 2016، هو محطة لمحاسبة الحكومة، على تعهداتها، مشيرا إلى ان "فشل" الحكومة في تنفيذ تعهداتها، بخصوص إصلاح شامل لأنظمة التقاعد، وصندوق المقاصة، والإصلاح الضريبي، سيدفع ثمنه المواطن والمستهلك، إذ أن لفشل الاصلاحات الجذرية، تكلفة باهضة يدفعها المواطن في المحصلة. وأورد أقضي، بان الحكومة، تُظهر من خلال قانون ماليتها لعام 2016، الأخير في ولايتها الحكومية، فشلها في مباشرة الاصلاحات الكبرى للاقتصاد الوطني، ويؤكد "هشاشة" الوضع الاقتصادي على الأرض والواقع، بعيدا الارقام الرسمية، المتناقضة، بخصوص نسب النمو، والبطالة، والتضخم. وحذر، من ربط الحكومة، لمصير القدرة الشرائية للمواطنين، بتوقعات السعر الدولي للبترول والدولار، موضحا بالقول :"في حالة إرتفاع أسعار البترول والدولار دوليا، سيعود المواطنين إلى مرحلة أخطر بكثير مما كانت عليه في سنوات فقدان السيادة المالية والاقتصادية..". وأفاد أقصبي، ان قانون مالية 2016، ما يزال يكرس العجز في ميزانية الدولة، حيث ما تزال مصاريف الميزانية (الأجور، الاستثمارات العمومية، الديون..)، تفوق بسنة أكثر من 60 في المائة، مداخيل الميزانية (الضرائب، عائدات المؤسسات الاقتصادية العمومية، ديون..)، خاصة مع عجز المؤسسات الاقتصادية العمومية، عن تسديد نفقات الدولة بشكل ذاتي، دون اللجوء إلى تسديد الديون بالديون، يقول أقصبي. قوانين مالية أوقفت "نزيف" الدين العام ومن جهته، أوضح الباحث الاقتصادي، القيادي في حزب "العدالة والتنمية"، القائد للإئتلاف الحكومي، في حوار مع البوابة الرقمية لحزبه، ان "الصعوبات المالية التي عانى منها الاقتصاد المغربي، تم تجاوزها نسبيا". وشدد على "ضرورة، الأخذ بعين الاعتبار، الفرضيات المتحكمة في مشروع قانون مالية 2016، حيث نسبة العجز المتوقعة في 3,5 بالمائة، تعتبر هدفا واقعيا ويأتي في سياق تنفيذ البرنامج الحكومي، وتعتبر نسبة موضوعية". وأفاد ان "قوانين المالية التي صاغتها الحكومة، استطاعت خلال السنوات الأخيرة وقف النزيف المالي واسترجاع التوازنات المالية، وبالتالي يمكن الحديث الآن عن إمكانية وقف نزيف الدين العام وتأثيره السلبي على الاقتصاد الوطني". وعموما، تظل مضامين مسودة مشروع قانون مالية 2016، محل إمتحان وتقييم حقيقي، للتعهدات المكتوبة، للحكومة المغربية، أمام المغاربة، وهي في السنة المالية الأخيرة من ولايتها الحكومة، التي إلتزمت بموجب برنامجها الحكومي، على الأقل إقتصاديا، بحصر نسبة عجز الميزانية في حدود 3 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، وتحقيق معدل النمو في 5.5 في المائة، و6 في المائة من نسبة نمو الناتج الداخلي الخام غير الفلاحي، وضبط التضخم في حدود 2 في المائة، وكذا تخفيض معدل البطالة إلى 8 في المائة.