قالت مجلة "جون أفريك" إن المبعوث الخاص للأمم المتحدة، ستافان دي ميستورا، يواجه وضعا حرجا، بعد أن اقترح دون جدوى "إنشاء دولة صحراوية" بدلا من منطقة الداخلة وادي الذهب". وأضافت أنه "يفكر في الانسحاب ويتساءل عن جدوى جهود المينورسو، في سياق عدم تحقيق أي تقدم خلال ستة أشهر". وفقا للمجلة الباريسية، فقد تم إعلام الرباط بمقترح "تقسيم الصحراء" الذي طرحه دي ميستورا، منذ شهر أبريل الماضي. وأكد ذلك وزير الشؤون الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، خلال مؤتمر صحفي عقده في 21 أكتوبر الماضي، على هامش زيارة نظيره الإستوني إلى المغرب. "وكانت هذه أول ردّة فعل رسمية من عميد الدبلوماسية المغربية منذ التصريحات التي أدلى بها ستافان دي ميستورا خلف الأبواب المغلقة خلال عرض خطته أمام أعضاء مجلس الأمن في 16 أكتوبر"، يضيف المقال. وأشارت صاحبة المقال، ريم بوسميد، إلى أن الدبلوماسي المكلف بقضية الصحراء تناول في تلك المناسبة خيار "تقسيم" الإقليم، وهو اقتراح قوبل برفض قاطع من قبل الرباط وجبهة "البوليساريو" الانفصالية، حيث أوضح نائب المتحدث الرسمي للأمم المتحدة، فرحان حق، بعد يومين أنه لم يكن حتى "اقتراحا" رسميا. وأوضح المقال أن المبعوث الأممي كان يقترح "السماح بإنشاء دولة مستقلة في الجزء الجنوبي، ومن جهة أخرى، دمج بقية الإقليم في المغرب، مع الاعتراف الدولي بسيادته عليه". واعتبر الوزير ناصر بوريطة هذا الاقتراح بمثابة "خديعة جديدة" و"اقتراح ميت في المهد"، وأوضح أسباب رفض الرباط قائلا: "موقف المغرب لم يتغير منذ عام 2002، كما أكد الملك: المغرب لا يتفاوض على صحرائه، ولا يتفاوض على سيادته عليها، ولا يتفاوض على وحدته الترابية". وأضافت "جون أفريك" أن الدبلوماسي المغربي كان أكثر وضوحا في تصريحاته، حيث قال:" إن الوفد المغربي أكد للسيد دي ميستورا أن مثل هذه الأفكار مرفوضة تماما وليست مطروحة على الإطلاق، وأن المغرب لا يمتلك ولن يقبل حتى الاستماع إلى هذه الفكرة لأنها تتعارض مع الموقف المبدئي للمملكة ولكل المغاربة، بأن الصحراء مغربية وتشكل جزءا لا يتجزأ من التراب المغربي". وقبل أن يلمح إلى أن طرفا ثالثا قد يكون قد اقترح هذا المخطط، الذي كان قد طرحه منذ أكثر من عشرين عاما سلفه وزير الخارجية الأمريكي السابق جيمس بيكر، قال بوريطة للمبعوث الشخصي: "كان يجب عليه أن يذكر من أين جاءت هذه الفكرة ومن هي الأطراف التي شجعته على تقديمها، كما فعل معنا في أبريل. ويجب أن يوضح ما إذا كانت هذه مبادرته الشخصية أم مبادرة من بعض الأطراف التي ألهمته لتقديمها مرة أخرى". زيارة مثيرة للجدل إلى بريتوريا قبل أسابيع من مهمته إلى الرباط في أبريل الماضي، كان دي ميستورا قد زار بريتوريا حيث التقى بوزيرة الخارجية الجنوب إفريقية، ناليدي باندور، التي كانت قد صرحت في ذلك الوقت أن هدف اجتماعها مع المبعوث الأممي كان "دراسة المقاربات لإيجاد حل لقضية الصحراء". ورد ناصر بوريطة حينها قائلا: "ليذهب حتى إلى كوكب المريخ"، مؤكدا أن "جنوب إفريقيا ليست مؤهلة ولا قادرة على التأثير في هذا الملف". وهي تصريحات تتماشى مع تلك التي أدلى بها الممثل الدائم للمغرب لدى الأممالمتحدة، عمر هلال، الذي أكد أن المملكة "لن تسمح أبدا لجنوب إفريقيا بأي دور في ملف الصحراء". وأضافت "جون أفريك" أنه في أعقاب هذه الزيارة المثيرة للجدل إلى جنوب أفريقيا، الداعمة التاريخية، إلى جانب الجزائر، لجبهة البوليساريو، جدد المغرب تأكيده على موقفه الذي لم يتغير منذ ذلك الحين. وحتى اليوم، بينما يتم الحديث عن خيار التقسيم الذي أحيته فكرة دي ميستورا، لا يقبل المغرب بأي حل سوى حل الحكم الذاتي للصحراء، الذي تحظى بدعمه العديد من البلدان، من بينها دولتان عضوان دائمان في مجلس الأمن، الولاياتالمتحدة وفرنسا، التي دعمت هذا الحل مؤخرا. وتؤكد الرباط أنها لا ترى أي تقدم طالما أن وقف إطلاق النار يتم انتهاكه من قبل البوليساريو، ولا تقبل سوى "العملية الدبلوماسية للمشاورات، بمشاركة حصرية من المغرب والجزائروموريتانيا وجبهة البوليساريو". "دولة في منطقة الداخلة؟" تضيف المجلة الفرنسية أنه وفقا للتصريحات التي أدلى بها ستافان دي ميستورا أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، فإن هذ "التقسيم المرفوض سيعتمد على حدود الجزء من الصحراء الذي كانت تسيطر عليه موريتانيا، في إطار اتفاق مع المغرب، بين عامي 1976 و1979″؛ أي ما يعادل ثلاثة أرباع منطقة الداخلة-وادي الذهب الحالية، وفقا للتقسيم الإداري المغربي. وتؤكد الرباط أن "مبادرة الحكم الذاتي هي نقطة وصول وليست نقطة انطلاق". في تقريره السنوي حول هذا الموضوع الذي نشر في 17 أكتوبر الماضي، أكد أنطونيو غوتيريش أن "التقدم في العملية السياسية ظل صعباً، رغم الجهود المستمرة مبعوثه الخاص"، واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أنه "من الأشد إلحاحا الآن التوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول من جميع الأطراف"، يتيح تقرير مصير شعب الصحراء الغربية"، موصيا، كما في كل عام، بتمديد ولاية المينورسو لعام آخر، التي تم تمديد ولايتها حتى 31 أكتوبر 2025 عقب جلسة لمجلس الأمن في 30 أكتوبر 2024.