قالت صحيفة "الغارديان" البريطانية، إن المشهد في غزة يتجاوز حدود التصعيد العسكري، بعد أكثر من عام مضى على الحرب التي تشنها إسرائيل في غزة، حيث يستحيل وصف الأحداث المفجعة والمستمرة كأنها فصول متفرقة من تصعيد عادي. وأضافت كاتبة المقال، نسرين مالك، أن "عمليات الهجوم تتواصل بوتيرة تجعل من الدم والدمار مشاهد مألوفة، وأصبح من الصعب إنكار ما يبدو كتطهير عرقي يصيب سكان غزة ويهدد وجودهم." وحذرت من مصير يواجهه المدنيون، بمن فيهم الأطفال، يتخلله القتل والعنف المتعمد بلا تمييز، كوسيلة لدفعهم للهرب من مناطق الموت والجوع التي تتسع باستمرار. وفي الوقت الذي تتعالى تحذيرات الأممالمتحدة من "خطر الموت" على كامل سكان شمال غزة تعكس حالة العجز الدولي، تجد غزة نفسها محاصرة بلا ملجأ ولا وجهة واضحة للنزوح. وأوضح المقال أنه بالتزامن مع هذا الوضع المتأزم، عُقد مؤتمر تحت عنوان "التحضير لإعادة توطين غزة" خارج القطاع، حيث تردد صدى أصوات تدعو إلى إخلاء غزة بشكل قسري. وأضاف أنه "وسط أصوات المدافع وإطلاق النار، تم اقتراح ما وصفه البعض بترحيل طوعي، بينما دعا آخرون علناً للقضاء التام على السكان." وأكدت "الغارديان" أن الآليات المستخدمة لتحقيق هذا "النقل الطوعي" باتت واضحة للجميع. وأوضحت أن الهجمات الجوية المكثفة على شمال غزة، والاعتداءات المتكررة التي تستهدف المستشفيات، والظروف المعيشية التي يتم خلقها لزرع الرعب والجوع، كل ذلك يعكس منهجية مدروسة تجعل من الأرض نفسها أداة لطرد الفلسطينيين. وفي السياق ذاته، تقول الكاتبة: "لقد زرت مؤخراً مدن الضفة الغربية، حيث يتبع الأسلوب نفسه. ويشهد سكان الضفة الغربية تضييقاً على مناطقهم التجارية وتدمير المنازل؛ ليجدوا أنفسهم مجبرين على الرحيل أو العيش في مناطق مكتظة جديدة تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة." وأكدت "الغاردين" وجود أصداء لهذه السياسات في التصريحات العلنية لكبار المسؤولين الإسرائيليين في غزة. ففي مقابلة أجريت مع البروفيسور عوزي رابي، رئيس مركز موشيه ديان بجامعة تل أبيب، أبدى أمله في "إخلاء كامل" للشمال، مع تصنيف من تبقى كإرهابيين يعاقبون بالتجويع أو التصفية. ويبدو أن هناك قبولا صامتا دوليا لهذه السياسات، رغم كل الصرخات والتنديدات السابقة حسب الصحيفة. وتساءلت الكاتبة عن قيمة النداءات الإنسانية والتحذيرات الأممية إذا كنا نتجه نحو عالمٍ تصبح فيه المجازر اليومية أمراً مقبولاً؟ حيث الأطفال يحملون أشقائهم المصابين عبر مسافات طويلة، دون أن يجدوا ملاذاً آمناً. وشددت على أن ما تواجهه إسرائيل اليوم هو أكثر من كسر النظام الدولي؛ "إنها تقدم نموذجاً على نظام يعمل بدقة حسب المصالح الذاتية، حيث حياة الفلسطينيين تُختزل ضمن حسابات إقليمية ودولية تخدم إمبراطوريات الأسلحة وأرباحها، والولايات المتحدة الراعية لهذا النظام بقبضتها الحديدية التي تتغاضى عن الأوضاع في غزة." تضيف نسرين مالك. وعندما سُئلت كامالا هاريس عن احتمالية تصويت الناخبين لمرشح ثالث احتجاجاً على سياسات الإدارة تجاه غزة، كان ردها مختصراً ولكن معبراً: "الناس يهتمون بأسعار الغذاء وديمقراطيتنا". وكأن رسالتها تقول: "هل ترغب في معدة ممتلئة أم تريد وقف قتل الفلسطينيين؟".