لقبان عالميان ومثلهما أولمبيين، لا أحد يقف في وجه العداء المغربي سفيان البقالي إن كانت الموانع أو أصحاب الاختصاص العداؤون الكينيون وحتى الإثيوبيين. ما فعله البقالي في الدور النهائي لسباق 3 آلاف م إنجاز سيظل خالدا لأعوام طويلة. بخبرته وحنكته الكبيرتين احتفظ باللقب الاولمبي محققا رباعية نادرة.
الدليل، إنجاز احتفاظه باللقب الأولمبي في السباق فعله قبله الفنلندي فولماري ايسو-هولو في 1932 و1936، أي تقريبا نحو قرن من الزمن. حصد البقالي (28 عاما )، المعدن الأصفر في آخر ثلاث بطولات كبيرة، فبعدما ذاق طعم الذهب في أولمبياد طوكيو صيف عام 2021 عندما أصبح أول عداء غير كيني يحرز اللقب الأولمبي في سباق 3 آلاف م موانع منذ 1980، أك د أنه "ملك" السباق واضعا حدا لسيطرة الكينيين عليه لمدة 15 عاما في بطولة العالم عندما نال الذهبية في يوجين الأميركية. أصبح ثالث رياضي عربي يتوج مرتين في الألعاب الأولمبية بعد مواطنه هشام الكروج (1500 م و5 آلاف م في أثينا 2004) والسباح التونسي أسامة الملولي (1500 م حرة في بكين 2008 و10 كلم في المياه المفتوحة في لندن 2012). يملك القطري معتز برشم فرصة الالتحاق بهذا النادي الضيق من الأبطال في حال تتويجه بالذهب في مسابقة الوثب العالي. خطط عداؤو الجارتين كينيا وإثيوبيا من دون قصد لحرمان البقالي من الاحتفاظ بلقبه عندما تكتلوا في المقدمة مبطئين إيقاعه ومغلقين جميع المنافذ أمامه. فطن ابن مدينة فاس للفخ الذي ينوي ابناء قارته السمراء نصبه إليه (ثلاثة كينيين ومثلهم أثيوبيين بينهم حامل الرقم القياسي العالمي لاميتشا غيرما). بسرعة بديهة التفت البقالي خلفه فوجد "المنقذ" مواطنه أحمد تيندوفت الذي حجز بطاقته الى الدور النهائي عن جدارة. قال البقالي عقب السباق "كانت هناك خطة اثيوبية والحمد لله أن مواطني تيندوفت كان موجودا معي وطلبت منه أثناء السباق أن يفعل أي شيء لمساعدتي فانطلق نحو المقدمة ورفع الايقاع لفك التكتل الاثيوبي". تنفس البقالي الصعداء بتشتت كوكبة المقدمة لكنه فوجئ بانطلاقة سريعة للعداء الاميركي كينيث روس قبل 300 م الأخيرة في محاولة لإنهاك العداء المغربي الذي أصلا يمتاز بسرعته النهائية التي استخدمها في الوقت المناسب وانطلق كالسهم بعد الحاجز الأخير قاطعا خط النهاية بأريحية كبيرة. راح يصرخ أمام كاميرا الملعب "الوالدة (أمي) لقد فعلتها مرة ثانية" وانطلق فرحا نحو مدربه كريم التلمساني، عانقه وحمل العلم المغربي ليقوم بلفة شرفية حول الملعب، وفي طريقه لمح رئيس الإتحاد المغربي عبد السلام أحيزون المتواجد في المدرجات مع المشجعين فعانقه وتلقى التهنئة منه. أعرب عن سعادته الكبيرة عقب التتويج، وقال باكيا "نجحت وعملت واستعددت جيدا للفوز بهذه الميدالية لم تكن هذه السنة سهلة بالنسبة لي كنت أعاني من إصابة واستطعت تجاوزها". أوضح أنه كان في طريقه إلى عدم المشاركة في أولمبياد باريس "لكنني عدلت عن قراري بفضل مساعدة مدربي والاتحاد المغربي على تجاوز محنتي والتعافي". نأى البقالي بنفسه بعيدا عن أي شيء يمكن أن يشتت تركيزه، حتى أنه امتنع عن الادلاء بتصريحات إعلامية "كنت ارفض التحدث إلى وسائل الاعلام لأنني لم أكن في حالة جيدة. الإصابة عكرت مزاجي خصوصا وأنني كنت أعقد آمالا كبيرة على أولمبياد باريس". وأردف قائلا "أنا مدين إلى الجماهير المغربية التي لم تتوقف عن مساندتي برسائلها التي لم أكن أستطع الرد عليها، وإلى الأبطال الحاليين والسابقين". وعلق البقالي على دموعه قائلا "سامحوني، فأنا الآن أستوعب ما فعلته، دخلت التاريخ بهذا اللقب الأولمبي الثاني تواليا . هذه التتويجات ثمرة عمل على مدى طويل وبعيد وليس الآن. منذ 2021 وأنا طامح لرفع المشعل والسيطرة على هذا السباق والحمدلله أنا ناجح حتى الآن". حقق البقالي ما كان منتظرا منه وأنقذ ماء وجه الرياضة المغربية كما فعل دائما في السنوات الأخيرة، لكن الأهم بالنسبة إليه هو أنه واصل كسر الهيمنة الكينية. طموحه أكبر بكثير "أتمنى أن أواصل لأحقق الخماسية طالما أن هذا العام هناك أولمبياد والعام المقبل هناك بطولة العالم في طوكيو".