هذه خرفان غير قابلة للذبح، لكنها جاءت الى شوارع المدن المصرية مع حلول عيد الأضحي المبارك.. الأمر لا يحتمل المزيد من الاستغراب. فمستوردو ألعاب الأطفال اكتشفوا فرصة للكسب هذا العام مع مأزق عائلات الطبقات الوسطي ممن اصبحت لا تطيق التكفل بنفقات شراء خروف للأضحية نظرا لغلاء اسعار اللحوم. وهكذا عرفت العديد من الشوارع في مدينة القاهرة خرفان لعبة تم استيرادها من الصين. وهي على هذا النحو خرفان غير قابلة للذبح.لكنها تستر سمعة عائلات كان يطلق عليها "من مساتير الناس" عندما تأخذ اللعب في الصياح بتسجيل صوتي يقول: "ماء .. ماء..ماء". فيظن الجيران بان اصحابها جلبوا ككل عام الخروف الأضحية. اسعار اللحوم ارتفعت بشكل لافت في مصر واصبحت عبئا لا تطيقه معظم العائلات المصرية. والمتوسطة لحقت بالفقيرة في هذه المعاناة. وانطلقت حملة في شهر غشت الماضي على مواقع التواصل الاجتماعي بعنوان " بلاها لحمة ". تدعو لمقاطعة شراء اللحوم لاجبار الجزراين على تخفيض اسعارها. وقال مراقبون ان الحكومة تشجع هذه الحملة بدليل الاهتمام غير الاستثنائي بها في وسائل الإعلام التقليدية. وكان سعر كيلو اللحم اقترب من المائة جنيه (نحو 12 دولار امريكي) للمرة الأولى. وعلما بان كيلو اللحم كان سعره في عام 1952 نحو 50 قرشا اي نصف جنيه واحد. وكان الحد الأدنى للأجور وقتها 18 جنيها يمكنه أن يشترى 34 كليو جرامات من اللحم. وعندما اندلعت مظاهرات الخبز الشعبية ضد الرئيس السادات في 18 و 19 يناير 1977 ردد المتظاهرون الساخطون على غلاء اسعار السلع الاساسية شعار: "ياسادات بيه.. كيلو اللحمة بقى بجنيه ". ولايستطيع الحد الأدنى للأجور في مصر الآن إلا ان يشترى 14 كليو جرامات بعدما بلغ 1200 جنيه. أضاحي العيد من الخرفان ارتفع سعرها هذا العام مقارنه بعيد الأضحي الماضي . وكما يقول الجزار بالقاهرة عادل إبراهيم بموقع "لكم"، فان كيلو الخروف الضاني الحي وصل الى 43 جنيها فيما كان نفسه يباع بسعر 36 جنيها. ولذا فان العديد من عائلات الطبقة الوسطي التي اعتادت على الاضحية تنازلت هذا العام عن هذه الشعيرة الدينية. واكتفي بعضها بشراء بضع كيلو جرامات محدودات من اللحم وإن غلا ثمنة أو بصرف النظر تماما عن شراء اللحم. وعرضت العديد من الجهات البائعة للحوم أو منشآت العمل ذاتها تقسيط دفع ثمن اللحم للموظفين العاملين لديها. وفي كل الحالات وجدت هكذا عائلات في الخروف اللعبة الذي يصيح بماء ماء حلا يحفظ ماء الوجه اجتماعيا. كما انه يعوض الاطفال عن اللعب مع خروف من لحم ودم. وكما يضيف إبراهيم: "هذا العام كسد سوق الخرفان.. والزبائن المشترون أقل من الأعوام السابقة ". وترى السيدة نادية حسين وهي أم لثلاثه أطفال أن شراء خروف من أجل اضحية العيد لم يعد يقدر عليه غير الأغنياء. و تقول وهي تضحك: "الخروف اللعبة يبدو انه انقاذ لسمعة العديد من الأسر من انها اصبحت فقيرة.. كما انه يسعد الأطفال حتى لو لم يكن من لحم ودم". منذ نحو ثلاث سنوات انزل الصراع السياسي "الخرفان" من قداسة الاضحية الدينية وحلاوة التراث الشعبي فشن معارضو الإخوان حمله قاسية اثناء حكم الرئيس محمد مرسي ملأوا خلالها جدران الشوارع بالمدن بعبارات تسخر من الإخوان باعتبارهم "خرفان". بل ترددت شعارات في المظاهرات تتضمن كلمة "الإخوان خرفان". وهو ما أعتبره مراقبون لونا من انحطاط الجدل السياسي ونزوعا الى تعبيرات عنصرية بغيضة. وكان اللجوء الى الخروف في مواجهة صعود الإخوان يلعب على ما اشتهر به اتباع الجماعة من انقياد دون نقاش الى مرشدها العام. وحتى الخرفان اللعبة طبقات. ووفق ما يقوله بموقع "لكم" بائع محل لعب أطفال في وسط القاهرة يدعى محمد ناصر: "هناك خروف ثمنة لا يتجاوز 35 جنيها .. وهناك مايقارب 150 جنيها .. ولكل زبونه". ويؤكد بائع آخر أن الإقبال منقطع النظير على الخروف اللعبة صاحب صوت "ماء .. ماء " "لشجي " في هذه الايام التي تسبق العيد. وكل عام وانتم بخير ..