جو بايدن "رجل طيب ورئيس جيد"، لكن يجب عليه أن ينسحب من السباق إلى البيت الأبيض "لمنح الولاياتالمتحدة الإمكانية الأكثر واقعية الممكنة لتجنب" العودة إلى رئاسة دونالد ترامب نوفمبر المقبل. هكذا كتب الفائز بجائزة بوليتزر ثلاث مرات توماس فريدمان في مقال افتتاحي في صحيفة نيويورك تايمز، بعد ساعات قليلة من اختتام المناظرة الرئاسية الأولى، التي نظمتها شبكة "سي إن إن" في أتلانتا، بين المرشحين في الانتخابات المقبلة. ودعا فريدمان، الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى الانسحاب من السباق الرئاسي لمنح مرشح آخر فرصة أفضل لهزيمة الرئيس السابق دونالد ترامب بعد ظهوره الكارثي في المناظرة التلفزيونية ضده.
وقال فريدمان في مقاله إنه شاهد المناظرة بين بايدن، وترمب "بمفرده" في فندق بلشبونة، لكنها "جعلتني أبكي". وأشار إلى أنه لا يستطيع أن يذكر "لحظة مفجعة في سياسات الحملات الرئاسية الأميركية في حياتي مثل هذه اللحظة"، واصفاً بايدن ب"الرجل الطيب، والرئيس الجيد"، لكنه أضاف: "ليس له أن يترشح لإعادة انتخابه". My column: Joe Biden Is a Good Man and a Good President. He Must Bow Out of the Race. https://t.co/OAuavNhB96 — Thomas L. Friedman (@tomfriedman) June 28, 2024 أما دونالد ترمب فاعتبره "رجل شرير، ورئيس تافه"، لافتاً إلى أنه "لم يتعلم شيئاً ولم ينس شيئاً"، كما إنه "نفس أنبوب الأكاذيب مثلما كان دائماً، والرجل المهووس بمشاكله، فلا يقف في أي مكان قريب مما قد تحتاجه الولاياتالمتحدة، لتقود العالم في القرن الحادي والعشرين". ونصح فريدمان، عائلة بايدن وفريقه السياسي ب"ضرورة الاجتماع عاجلاً، وإجراء مناقشات صعبة مع الرئيس، ومحادثة ملؤها الحب والوضوح والعزيمة". وذكر أنه "من أجل أن يمنح أميركا أعظم قرار لدرء تهديد ترمب في نوفمبر المقبل، يتعين على الرئيس أن يتقدم ويعلن عدم ترشحه لإعادة انتخابه، ويطلق سراح جميع مندوبيه في المؤتمر الوطني الديمقراطي" من أجل اختيار مرشح جديد. ورأى فريدمان أنه يتعين كذلك على الحزب الجمهوري، "لو أن قادته يملكون مثقال ذرة من نزاهة، أن يطالب بالشيء نفسه، ولكنه لن يفعل لأن قادته لا يتمتعون بهذا المثقال من النزاهة،" ما يزيد في رأيه من أهمية أن يضع الديمقراطيون مصالح "أميركا أولاً". ودعا الديمقراطيين إلى أن "يعلنوا بدء عملية عامة لمرشحين ديمقراطيين مختلفين للتنافس على الترشح، ويشمل ذلك حجز القاعات في المدن، وإجراء مناظرات، وعقد اجتماعات مع المانحين، وغير ذلك". وأشار فريدمان إلى أن ذلك قد يتسبب في "فوضى وارتباك" عندما يبدأ المؤتمر الديمقراطي أعماله، في 19 أغسطس المقبل في شيكاجو، "ولكنني أعتقد أن تهديد ترمب سيكون جسيماً إلى الدرجة التي ستجعل المندوبين يحتشدون سريعاً، ويتوافقون على اختيار مرشح". وأضاف: "إذا كانت نائبة الرئيس كامالا هاريس تريد المنافسة، فلها ذلك، ولكن الناخبين يستحقون عملية مفتوحة بحثاً عن مرشح رئاسي ديمقراطي يستطيع توحيد، ليس فقط الحزب، وإنما البلد بأكمله"، من خلال تقديم ما لم يقدمه أي من المتنافسَين على مسرح أتلانتا مساء الخميس، والذي يتمثل في وصف دامغ لما عليه العالم الآن، ورؤية مقنعة لما تستطيع أميركا، ولما يجب عليها، عمله حتى تتمكن من مواصلة قيادة العالم على كافة المستويات الأخلاقية والاقتصادية والدبلوماسية". ووصف فريدمان الوضع الحالي بأنه "ليس منعطفاً عادياً في مسار التاريخ"، محذراً "أننا في مستهل أكبر اضطرابات تكنولوجية، وأكبر اضطراب مناخي في تاريخ البشرية.. إننا في فجر ثورة ذكاء اصطناعي ستغير كل شيء أمام الجميع، كيف نعمل، وكيف نتعلم، وكيف نُعلم، وكيف نمارس التجارة، وكيف نخترع، وكيف نتعاون، وكيف نخوض الحروب، وكيف نرتكب الجرائم، وكيف نكافح الجريمة". وتابع فريدمان: "ربما فاتتني هذه العبارة، ولكنني لم أسمع أياً من الرجلين يذكر الذكاء الاصطناعي خلال المناظرة". وأشار الكاتب الأميركي إلى أنه "ربما كان جو بايدن الصغير في السن هو هذا القائد، ولكن الزمن قد لحق به مؤخراً، وهو ما كان جلياً إلى درجة مؤلمة ولا مفر منها" خلال المناظرة التي جرت مساء الخميس. وأردف: "كان بايدن صديقاً لي منذ أن سافرنا معاً إلى أفغانستان وباكستان بعد 11 سبتمبر، عندما كان يرأس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، ولهذا يعتصرني حزن شديد، وأنا أذكر كل ما سبق أن ذكرته"، لكن إذا "توج بايدن رئاسته الآن بالاعتراف بأنه غير مؤهل لولاية ثانية بسبب العمر، فإن ولايته الأولى ستُذكر بين أفضل الولايات الرئاسية في تاريخنا". وتابع: "لقد أنقذنا بايدن من ولاية ثانية لترمب، ولهذا فقط، فهو يستحق وسام الحرية الرئاسي.. كما أنه أقر تشريعاً مهماً وحاسماً في مواجهة الثورات المناخية والتكنولوجية التي تداهمنا الآن". وأكد الكاتب الأميركي: "لقد كنت على استعداد أن أمنح بايدن ميزة الشك حالياً، لأنه في الأوقات التي تعاملتُ فيها معه وجهاً لوجه، وجدته مؤهلاً لمنصب الرئيس"، لكن من الواضح أنه "لم يعد كذلك على الإطلاق". وشدد فريدمان على وجوب أن "تكون عائلة الرئيس وفريق عمله على علم بذلك، لقد عزلوا أنفسهم في كامب ديفيد منذ أيام للإعداد لهذه المناظرة المهمة، وإذا كان هذا هو أفضل أداء يمكنهم أن يحصلوا عليه منه، فقد حان الوقت لكي يحافظ بايدن على الكرامة التي يستحقها"، وأن "يغادر المسرح في نهاية هذه الفترة الرئاسية". ولفت إلى أنه "إذا فعل ذلك، فسيشيد الأميركيون كل يوم بجو بايدن لأنه فعل ما لن يفعله دونالد ترمب، وهو أنه قدم البلد على نفسه، أما إذا أصر على الترشح وخسر أمام ترمب، فلن يتمكن بايدن وعائلته وفريقه وأعضاء حزبه الذين مكنوه من ذلك من أن يُظهروا وجوههم". وخلص فريدمان إلى أن بايدن وعائلته وفريقه وأعضاء حزبه "يستحقون الأفضل، كما أن أميركا بحاجة إلى الأفضل، والعالم أيضاً بحاجة إلى الأفضل".