أدانت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، تزايد المتابعات والمحاكمات السياسية وتدهور الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والمنع والتضييق على الحقوق الحريات، ومنها حرية التعبير والاحتجاج، مطالبة بوقف المتابعات والمحاكمات التي تطال المدونين ونشطاء وسائل التواصل الاجتماعي والصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان. وسجلت الجمعية في بلاغ لمكتبها المركزي تراجع حقوق الإنسان المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، وعلى رأسها، الاستمرار في قمع حرية الرأي والتعبير، والتنظيم والتجمع السلمي، والملاحقة الأمنية والقضائية للصحافيين والمدونين، والمدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان ونشطاء الحركات الاجتماعية المطالبة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية والحق في الأرض، ومناهضي التطبيع، وتدهور الأوضاع المعيشية للمواطنات والمواطنين وتزايد الفوارق الاجتماعية والمجالية وبين الجنسين، وتفاقم الفساد، في ظل الإفلات من العقاب، ومؤكدة على ضرورة وفاء الدولة المغربية بالتزاماتها الدولية بالعمل على حماية واحترام وتعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية بالمغرب.
وعبرت الجمعية، عن دعمها ومساندتها لنضالات مختلف الحركات الاجتماعية في الأشهر الثلاثة الماضية، في مختلف مناطق المغرب تعرض بعضها للقمع أو المنع، والتي تنوعت بين الاحتجاج على الأحوال المتردية للقطاع الصحي والمستشفيات العمومية، وخوصصة الماء الشروب، والترحيل القسري وهدم البيوت والسطو والاستيلاء على أراضي الجموع والأراضي السلالية في العديد من مناطق المغرب، وتجاهل المطالب المشروعة لسكان المناطق المنكوبة المتضررين من زلزال 8 شتنبر 2023، واحتجاجات الأطباء الداخليين والأطباء المقيمين، والأساتذة الباحثين، والعدول وهيأة كتاب الضبط، وإضرابات طلبة الطب والصيدلة والطلبة الممرضين والممرضين الممارسين وشغيلة قطاعات الفلاحة والتكوين المهني والجماعات الترابية وهيئة المتصرفين/ات، وعمال معمل سيكوميك بمكناس، وعمال تعاونية كوباك بسلا، واعتصام مناضلي الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين أمام مقرات العديد من الإدارات، واستمرار احتجاج نساء ورجال التعليم بسبب التوقيفات التعسفية عن العمل للعشرات منهم بسبب ممارستهم لحقهم المشروع في الإضراب. كما استنكرت الجمعية، استمرار الاعتداء على حرية الرأي والتعبير من خلال الملاحقات الأمنية والقضائية ضد الصحفيين والمدونين والمثقفين والفنانين والمدافعين عن حقوق الإنسان، والداعمين والداعمات للشعب الفلسطيني ومقاومته، مجددة إدانتها لاستمرار وجود عدد من الصحفيين والمدونين ونشطاء الحركات الاجتماعية والمدافعين عن حقوق الإنسان والمحامين، محتجزين تعسفا، على خلفية ممارسة حقهم في حرية التعبير والتجمع السلمي، بعد أن صدرت أحكام جائرة وقاسية في حقهم، في شروط انتفت فيها معايير المحاكمة العادلة، وتعريضهم للحيف والمضايقات من طرف إدارة السجن، واعتراض مراسلاتهم، مما يضطر البعض منهم إلى خوض إضرابات عن الطعام. وجددت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، مطالبتها بإطلاق سراح كافة معتقلي الرأي، ووضع حد للملاحقات الأمنية والقضائية للمواطنين والمواطنات على خلفية ممارسة حقوقهم في حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي، وتجريم إي انتهاك لهذه الحقوق الأساسية. وبخصوص الحق في التنظيم وتكوين الجمعيات، نددت الهيئة الحقوقية باستمرار فرض قيود ممنهجة من خلال استمرار رفض السلطات تسلم ملفات التصريح أو امتناعها عن تسليم وصولات الإيداع المؤقتة أو النهائية لعدد من الجمعيات ومكاتب فروعها المحلية، لاسيما جمعية المغربية لحقوق الإنسان، ومكاتب فروع الهيئات أو المركزيات النقابية كالكنفدرالية الديمقراطية للشغل والجامعة الوطنية للتعليم، والأحزاب السياسية كحزب النهج الديمقراطي العمالي، سواء عند تأسيسها أو تجديد مكاتبها المؤسسة وفق القانون، أو منع عقد مؤتمراتها وجموعاتها العامة، أو عرقلة أنشطتها أو إعاقة وصولها إلى التمويل. وبخصوص الحق في الحياة، عبرت الجمعية، عن قلقها من استمرار الوفيات في المستشفيات ومراكز الاحتجاز، نتيجة الإهمال أو عدم توفر شروط سلامة وحقوق الموقوفين والسجناء والمعتقلين وتعريضهم للمعاملة السيئة، وعدم فتح تحقيقات بشأن كل الوفيات. ومن جهة أخرى، حذرت الجمعية من تزايد حجم الفساد الاقتصادي والمالي المستمر والسطو على ثروات البلاد، في مختلف مراكز ودواليب الدولة، مشيرة إلى أن ذلك يظهر من خلال الملفات القليلة المعروضة أمام القضاء يتابع فيها مسؤولون كبار في الدولة بينهم عشرات البرلمانيين الحاليين والسابقين، ووزراء سابقون ورؤساء جماعات، وهو ما يؤكد غياب إرادة سياسية لمكافحة الفساد ومكافحة الإفلات من العقاب. ورصدت الهيئة الحقوقية، تفاقم أوجه التمييز وعدم المساواة في التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بين الجنسين وبين المناطق الجغرافية أو على أساس الانتماء الاجتماعي أو الأصل الوطني، وغيرها من الأسباب، نتيجة الاستمرار منذ عقود في تطبيق السياسات الليبرالية المتوحشة، المملاة من طرف صندوق النقد الدولي والبنك العالمي لضرب الوظيفة العمومية وخوصصة المرافق والخدمات الاجتماعية العمومية، إلى جانب التراجع المهول للمستوى المعيشي للمواطنين في ظل التصاعد الصاروخي لأسعار جميع المواد الغذائية والأولية والمحروقات وضعف الأجور، مما يؤدي إلى زيادة أعداد الفقراء، وتفشي البطالة وانحسار مجالات وفرص الشغل. وهو ما كشفت عنه الأرقام الرسمية الحديثة الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط، حول وضعية الفئة النشيطة بالمغرب وواقع سوق الشغل. وفي ما يتعلق بالحق الصحة، سجلت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، تردي الخدمات الصحية، بما في ذلك خدمات الصحة الجنسية والإنجابية وأحوال المستشفيات العمومية والنقص في الأطر الطبية والصحية واستمرار تفويت الدولة لأصول المستشفيات بكافة جهات المغرب وهو ما سيؤدي إلى المزيد من ضرب الحق في الصحة، واستمرار حرمان أعداد كبيرة من الأطفال من حقهم في التعليم لا سيما بالتعليم الأولي والإعدادي والثانوي التأهيلي وتدهور جودته واستمرار الأمية ومعدلات التكرار ونسبة الانقطاع عن الدراسة المرتفعة، رغم كثرة الخطط والبرامج وضخامة الميزانيات المرصودة، من أجل الحد منها، والنقص في الأطر التربوية والبنيات التحتية، في مقابل المزيد من الامتيازات للتعليم الخصوصي. كما ندد حقوقيو الجمعية، باستمرار الترحيل القسري وهدم العديد من المنازل والسطو والاستيلاء على أراضي الجموع والأراضي السلالية في العديد من مناطق المغرب باسم المنفعة العامة، ثم تفويتها للخواص مقابل ثمن بخس وتعويضات مجحفة، وتشريد سكانها في ظروف لا إنسانية ومهينة وحاطة بالكرامة ودون تمكين الضحايا من أية إمكانية للتوفر على حقهم في السكن اللائق. وبخصوص وضعية النساء، عبرت الهيئة الحقوقية عن قلقها إزاء استمرار مختلف أشكال التمييز ضد المرأة تشريعا وممارسة، واستشراء العنف ضد النساء واستمرار تزويج القاصرات، مدينة بشدة حملات التكفير والتحريض على القتل، عبر وسائل التواصل الاجتماعي وفي المنابر الدينية، ضد مناضلات ومناضلي الحركة النسائية والحقوقية، بسبب دفاعهم عن القيم الكونية لحقوق الإنسان، داعية إلى اتخاذ كل الإجراء ات الإدارية والقضائية لوضع حد لهذا التطرف العنيف وحماية كل المدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان. وارتباطا بملف المهاجرين وطالبي اللجوء بالمغرب، جددت الجمعية رفضها وقلقها من استمرار حرمان المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء بالمغرب، لاسيما الأفارقة من دول جنوب الصحراء، من التمتع بحقوق الإنسان كما هي منصوص عليها في الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، سواء في التشريع أو الممارسة، والتضييق على حق البعض منهم في التنقل والأمن والأمان في عدد من مدن المغرب، ومداهمة قوات الأمن لمخيماتهم واعتقالهم ثم ترحيلهم لمدن أخرى كما حصل بجوار محطة أولاد زيان بالدار البيضاء، حيث كان يقطن مجموعة من المهاجرين الأفارقة من دول جنوب الصحراء.