لم يعد خافيا على أحد الظرفية المائية الصعبة التي يمر منها المغرب، بعد توالي سنوات الجفاف، واستمرار استنزاف المياه الجوفية والسطحية من طرف كبار الفلاحين، وهو ما دفع الحكومة إلى اتخاذ بعض الإجراءات كغلق الحمامات ومحلات غسل السيارات، في محاولة لتقليل الاستهلاك. الإجراءات التي اتخذتها الحكومة، في إطار سعيها لترشيد استغلال الماء، جرت عليها الكثير من الانتقادات، واعتبرتها أصوات من المعارضة أنها ضحك على المغاربة، حيث لجأت الحكومة ل"الحائط القصير" وتركت القطاع الفلاحي المستنزف للمياه دون أي إجراء. وفي هذا الصدد، قال رشيد حموني رئيس الفريق النيابي للتقدم والاشتراكية، اليوم الخميس، خلال ندوة لفرق المعارضة بالبرلمان إن الحكومة تنهج مقاربة فاشلة في تدبير أزمة الماء، حيث تركت القطاع الفلاحي الذي يستهلك 89.3 في المئة من المياه دون إجراءات لترشيد الاستهلاك، ولجأت لإجراءات أخرى كغلق الحمامات، علما أن المناطق الحضرية بكل نشاطاتها لا تستهلك سوى 7 في المئة من المياه، والعالم القروي 2 في المئة. واعتبر حموني أن الحكومة لو اتخذت إجراءين فقط في القطاع الفلاحي، لكانت وفرت نسبة الاستهلاك في المجالين الحضري والقروي كلها، لكنها فضلت الضحك على المغاربة بهذه الإجراءات. وأضاف البرلماني أن المغرب يعرف مناخا شبه جاف، لكننا مستمرون في استنزاف الفرشة المائية، وتصديرها عبر المنتجات الفلاحية للدول الأخرى، علما أن هذه الأخيرة قادرة بدورها على إنتاج "الأفوكا" وكل المنتجات الفلاحية المستنزفة، لكنها لا تفعل حفاظا على ثروتها المائية. نفس الأمر أشارت له عدة أحزاب وجمعيات وخبراء، اجتمعوا على انتقاد السياسة الفلاحية للمغرب، مشيرين إلى أنها الأصل في أزمة الماء التي يمر منها المغرب اليوم، حيث إن الصادرات من المواد الفلاحية المستنزفة للماء لا تزال تحطم الأرقام القياسية، والمغاربة يتهددهم شبح العطش. وفي مقابل ذلك، قال مصطفى بايتاس الناطق الرسمي باسم الحكومة، اليوم الخميس خلال الندوة الصحافية الأسبوعية للحكومة، إنه لا فلاحة بدون ماء، والمياه المخصصة للفلاحة تناقصت في السنوات الأخيرة، لأنه "مابقاش الماء". وانتقد بايتاس ما اعتبره "الاندفاعات السياسية يمينا وشمالا" في موضوع الماء والتي لن تجدي أي نفع، فموضوع الماء يواجه تحديات كبيرة، والتفكير في هذه التحديات يجب أن يكون مبنيا على قراءة واقعية متجردة. وأضاف أن النقاش حول الماء يتطلب التروي، معتبرا أن الحكومة اتخذت إجراءات عاجلة، وأن مسألة الماء الموجه للفلاحة لا ينبغي أن تناقش من زاوية الندرة، بل ينبغي الأخذ بعين الاعتبار حاجة القطاع للماء من أجل تحقيق الإنتاج الوفير والعميم وللحفاظ على فرص الشغل في العالم القروي. واعتبر أنه وبدل نقاش موضوع الماء والفلاحة من زاوية الندرة، يمكن مناقشته من زاوية كيف يمكن أن نوفر الإمكانيات المائية للفلاحة في إطار حلول جديدة، وهو ما تقوم به الحكومة، ففي 2026 سيتم إعداد حوض مسقي في الداخلة بالمياه المعالجة، وهو توجه جديد. وختم بايتاس كلامه بأنه "في نهاية المطاف يجب أن ننتج وأن نوفر الإنتاج بأثمنة معقولة، ونحافظ على فرص الشغل في العالم القروي، وهذه هي التحديات الكبيرة، والحكومة تولي موضوع الماء أهمية كبرى.. لكن لا يجب لهذا الموضوع أن يخرج عن هذا الإطار".