باتت عودة التلاميذ من المدارس دون تلقي دروسهم مشهدا مألوفا بالمدن المغربية، بسبب انخراط الأساتذة في إضرابات وطنية، تجاوزت الشهر، وهو ما خلف غضبا واستنكارا في أوساط الأسر وأولياء الأمور بسبب هدر الزمن المدرسي. وانطلق من جديد، اليوم الثلاثاء، إضراب آخر دعا له التنسيق الوطني للتعليم ونقابات وتنسيقيا أخرى، في إطار الاحتجاج المستمر على النظام الأساسي الجديد، الذي تطالب شغيلة القطاع بإسقاطه. وبالموازاة مع الإضراب، تجددت احتجاجات أولياء التلاميذ عبر وقفات أمام المؤسسات التعليمية، وعبر مسيرات في اتجاه المديريات الإقليمية، فرقها الزمان والمكان، ووحدها مطلب وقف الاحتقان بالقطاع لعودة التلاميذ إلى مكانهم الطبيعي وهو القسم. وشهدت عدة مدن، اليوم، كطنجة وتطوان وقلعة السراغنة وغيرها، على غرار المدن المغربية في الأيام السابقة احتجاجات، رفع خلالها التلاميذ وأولياؤهم لافتات كتب عليها "أين هو مبدأ تكافؤ الفرص؟"، "أين هو التعليم ذو الجودة"، "أنقذوا التعليم العمومي"، "المحفظة ها هي والقراية فيناهي"، و"النظام الأساسي هو نظام المآسي". واستنكر الآباء والأمهات ضياع الموسم الدراسي لأبنائهم، ومنهم من هو مقبل على الامتحانات الإشهادية وعلى رأسها البكالوريا، لكنهم لحدود اليوم يذهبون للمدارس ولا يجدون الأستاذ ولا يتلقون الدروس، متسائلين "في ماذا سيتم امتحان هؤلاء التلاميذ والموسم الدراسي لم ينطلق فعليا بعد؟". وقال المحتجون إن الأسر الفقيرة والهشة هي المستهدفة من هذا الوضع، لكون أبنائها هم الذين يدرسون بالمدارس العمومية بسبب عدم القدرة على تغطية مصاريف المدارس الخصوصية، في حين أن تلاميذ هذه الأخيرة يدرسون بشكل طبيعي، وهو ما اعتبروه استهدافا للمدرسة العمومية وضربا لمبدأ تكافؤ الفرص. وتحت شعار "بغيت ولدي يقرا" نظمت الفيدرالية الوطنية لجمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ بفاس، اليوم الثلاثاء، ندوة صحافية، سجلت فيها التضرر الكبير للتلاميذ جراء ما تعرفه الساحة التعليمية، معربة عن تخوف الأسر من سنة بيضاء، ومن التعثر في النتائج، ومن تراجع مستوى التعلمات. وأكدت الفيدرالية أن المؤسسات فارغة من التلاميذ وأكثرهم بالشارع العام وهي وصمة عار، ودعت القوى الحية وكل المتدخلين إلى العمل على حلحلة هذا الوضع، لضمان استقرار التلاميذ ولتعود الحياة الطبيعية للمدارس. وشدد ذات المصدر على أن وزارة التربية الوطنية مطالبة بتعويض الساعات المهدورة، مؤكدا أن التلاميذ لم يتلقوا ولو درسا واحدا في بعض المواد. ودقت الفيدرالية ناقوس الخطر، مبينة أن 12 ألف مدرسة معطلة، و250 ألف أستاذ مضرب، و600 مليون ساعة دراسية ضاعت، و7 ملايين تلميذ معنيون بهذا الوضع المتردي، والذي ينبغي التدخل اليوم لوقفه وعودة الاستقرار والحياة لمؤسسات التعليم العمومي أسوة بالمدارس الخصوصية. وتخوض الشغيلة التعليمية منذ أسابيع إضرابات وطنية تمتد أيام الثلاثاء والأربعاء والخميس، مع إضرابات جزئية يومي الاثنين والثلاثاء، وذلك رفضا للنظام الأساسي الجديد، وتعرب عن فقدان الثقة في الحوارات الحكومية "المغشوشة"، في الوقت الذي تؤكد فيه الحكوة ووزارة التربية الوطنية استمرار باب الحوار مفتوحا، وقد أعلن رئيس الحكومة عزيز أخنوش أمس الاثنين عن تشكيل لجنة وزارية لمعالجة إشكاليات النظام الأساسي الجديد.