وجه العشرات من كبار الحاخامات في إسرائيل، رسالة لحكومة الاحتلال، يحثونهم فيها على "استهداف المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة باعتبار أن الشريعة اليهودية والأخلاق لا تحرم ذلك"، بناءً على "استخدام نصوص توراتية تحث على إبادة العدو"، وفق تعبيرهم. وبحسب القناة 14 الإسرائيلية فقد وجه عدد من الحاخامات نداء إلى رئيس الوزراء ورؤساء الأجهزة الأمنية وقادة، ذكروا فيه أنه "لا يوجد حظر شرعي وأخلاقي على إيذاء العدو حتى في حالة استخدام المدنيين كدروع". وقرأ المحللون في هذه الفتوى إجازة دينية للجيش الإسرائيلي لقصف "مستشفى الشفاء"، الذي تدعي إسرائيل أن أنفاق المقاومة الفلسطينية تقع تحت بنايته. ويعتبر "مستشفى الشفاء" أكبر مستشفيات قطاع غزة، وتمثل طاقته الإستعابية 40% من الطاقة الاستعابية لمستشفيات غزة، لكن بعد قصف المستشفيات الأخرى أو تعطيلها بالكامل بعد قطع الغاز عنها، بات "مستشفى الشفاء" آخر مستشفى يقدم خدماته في غزة وهو مهدد في كل لحظة بنفاذ الوقود داخله أو بقصفه كما يخطط لذلك نتنياهو وحاخاماته. وفي رسالة صادرة نيابة عن "حملة منتصرون"، أوضح الحاخامات أنه على الرغم من ضرورة تحذير السكان مسبقا، إلا أن "اللوم يقع على عاتق الذين يختبئون خلفهم". وطالب الحاخامات بإطلاق يد الحكومة في العدوان على غزة، بالقول: "إننا ندعم بكل قلوبنا أيدي الجنود والوزراء ليحاربوا بشجاعة وحكمة في حرب الله وينتصروا". واستخدمت الرسالة لغة توراتية تقدم تشريعا للقتل، بالقول: "من الانكسار العظيم والألم الرهيب، سننهض ونتقوى بمعونة الله"، مستخدمة لغة إبادوية، كما جاء في التوراة: "من الضيق الذي ألم بيعقوب جاء الخلاص- ستقوم أمة إسرائيل وسيُضرب أعداؤها بشجاعة، وكما قال داوود ملك إسرائيل: ألاحق أعدائي وأبيدهم ولا أرجع حتى تتم إبادتهم". وجاء في الرسالة التحريضية بحسب ترجمة مواقع فلسطينية محلية: "إن القدوس المبارك صاحب الحروب سيحمي جميع المحاربين والمواطنين من المصائب، وسيعيد المختطفين إلى ديارهم بسلام، ويشق طريقنا إلى النصر الحقيقي، ويطهره الأرض معه. والدعوات بالشفاء التام لجميع الجرحى، والتمنيات بالعزاء". وتم توقيع الرسالة من قبل العشرات من الحاخامات، بما في ذلك حاخامات المدن وقادة المدارس الدينية وحاخامات المجتمع. وسبق لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن استشهد من اقتباسات التوراة في خطاباته، منذ بدء الحرب على قطاع غزة في 7 أكتوبر الجاري. ففي مؤتمر صحفيقال نتنياهو: "أصلي من أجل سلامة جنودنا: عسى الله أن يهزم أمامهم الأعداء الذين قاموا ضدنا! ليخضع أعداءنا لهم، ويكللهم بالخلاص والنصر". كما اقتبس نتنياهو من "سفر التثنية 17:25": "أذكر ما فعله بك عماليق"، في إشارة إلى خروج اليهود من مصر. واستشهاد نتنياهو بقصة العماليق من سفر التكوين بالتوراة، فيها إحالة على ما جاء في ذلك السفر الذي تقول إحدى آياته: "الآن اضربوا العماليق، دمروا تماماً كل ما يملكون لا تفلتوهم، اقتلوا الرجال والنساء، الرضع والمرضعات، العجول والخراف، الجمال والحمير". وصرح نتنياهو، بأن جنود اسرائيل هم جزء من إرث المحاربين اليهود الذي يعود تاريخه إلى 3000 عام منذ عهد يوشع بن نون إلى أبطال حروب 48، و67، و73، وكل حروب إسرائيل، على حد تعبيره، "هدفهم واحد وهو دحر العدو القاتل، وضمان وجودنا في أرضنا"، على حد تعبيره. وفي 25 أكتوبر، قال نتنياهو في خطاب له: "بقوتنا المشتركة، وبإيمان عميق بعدالة قضيتنا وبأبدية إسرائيل، سوف نحقق نبوءة إشعياء 60: 18: "لَنْ يُسمَعَ الظُّلمُ فِي أرْضِكِ فِيمَا بَعْدُ، وَلَنْ يَكُونَ هُنَاكَ خَرَابٌ وَدَمَارٌ ضِمنَ حُدُودِكِ. سَتُسَمِّينَ أسوَارَكِ خَلَاصًا، وَبَوَّابَاتِكِ تَسْبِيحًا". وفي نفس الخطاب قال نتنياهو لتبرير تدمير حركة "حماس": "نحن أبناء النور بينما هم أبناء الظلام وسينتصر النور على الظلام"، في إشارة إلى "نبوءة إشعياء". وتشير هذه الكلمات إلى سفر إشعياء، وهو نص رئيسي من العهد القديم، يتحدث عن سبي الشعب اليهودي إلى بابل وعودتهم، بالإضافة إلى إعادة بناء الهيكل في القدس، وهو حسب غالبية الدراسات الكتابية، عمل جماعي، نصفه تقريبا كتبه النبي إشعياء، ويتكون من 66 فصلا، ويتناول نهاية منفى الشعب اليهودي، وإعادة بناء الهيكل في القدس، ونهاية الزمان. واستمد نتنياهو تشبيهه من مقطع من الفصل التاسع من سفر إشعياء يقول إن "الشعب السالك في الظلمة أبصر نورا عظيما قد أشرق. وعلى سكان أرض الظلمة أشرق نور"، وكأن إسرائيل هي أهل النور الذين يجب أن ينتصروا على أهل الظلام أي فلسطين، في السياق الجيوسياسي الحالي. واعتبر، في خطاب يوم 9 أكتوبر، أن "قيام إسرائيل معجزة ومثال للإيمان والعمل، وجاء في سفر صموئيل: لا تكذب أبدية إسرائيل". وفي خطاب يوم 7 أكتوبر، قال نتنياهو: "تذكروا إنكم تواصلون درب أبطال شعب إسرائيل، من يشوع بن نون، ويهوذا المكابي، وأبطال 5708 (سنة عبرية سبقت حرب 1948)، وجميع حروب إسرائيل".